أعلن فريق بحثي تابع لوكالة الفضاء والطيران الأميركية (ناسا) أن التلسكوب “هابل” حقق رقما قياسيا جديدا بالتقاط صورة لأبعد نجم مكتشف في الكون إلى الآن، ويقع على مسافة حوالي 13 مليار سنة ضوئية، بفارق قدره 4 مليارات من السنوات مقارنة بسابقه الذي تصدر هذه القائمة في عام 2018.
وتعد السنة الضوئية معيارا لقياس المسافات بين الأجرام السماوية، وتشير إلى المسافة التي يمكن أن يقطعها الضوء في سنة، والتي تساوي حوالي 9.5 تريليون كيلومتر.
عدسة خاصة جدا
وبحسب الدراسة، التي نشرها الفريق في دورية “نيتشر” (Nature) يوم 30 مارس/ آذار الماضي، فقد تم هذا الاكتشاف بناء على البيانات التي تم جمعها برنامج “ريليكس” (RELICS) التابع للتلسكوب هابل بقيادة دان كو الباحث في معهد علوم تلسكوب الفضاء في بالتيمور، بالولايات المتحدة الأميركية.
يعمل الباحثون في هذا البرنامج على دراسة ظاهرة تسمى “عدسة الجاذبية” (Gravitational lens)، ولفهم الفكرة دعنا نُحضر عدسة محدبة وننظر من خلالها، سوف نرى الأشياء في الخلفية مشوهة بعض الشيء، وبصورة أكبر. يحدث ذلك لأن الضوء يمر خلال أطراف العدسة وينحني ناحيتنا بطريقة تُكبّر ما في خلفيتها.
بالنسبة لعلم الكونيات فإن الشيء ذاته يحدث، حيث تتوقع النظرية النسبية العامة لألبرت آينشتاين أن شعاع الضوء ينحني بتأثير وجود المجرات وتجمعاتها في الفضاء، ولذلك فإن ما يقع في خلفيتها يظهر لنا مكبرا ومشوها، بالضبط كما يحدث مع العدسة، لذلك سميت تلك الظاهرة بـ “عدسة الجاذبية”.
نجم الصباح ومستقبل علم الفلك
في حالة النجم المكتشف حديثا، والذي سمي “إيرندل” (Earendel) وتعني نجم الصباح في الإنجليزية القديمة، فإن عدسة الجاذبية قد كبرت المجرة التي تحتويه وشوهت شكلها، لتصبح في شكل قوس ضخم، ظهر النجم كأحد النقاط عليه.
وبحسب الدراسة الجديدة، فقد قدّر الباحثون كتلة إيرندل بحوالي 50 مرة من كتلة الشمس، مما يجعله واحدا من أكبر النجوم التي نعرفها، مع لمعان يساوي ملايين الأضعاف قدر الشمس.
لكن الأهم من ذلك كله، بحسب بيان أصدرته وكالة ناسا، هو أن تركيبة النجوم في مثل هذا الوقت المبكر من تاريخ الكون، ستكون لا شك مختلفة عن تركيب النجوم المعاصرة، وبالتالي فإن دراسة إيرندل، وما يشبهه من النجوم البعيدة جدا عنا، هي فرصة ذهبية لفهم تطور النجوم، والمجرات بالتبعية، خلال مليارات السنين.
بالإضافة إلى ذلك، فإن دراسة هذه النجوم تعطي العلماء فرصة لتحقيق فهم أعمق لتاريخ الكون حول لحظة الانفجار العظيم، فقد وُجد إيرندل بعده بحوالي 800 مليون سنة فقط، وهي فترة قصيرة بالمعايير الفلكية.
لهذه الأسباب، يأمل الباحثون أن تكون إحدى مهام التلسكوبات الجديدة، الأكبر والأدق، مثل جيمس ويب، هي دراسة نجوم مثل إيرندل وجمع كم أكبر من البيانات عنها.
المصدر: ناسا – الجزيرة نت