لكل كائن حي دور مهم في النظام البيئي وفي الشبكات الغذائية، وإذا ما حدث خلل ما في أعداد تلك الكائنات وتعرضت للانقراض، فسوف تتدهور النظم البيئية. وقد أثبتت الدراسات أن أكثر من 60% من الحيوانات آكلات اللحوم الضخمة مهددة بخطر الانقراض.
وشهد كوكب الأرض 5 حوادث انقراض جماعي سابقة، حدث آخرها منذ 65.5 مليون سنة وأدت إلى انقراض الديناصورات. ويعتقد الخبراء الآن أننا في خضم الانقراض الجماعي السادس.
وعلى عكس أحداث الانقراض السابقة التي سببتها الظواهر الطبيعية، فإن الانقراض الجماعي السادس سببه النشاط البشري بشكل أساسي، خاصة ذلك الذي تجلى في تغير المناخ وإزالة الغابات والصيد الجائر.
التعايش مع البشر
غير أن دراسة حديثة أجراها باحثون من جامعة كوينزلاند Queensland University الأسترالية كشفت أن بعض الحيوانات الضخمة في قارة آسيا قاومت التعرض للانقراض منذ 12 ألف عام من خلال التعايش جنبا إلى جنب مع البشر، وقد نُشرت نتائج الدراسة في دورية “ساينس أدفانسز” Science Advances.
وللوصول للنتائج، بحث العلماء في سجلات الحفريات لمقارنة التوزيع التاريخي لأكبر 14 نوعا من الحيوانات آكلة اللحوم في 10 غابات استوائية في جنوب شرق آسيا، ووقع اختيار الباحثين لهذه المنطقة من العالم لأنها من أكثر المواقع التي تعرضت إلى إزالة الغابات والصيد الجائر، والأهم أن بها أعلى نسبة من الحيوانات الضخمة المهددة بالانقراض على مستوى العالم.
وقال زكاري أمير -الباحث الأول في الدراسة- في البيان الصحفي الذي نشره موقع “فيز دوت أورغ” phys.org يوم 21 أكتوبر/تشرين الأول الماضي “لقد وجدنا أن أعداد النمور والفيلة الآسيوية والخنازير البرية ازدادت في المناطق القريبة من البشر، مما يعني أنه في ظل الظروف المناسبة يمكن لبعض الحيوانات الكبيرة أن تعيش قرب البشر وتتجنب خطر التعرض للانقراض”.
نتائج إيجابية وأخرى سلبية
سابقا، كان الاعتقاد السائد أن سبب انقراض الحيوانات هو قربها من البشر بسبب استهداف الصيادين لها، لكن على العكس في حالة النمور والفيلة والخنازير البرية، فإن أعدادها كبيرة في قارة آسيا.
ويعتقد أمير أن ارتفاع أعدادها يعود إلى القرارات الصارمة التي فرضتها الحكومات ضد الصيد الجائر للحيوانات في المتنزهات الوطنية التي يزورها السائحون بشكل متكرر.
مثلا، وجد الباحثون في محمية بوكيت تيماه الطبيعية في سنغافورة أن نوعين من الحيوانات الكبيرة، وهما غزلان الصامبر والخنازير البرية، ازدهرت حياتهم البرية بعد القضاء على الصيد الجائر.
من جهة أخرى، وجدت الدراسة أن عمليات إزالة الغابات لا تزال تؤثر على أعداد الحيوانات. وقال الدكتور ماثيو لوسكين -المشرف العام على الدراسة- “لاحظنا انخفاضا شديدا في أعداد حيوانات التابيرات ووحيد القرن السومطري ودب الشمس والغوار وبعض الحيوانات الكبيرة الأخرى”.
وشرح الدكتور لوسكين قائلا “إن أهم ما يميز هذا البحث هو التحقيق بشكل منهجي في أعداد الحيوانات البرية المختلفة في جنوب شرق آسيا، ومن اللافت للنظر أننا لم نجد غابات تمتلك حاليا مجموعة الحيوانات البرية نفسها مقارنة بآلاف السنين”.
أمل للحياة البرية
علق لوسكين على نتائج الدراسة قائلا إنها “توفر أملا للحياة البرية في الغابات التي كانت متدهورة للغاية سابقا أو تقع قرب المدن، ونحن الآن بصدد اكتشاف إستراتيجيات جديدة للمحافظة على تلك الغابات، وتشكيل مستقبل الطبيعة”.
ويقول أمير “من حسن الحظ أننا وجدنا أن مجموعة أكبر من الحيوانات يمكن أن تتعايش مع البشر، وأنه إذا اتحد البشر وبذلوا جهدا في حماية الغابات الكبيرة والحد من الصيد الجائر للحيوانات، فقد نرى آثارا إيجابية في جميع أنحاء العالم”.
المصدر: “فيز دوت أورغ” – الجزيرة نت