أظهرت دراسة جديدة أن البشر لم ينظروا إلى الدجاج في البدء كمصدر للغذاء، بل رأوا هذه الطيور ككائنات غريبة، وقاموا بتكريمها وحتى عبادتها من قبل بعض الثقافات القديمة.
فقد أشارت الدراسة الصادرة عن جامعة كامبردج البريطانية إلى أن الدجاجات المستأنسة الأولى لم تكن الطيور الضخمة سريعة النمو مثل اليوم.
بل كان حجمها حوالي ثلث حجم الدجاج الحديث، ومن الممكن أنها جذبت البشر في البداية نظرا لألوانها الفريدة وضوضاءها المميزة، فاعتقدوا أنها كائنات غامضة ومثيرة بدلا من كونها وجبات محتملة.
في الواقع، مرت حوالي 500 سنة بين الوقت الذي وصل فيه الدجاج لأول مرة إلى أوروبا، والوقت الذي بدأ فيه استخدامه على نطاق واسع للطعام.
قال المؤلف المشارك في الدراسة غريغر لارسون، مدير شبكة أبحاث علم الأحياء القديمة وعلم الآثار الحيوية بجامعة أكسفورد في إنجلترا: “الدجاج، في البداية، كان شيئا مذهلا”.
فكما يسارع الناس اليوم لامتلاك ما يمتلكه المشاهير، كان الجميع قبل آلاف السنين يريدون امتلاك دجاجة.
وقبل البدء بتدجين الدجاج، تعرف البشر على أسلافها البرية، وهو طائر الأدغال الأحمر المعروف باسم “غالوس غالوس”، والذي عاش في جنوب شرق آسيا لا سيما في غابات الخيزران الكثيفة حيث كان يأكل الفاكهة والبذور.
لكن القصة عن تحول طيور الغابة هذه إلى واحدة من أكثر الأطعمة شعبية على وجه الأرض لها أصول غامضة.
وقد أظهرت دراسات حديثة أن الانسان بدأ بتدجين الدجاج في وقت أقرب بكثير مما اقترحته التقديرات السابقة.
ومن المحتمل أن “العلاقة” بين البشر والدجاج عمرها حوالي 3500 عام فقط.
فبحلول عام 1500 قبل الميلاد، بدأ الناس في جنوب شرق آسيا بزراعة الأرز والزوان، وهي عملية تطلبت إزالة مناطق الغابات لاستبدالها بحقول الحبوب.
هذا الأمر جذب طائر الأدغال الأحمر، وربما وجد الناس أن هذه الطيور الملونة محببة للغاية… وأوضح لارسون: “من السهل جدا تربيتها، وهي جميلة جدا بألوانها”.
وانتقلت عادة تربية الدجاج (وليس أكلها) من وسط وجنوب آسيا إلى الشرق الأوسط عبر طريق الحرير. ووصلت إلى أوروبا حوالي العام 500 قبل الميلاد.
ومن المثير للاهتمام، أن العديد من الهياكل العظمية للدجاج التي وجدت في أوروبا ما بين عام 50 قبل الميلاد حتى عام 100 ميلادي، ارتبطت بالمدافن: غالبًا ما كان يتم دفن الرجال مع الديوك، والنساء مع الدجاجات، “ومن المرجح أن تكون هذه الدواجن تحمل قيمة مهمة للأشخاص لكي يدفنوا معها”.
فكيف انتقلت للأطباق؟
أما تحول الدجاج من طائر غريب ومبجل إلى مصدر للطعام فقد حدث على الأرجح مع صعود الإمبراطورية الرومانية في أوروبا، حيث اشتهر أكل البيض كوجبة خفيفة.
ويرجح لاريسون أن تواجد الدجاج بكثرة في محيط البشر طيلة هذه الفترة دفعهم لإعادة “تقييم علاقتهم به والتفكير بشكل عملي أكثر اتجاهه”.
المصدر: “مونت كارلو”