كشف جديد يشير إلى احتمالية وجود نشاط بركاني على سطح المريخ
عززت الهزات التي رُصدت في أعماق المريخ التكهنات حول احتمالية النشاط البركاني على الكوكب الأحمر من “ممكنة الحدوث” إلى “من المرجح حدوثها”.
بعد دراسة مجموعة من الزلازل رصدتها مركبة إنسايت InSight التابعة لناسا، خلص الباحثون إلى أن المهل المنصهرة ربما ما تزال موجودة تحت قشرة المريخ، ما يعني أن سطح المريخ ما يزال يتشكل بواسطة البراكين حتى يومنا هذا.
ويعد هذا الدليل الأحدث من سلسلة الأدلة التي تشير إلى استمرار النشاط البركاني على المريخ بعد فترة طويلة من افتراض انتهائه.
قد تكون لهذا آثار في فهمنا لجيولوجية الكوكب، وحتى في البحث عن الحياة التي يعتقد العلماء أنها قد تكون كامنةً تحت سطح المريخ. إلى وقت قريب نسبيًا، افترض العلماء أن القليل كان يحدث داخل أعماق جارنا الأحمر الصغير.
ليس للمريخ مجال مغناطيسي كوكبي يُذكر، ونظرًا لأن المجال المغناطيسي ينتج عن النشاط الداخلي، فإن عدم وجوده يشير إلى غياب ذلك النشاط.
ولكن بعد ذلك أرسلت ناسا مركبة إنسايت، المجهزة بأجهزة حساسة لرصد الزلازل، واكتشفنا أن المريخ يهدر بنشاط زلزالي وهو نشاط قوي مذهل في بعض الحالات.
حتى الآن، رصدت إنسايت أكثر من 1300 زلزال، ما غيّر فهمنا للديناميكية الجيولوجية للمريخ إلى الأبد.
ربما تكشف هذه الزلازل الكثير عن بنية المريخ الداخلية ونشاطه، وقد أجرى فريق من علماء الجيوفيزياء بقيادة سيمون ستالر من المعهد الفيدرالي للتكنولوجيا في زيورخ في سويسرا مؤخرًا دراسة دقيقة لمجموعة مؤلفة من عشرين زلزالًا حديثًا لتحقيق فهم أفضل لما يحدث في باطن المريخ.
وجد الفريق أن البيانات تشير إلى أن معظم الفوالق الموزعة على سطح المريخ بأكمله ليست نشطة زلزاليًا. والمذهل أن مجموعة الزلازل تلك يعود منشؤها إلى منطقة تسمى Cerberus Fossae المكونة من بنيات انخسافية graben – حيث تسبب النشاط التكتوني في فتح الصدوع، ما أدى إلى انزلاق كتل من القشرة بين الجدران المتوازية للصدوع.
وجد الفريق أن التردد المنخفض للموجات الزلزالية العميقة قد يشير إلى منطقة منشأ دافئة تقع على بعد حوالي 30 إلى 50 كيلومترًا تحت السطح، وهذا يتوافق مع حالة المهل المنصهرة، وبالتالي نشاط بركاني مستمر في وقتنا الحاضر. إضافة إلى ذلك، يبدو أن الزلازل ذات التردد العالي تحدث على طول أجنحة انخساف Cerberus graben Fossae. وتمثل هذه الزلازل مجتمعةً على الأقل نصف النشاط الزلزالي الموجود على المريخ كاملًا.
بعد ذلك، قارن الفريق بياناتهم بصور الرصد لـ Cerberus Fossae ووجدوا رواسب من الغبار الداكن منتشرة في اتجاهات متعددة من شق يسمى وحدة Cerberus Fossae Mantling. هذا ما حُدد العام الماضي دليلًا على النشاط البركاني الأخير على المريخ.
يقول ستالر: «يعد لون الغبار الداكن دليلًا جيولوجيًا لنشاط بركاني أحدث، ربما خلال السنوات الـ 50000 الماضية، وهو حديث نسبيًا من الناحية الجيولوجية».
يضيف: «من المحتمل أن ما نراه هو البقايا الأخيرة لهذه المنطقة البركانية التي كانت نشطة ذات يوم أو أن الصهارة الآن تتحرك شرقًا إلى الموقع التالي للثوران».
يُظهر فهمنا المتزايد للمريخ التغير الكبير الذي طرأ عليه على مدار 4.5 مليار عام.
تشير طبقات الصخور الرسوبية ووجود الفلزات المائية إلى أن المريخ كان مغمورًا بالمياه السائلة، ما يعني أنه كان مكانًا أكثر قابلية للحياة.
قد يساعدنا اكتشاف كيفية تغير المريخ على تحقيق فهم أفضل لكوكبنا الذي يشبهه ويختلف عنه كثيرًا في الوقت نفسه. وله أيضًا آثار على البحث عن الحياة في المجرة الأوسع: ستعطي معرفة العوامل التي تحدد القابلية للسكن من عدمها معلومات مهمة لتقييم إمكانية سكن الكواكب الخارجية المحتملة.
وهناك أيضًا التساؤل المستمر حول الحياة على المريخ، إذ يظن العلماء أن بحيرات الماء السائل قد تكون موجودة تحت السطح، وقد لا تكون كذلك أيضًا، ولكنها إن وجدت، فإنها تتطلب نوعًا من مصادر التدفئة للحفاظ على درجة حرارة مناسبة، ووجود المهل من شأنه أن يؤمن ذلك.
لذا فإن إمكانية وجود مركز لزج للمريخ هي بالتأكيد مثيرة للاهتمام، ويبدو أن Cerberus Fossae هو المكان المناسب لفهمه.
كتب الباحثون: «لم يُؤكد حتى الآن وجود أي بنية تكتونية نشطة زلزاليًا أخرى في نصف الكرة المريخية حيث توجد مركبة إنسايت، ومؤخرًا فقط، اكتشفت مركبة إنسايت زلازل كبيرة في الجانب البعيد في مقاطعة ثارسيس الجنوبية».
ويضيفون: «نظرًا لعدم وجود زلازل متوضعة بوضوح على حواف التجاعيد أو منحدرات الفصوص، التي تعد بنيات تقلصية، لذلك تقدم Cerberus Fossae نظرة ثاقبة فريدة على تكتونيات المريخ كلها».
المصدر: ساينس أليرت – ترجمة: ibelieveinsci