تتكيف أسلاف فيلة الماموث سريعًا مع ظروف المناخ البارد. وأثبتت دراسة علماء الأحفوريات الروس والأجانب بنية الحمض النووي لأقدم حيوانات الماموث على الأرض أن أسلاف الفيلة العمالقة في العصر الجليدي قادرة على التكيف السريع مع المناخ البارد.
وقد كانت لدى الماموث كل السمات اللازمة للعيش في المناخ البارد القاسي، مثل الفراء الكثيف والدهون السميكة والآذان الصغيرة.
وقد درس علماء الأحفوريات الروس والأجانب بنية الحمض النووي لأقدم حيوانات الماموث على الأرض فوجدوا أن أسلاف الفيلة العمالقة في العصر الجليدي أي منذ 600 إلى 700 ألف سنة كان لديها شعر كثيف وطبقة سميكة من الدهون وآذان صغيرة. وقال العلماء في مجلة Current Biology إن ذلك يشير إلى التكيف السريع لهذه الثدييات مع المناخ البارد.
ونقلت الخدمة الصحفية في المجلة عن الأستاذ في جامعة ستوكهولم، لاف دالين قوله: “سمح لنا جينوم الماموث الذي عثر عليه في شبه جزيرة تشوكوتكا في شمال شرق روسيا والمسمى (تشوكوتشسا) بعزل مجموعة من الجينات التي غيّرت بنيتها، مقارنة بجينات أخرى مع تطور أسلافها. وجدنا أنه خلال حياة (تشوكوتشا)، كان لدى حيوانات الماموث القديم 91.7٪ من الطفرات التي أصبحت مميزة لأحفادها اللاحقة”.
يذكر أن فيل الماموث كان أحد أكبر الحيوانات الضخمة التي عاشت في أوراسيا وأمريكا الشمالية في العصر الجليدي الأخير. وكانت أعدادها كبيرة جدا منذ 50 ألف عام فقط ، ومع ذلك، سرعان ما اختفت تلك الحيوانات منذ حوالي 15– 20 ألف عام، عندما بدأت الأنهار الجليدية في الانسحاب. ولا تزال الأسباب الدقيقة لانقراضها محل نقاش بين العلماء.
ويحاول الباحثون الآن تلقي إجابة على هذا السؤال أثناء دراسة الحمض النووي الأحفوري للماموث القديم. ومنذ عامين، تمكن فريق العلماء بقيادة من البروفيسور دالين من حل شفرة أجزاء الحمض النووي الأقدم لفيلة الماموث (تشوكتشي) و( كريستوفكا) و( أديتشا) المدفونة في التربة الصقيعية منذ 600-700 ألف عام.
واستخدم البروفيسور دالين وزملاؤه ، بمن فيهم علماء الحفريات الروس من موسكو وماغادان وبطرسبرغ، هذه النتائج لدراسة التاريخ الجيني لتطور الماموث. للقيام بذلك قارن العلماء بين مجموعات الطفرات الصغيرة الموجودة في جينوم الماموث (تشوكوتشي)، الذي حُفظ الحمض النووي الخاص به جيدا، بالإضافة إلى 20 من فيل الماموث القديمة الأخرى التي عاشت في سيبيريا منذ حوالي 50-100 ألف عام من جهة، و30 فيلا أفريقيا وآسيويا من جهة أخرى.
وفرز العلماء أكثر من 58 مليون متغير مختلف في بنية الجينوم لجميع ثدييات الفيلة المدروسة، الأمر الذي جعل من الممكن اكتشاف مجموعة من حوالي 3000 جين، تختلف بنيتها إلى حد بعيد بين الماموث والفيلة الحديثة. والأهم من ذلك كله، أثرت هذه التغييرات على 32 منطقة من مناطق الحمض النووي المرتبطة بعملية التمثيل الغذائي ونمو الشعر والمناعة والأنسجة الدهنية والحساسية للبرد وبنية الجسم.
بالإضافة إلى ذلك، فإن حوالي 91.7٪ من الطفرات الموجودة في مناطق الحمض النووي هذه في جينوم فيلة الماموث موجودة أيضا في جينوم ماموث (تشوكوتشي) المعاد بناؤه. وهذا يعني أن الماموث الأول على الأرض كانت لديه تقريبا جميع السمات الرئيسية اللازمة للعيش في المناخ البارد، بما في ذلك الشعر الكثيف، والدهون السميكة والأذنان الصغيرتان وغيرها من السمات المميزة.
المصدر: تاس