يشكل تغير المناخ كارثة تهدد العالم بالفيضانات والحرائق والجفاف وتكاليف مالية كبيرة لمواجهة ذلك، إلا أن ارتفاع درجة الحرارة تحول إلى فرصة اقتصادية كبيرة لإحدى المدن الروسية بالمحيط المتجمد الشمالي.
وينقل تقرير من صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية أن “بيفيك”، وهي مدينة ساحلية صغيرة في أقصى شمال روسيا، بدأت تستفيد من ارتفاع درجة الحرارة لتحريك عجلة الاقتصاد، حيث تم بناء ميناء جديد ومحطة جديدة لتوليد الكهرباء، وأعيد تعبيد الطرق.
ومع ارتفاع درجة الحرارة، توسعت الأراضي الصالحة للزراعة، وبدأ المزارعون زرع الذرة وذلك لم يكن ممكنا في السابق بسبب الطقس البارد، كما انتعش الصيد البحري في مياه المحيط المتجمد بعدما توفرت فيه الأسماك.
وتقول الصحيفة إن ارتفاع درجة الحرارة فتح الباب لمشاريع التعدين والطاقة، وقد يسمح بنشاط الشحن على مدار السنة مع حاويات “جليدية” مصممة خصيصا، مما يوفر بديلا لقناة السويس عبر طريق الشمال الروسي.
وفي الوقت الذي تعد سياسة الكرملين تجاه تغير المناخ متناقضة. بدأت مجموعة من الشركات تدعمها الحكومة، خطة لاستثمار 735 مليار روبل، أو حوالي 10 مليارات دولار، على مدى خمس سنوات لتطوير الممر الشمالي الشرقي، وهو ممر ملاحي بين المحيط الهادئ والمحيط الأطلسي يسميه الروس طريق البحر الشمالي، لجذب الشحن البحري بين آسيا وأوروبا الذي يعبر الآن قناة السويس.
وكلما انحسر الجليد، ظهرت الفرص للمشاريع الاقتصادية، وقال باحثون في المركز الوطني لبيانات الثلوج والجليد ومقره كولورادو، العام الماضي، إن الحد الأدنى لحزمة الجليد في فصل الصيف في المحيط المتجمد الشمالي أقل بنحو الثلث من المتوسط في الثمانينيات.
وعانت بيفيك في السابق من فشل المشاريع التجارية، وانخفض عدد سكانها، لكن الاحتباس الحراري أعاد لها الحياة من جديد، وارتفع عدد السكان بنحو 1500 شخص.
لكن هذه السياسة تلقى انتقادات، وتنقل الصحيفة عن ماريسول مادوكس، محللة شؤون القطب الشمالي في مركز وودرو ويلسون الدولي للباحثين في واشنطن، “إن روسيا تتحدث عن مزايا نهج التكيف مع تغير المناخ الذي تتبعه لأنها تريد تحقيق الإمكانات التجارية لمواردها من الوقود الأحفوري”.
وقالت إنه بالنسبة لروسيا “تشير الأدلة إلى أن المخاطر تفوق بكثير الفوائد، بغض النظر عن مدى تفاؤل لغة الحكومة الروسية”.
وكان الرئيس الروسي، فلادمير بوتين، أعلن في منتصف أكتوبر أن روسيا، إحدى الدول الأكثر تلويثا في العالم، تريد الوصول إلى حيادية الكربون بحلول العام 2060.
وتهدف موسكو إلى خفض انبعاثاتها بحوالى 80% بحلول العام 2050 لا سيما عبر التخلي تدريجيا عن الفحم كمصدر للكهرباء واستبداله أكثر بالطاقة النووية بين مصادر أخرى.