لاحظ علماء الفلك وجود شيء ما يقتل المجرات في المناطق الأكثر تطرفا من الكون، حيث يتم إيقاف تشكيل النجوم الخاصة بها.
ولفهم هذه الظاهرة أطلق مشروع بحثي فريد من نوعه سمي تلسكوب “فيرتيكو” (VERTICO)، ويهدف إلى مسح تلك البيئات المتطرفة باستخدام أول أكسيد الكربون، وذلك لتقصي الأسباب الكامنة وراء موت المجرات هناك.
يعمل الفريق -الذي يضم ثلاثين خبيرا فلكيا- على الاستفادة من قاعدة البيانات الناتجة عن مجموعة من أطباق الرصد المشعة التي تم تركبيها على ارتفاع خمسة آلاف متر في صحراء أتاكاما (شمال شيلي) عام 2013، بتكلفة تقدر بـ1.4 مليار دولار.
تساعد هذه البيانات في رسم خريطة لغاز الهيدروجين الجزيئي بدقة عالية لتجمع مجرات العذراء الهائل، الذي يعد أقرب مجموعة مجرات لنا، ويبعد نحو خمسين مليون سنة ضوئية عن الأرض، كما أنه في طور التكوين الآن.
تجدر الإشارة إلى أن مشروع “فيرتيكو” هو نتاج شراكة دولية بين أوروبا والولايات المتحدة وكندا واليابان وكوريا الجنوبية وتايوان وشيلي. وهو أكبر مشروع فلكي قائم حتى الآن، حيث يعد التلسكوب الأكثر تطورا من حيث طول الأمواج الصادرة عنه.
ولهذا يعد فيرتيكو مثاليا لدراسة سحب الغاز البارد الكثيف الذي تتشكل منه النجوم الجديدة، والتي لا يمكن رؤيتها باستخدام الضوء المرئي.
وصمّم هذا البرنامج لمعالجة المشكلات العلمية الإستراتيجية الفلكية التي يرجح أنها ستسفر عن تقدم كبير في هذا المجال.
تسريع حركة المجرات
تعد البيئة التي تتواجد فيها المجرات، وآلية تفاعلها مع الوسط المحيط بها من مجرات أخرى، من العوامل الرئيسية التي تتسبب في حياة واستمرارية المجرات أو موتها من خلال تأثيرها على تكوين النجوم.
وتنتشر مجموعات المجرات في أطراف سحيقة من الكون، حيث تحتوي على مئات أو حتى آلاف المجرات، وعندما يكون لدينا كتلة، فهذا يعني وجود ثقل وقوى جاذبية ضخمة في مجموعات المجرات تلك، والتي تعمل بدورها على تسريع حركة المجرات إلى سرعات كبيرة جدا تصل في كثير من الأحيان إلى آلاف الكيلومترات في الثانية، مما يؤدي إلى تسخين البلازما بين المجرات إلى درجات حرارة عالية جدا، حيث تتوهج بالأشعة السينية.
ويرجح أن تفاعلات المجرات في المناطق البينية العميقة فيما بينها وبين محيطها يؤدي إلى قتل تلك المجرات ومنع تكوين النجوم؛ وبهذا يركز فريق فيرتيكو على فهم الآلية التي يتم بها إخماد عملية تشكيل النجوم.
دورة حياة المجرات
موت المجرة يعني أن تفقد الغاز الذي يعد الوقود الأساسي في تكوين النجوم، وبهذا تتحول إلى جسم ميت لا تتشكل فيه نجوم جديدة. أضف إلى ذلك أن ارتفاع درجة حرارة مجموعات المجرات إلى حد كبير يمكن أن يؤدي إلى إيقاف تبريد الغاز الساخن وتكثيفه على المجرات؛ في هذه الحالة لا تتم إزالة الغاز الموجود في المجرة، ولكن يتم استهلاكه لأنه يشكل نجوما. وتؤدي هذه العملية إلى إبطاء عملية تشكيل النجوم ومن ثم إيقافها كليا.
وتختلف هذه العملية من مجرة إلى أخرى، إلا أن كلا منها تؤثر بشكل ما على محتوى غاز النجوم الذري؛ ولهذا يهدف فريق فيرتيكو إلى تكوين صورة متكاملة عن هذه الآثار المتغيرة بتغير المجرة، حتى يتمكن من فهم علاقة بيئة المجرة بدورة حياتها.
المصدر : الجزيرة