يسعى العلماء إلى فهم تأثيرات الجاذبية الصغرى على جسم الإنسان والذي يعد أمرا ضروريا لتمكين رواد الفضاء من السفر إلى بيئة الفضاء القاسية لأشهر أو حتى سنوات.
ودرس العلماء التغييرات في الهيكل العظمي والجهاز العضلي على مدى عقود. لكن لا يزال أمامهم الكثير لتعلمه، بما في ذلك كيف يؤثر الوقت الذي يقضيه البشر في الفضاء على العينين والدماغ.
ونشر موقع “phys.org” دراسة حديثة كشفت أنه حتى خلال رحلة قصيرة لا تتجاوز أسبوعين، تحدث تغيرات في الرؤية لنحو ثلث رواد الفضاء الأميركيين. وعندما تكون الرحلة أطول – من أربعة إلى ستة أشهر، على سبيل المثال- فقد يتضاعف هذا المؤشر.
وعلى الأرض، تدفع الجاذبية حجم الدم الطبيعي للجسم إلى أسفل الخاصرة. ويقوم القلب بإجباره على العودة إلى المناطق فوق الخاصرة، بما في ذلك أعيننا. ولكن يدرس العلماء ما الذي يحدث لهذه الكمية من الدم والسوائل الأخرى عندما لا تتمكن الجاذبية من سحبها إلى الأسفل.
ويتمتع جسم الإنسان بقدرة مذهلة على التكيف. وتلاحظ المستشعرات الموجودة في الجزء العلوي من الجسم عند تلقي الكثير من السوائل، لذلك سيقلل الجسم من حجم الدم الإجمالي في الجاذبية الصغرى.
ومع ذلك، فإن هذه الاستجابة لا تتصدى دائما لهذه التغيرات في السوائل. ويمكن رؤية ذلك في بعض الأحيان في الصور أو مقاطع الفيديو لرواد الفضاء على متن المحطة الفضائية. وإذا بدت وجوههم منتفخة، فقد يشير ذلك إلى وجود الكثير من السوائل في رؤوسهم.
ويعمل الباحثون البصريون على فهم أفضل ما إذا كانت السوائل التي تتجه نحو الرأس أثناء رحلات الفضاء تتسبب في تغيير شكل العين، أو إذا كان السائل يتراكم في مؤخرة العين. وتستخدم تقنية التصوير، التي تسمى “التصوير المقطعي بالتماسك البصري”، كاميرا خاصة لالتقاط صور لمؤخرة العين ما يساعد الباحثين على فهم تأثيرات تراكم السوائل المتزايد في الأنسجة هناك بشكل أفضل.
ويقول الدكتور ستيفن لوري هو العالم الرئيسي لبحوث متلازمة العين العصبية المرتبطة بالرحلة الفضائية: “لقد عرفنا منذ أن حلّق رواد الفضاء في مهمات مكوك فضاء قصيرة المدة أن الرؤية تتغير أثناء رحلات الفضاء بشكل أسرع مما كان متوقعا خلال نفس الفترة الزمنية على الأرض”.
ويتابع قائلا: “مع ذلك، بمجرد أن بدأنا نرى تورما في مؤخرة العين المحيطة بالعصب البصري، أصبح هذا الأمر أكثر إثارة للقلق لأنه من المحتمل أن يؤدي إلى تغييرات طويلة الأمد في الرؤية لا يمكن إصلاحها باستخدام العدسات الطبية الجديدة”.
ويكمن التحدي الآخر للعلماء في أن رواد الفضاء قد لا يتوافقون مع نهج علاج واحد يناسب الجميع.
وفي حين أن جميع رواد الفضاء يعانون من انعدام الوزن المزمن، يظهر نحو 70% منهم العلامات المبكرة لتراكم السوائل في الجزء الخلفي من العين، ويظهر 15% فقط المزيد من العلامات المقلقة لذلك.
وعند عودتهم إلى جاذبية الأرض، يمكن أن تستغرق هذه التغييرات ما يصل إلى عام لحلها، مع عدم عودة بعض التغييرات التي تطرأ على العين تماما إلى ما كانت عليه قبل رحلات الفضاء. وتأثر كل من الرجال والنساء، في واحدة من العينين أو في كلتا العينين.