يكمن اللغز في أعماق “غراند كانيون” أو كما يُعرف بـ”الأخدود العظيم”، في اختفاء غامض في سجل الصخور لفترة زمنية تغطي مليار سنة.
وحيّر “عدم التوافق العظيم” هذا، المجتمع العلمي منذ أن تم وصفه لأول مرة منذ ما يقارب 150 عاما.
وفي دراسة جديدة، حدد الباحثون بقيادة بارا بيك، الجيولوجية من جامعة كولورادو في بولدر، سببا محتملا للصخور المفقودة: تفكك شبه القارة الأرضية القديمة رودينيا منذ نحو 700 مليون سنة.
وكان الاضطراب عنيفا لدرجة أنه ربما أدى إلى غسل الصخور والرواسب في المحيط، ما يغطي مليار عام، في حالة غراند كانيون.
ووصف جون ويسلي باول “عدم التوافق العظيم” لأول مرة خلال رحلة استكشافية بالقارب في عام 1869 على طول نهر كولورادو، والتي نحتت فيها غراند كانيون في أريزونا. وكانت واحدة من أولى السمات الجيولوجية المحيرة الموثقة في أمريكا الشمالية، وفقا للباحثين.
وأكملت بيك وفريقها رحلة استكشافية مثل رحلة باول في ربيع عام 2021 وتم الترحيب بهم بنفس الحدود الصارخة بين طبقات صخور غراند كانيون، والتي يمكن رؤيتها من النهر. في مواقع معينة على طول الوادي، عثر على صخور عمرها من 1.4 إلى 1.8 مليار عام تحت صخور أصغر بكثير عمرها 520 مليون عام، بحسب الباحثين.
وقالت بيك “هناك خطوط جميلة. في الجزء السفلي، يمكنك أن ترى بوضوح شديد أن هناك صخورا تم دفعها معا. طبقاتها عمودية. ثم هناك تقطّع، وفوق ذلك لديك هذه الطبقات الأفقية الجميلة التي تشكل التلال والقمم التي تربطها مع غراند كانيون”.
واستخدمت بيك وفريقها طريقة تسمى علم الزمن الحراري لتتبع تاريخ تسخين الصخور من أجل التعمق في التاريخ الجيولوجي لغراند كانيون.
وعندما يتم دفن الصخور في أعماق الأرض، يؤدي الضغط الهائل فوقها إلى ارتفاع درجة حرارة الصخور. وهذا بدوره، يترك “أثرا” كيميائيا للمعادن في الصخور التي تكشف عن أدلة حول تاريخ التسخين.
اختفاء الصخور
وقامت بيك وفريقها بتحليل عينات من الصخور في جميع أنحاء غراند كانيون واكتشفت أن تاريخ “عدم التوافق العظيم” قد يكون أكثر تعقيدا مما كان يُفترض في البداية. ويقترح الباحثون أن النصفين الشرقي والغربي من الوادي ربما مرا بتغيرات جيولوجية مختلفة على مر العصور.
وقالت بيك: “إنها ليست كتلة واحدة لها نفس تاريخ درجات الحرارة”.
ووفقا للباحثين، حدثت سلسلة من الأحداث الصغيرة عندما تفككت رودينيا، القارة العملاقة التي سبقت بانجيا الأكثر شهرة، منذ نحو 700 مليون سنة. ومن المحتمل أن يكون الصدع العنيف قد مزق الأرض حول الوادي، ما تسبب في انجراف الصخور والرواسب في المحيط.
وفي حين يبدو أن صخرة الطابق السفلي في النصف الغربي من غراند كانيون قد ارتفعت إلى السطح منذ ما يقارب 700 مليون سنة، فإن نفس الحجر في النصف الشرقي مدفون تحت كيلومترات من الرواسب. ويقترح الباحثون أن الاضطرابات ربما تكون قد مزقت النصفين الشرقي والغربي من غراند كانيون بطرق مختلفة وفي أوقات مختلفة قليلا، ما أدى إلى حدوث حالة عدم توافق كبيرة في هذه العملية.
وتساعد نتائج الفريق في تجميع ما حدث خلال هذه الفترة الحرجة لغراند كانيون بالإضافة إلى مواقع أخرى في أمريكا الشمالية شهدت فترات مماثلة من الوقت الضائع.
كما قالت المؤلفة المشاركة في الدراسة ريبيكا فلاورز، وهي أيضا عالمة جيولوجيا من جامعة كولورادو، بولدر: “لدينا طرق تحليلية جديدة في مختبرنا تسمح لنا بفك رموز التاريخ في النافذة الزمنية المفقودة عبر عدم التوافق العظيم، نحن نقوم بذلك في غراند كانيون وفي أماكن أخرى كبيرة غير مطابقة عبر أمريكا الشمالية”.
وتم وصف البحث في دراسة جديدة نُشرت في 12 أغسطس في مجلة Geology.
المصدر: سبيس