قال خبير عسكري إسرائيلي إن “تقييماتنا العسكرية تجاه حزب الله خاطئة، بشأن عدم رغبته بالحرب”، مدعيا أن الحزب بات معنيا ببدء اشتباكات محدودة على غرار جولات التصعيد في قطاع غزة.
وأضاف الخبير تال ليف- رام في مقال نشرته صحيفة “معاريف”، وترجمته صحيفة “عربي21″، أن “إيران داعمة حزب الله الرئيسية، مرت بعام صعب، بسبب تبعات كورونا وتعمق الأزمة الاجتماعية والاقتصادية، واشتداد العقوبات الأمريكية، إلى جانب تشكيل اغتيال قاسم سليماني ومحسن فخري زاده، ضربة معنوية وعملياتية شديدة”.
وتابع: “بجانب كل هذه المعطيات، يواصل سلاح الجو الإسرائيلي نشاطاته العسكرية، من خلال الاستمرار في الإضرار بأهداف إيران ومصالحها في سوريا ومناطق أخرى في الشرق الأوسط، دون أن تنجح إيران وحليفها حزب الله في القيام بعملية انتقامية واحدة”.
وأوضح أنه “بجانب الهجمات الإسرائيلية المتواصلة في الأنشطة العملياتية، فإن هناك ما تعتبره المنظومة العسكرية الإسرائيلية إحراجا استراتيجيا كبيرًا، لأن إيران تنهي هذا العام الصعب، لكنها ما زالت تقف على قدميها، وبعيدة جدا عن رفع الراية البيضاء، بل تواصل التقدم في مشروعها النووي، وتواصل جهودها لترسيخ نفسها في المنطقة، وتسليح محور المقاومة”.
المعركة بين الحروب
وتطرق إلى الاستراتيجية المسماة “المعركة بين الحروب”، مؤكدا أنها “تبطئ وتيرة تقدم الخصم في حشد القوة العسكرية، لكنها لا تكبحها بالكامل، ما قد توصل إلى نقطة قرار استراتيجي لإسرائيل هذا العام”.
وأردف قائلا: “استمرار فعاليتها في الصيغة الحالية سيتم اختباره، عندما يكون أحد الأسئلة الرئيسية على جدول الأعمال، ومفادها: إلى أي مدى يمكن تكثيف النشاط العدواني الإسرائيلي، دون الوصول إلى حرب في المنطقة”.
وكشف النقاب عن أن “الجيش الإسرائيلي لديه اعتقاد بأن حزب الله لديه عشرات الصواريخ الدقيقة التي تهدد إسرائيل، وفي العام الماضي أحرز تقدما في هذه القضية، صحيح أن استمرار العمليات الهجومية الإسرائيلية في سوريا، أو العمليات السرية التي يتم تنفيذها في مناطق أخرى من الشرق الأوسط تعيق مواصلة الحزب لتكثيف قدراته العسكرية، لكنها لن توقف استمراره بهذا الاتجاه”.
وأكد أنه “في نهاية المطاف، وفي واقع التطور التكنولوجي اليوم، سيكون لدى حزب الله أسلحة محددة تشكل تهديدا عسكريا استراتيجيا كبيرا لأمن إسرائيل، ومع تقدم الحزب في هذا المشروع الصاروخي، ستزداد معضلة صناع القرار الإسرائيلي، خاصة بالعمل والهجوم على الأراضي اللبنانية أيضا، على افتراض أن مهاجمة القوات الجوية الإسرائيلية ضد المواقع التي يخزن فيها حزب الله، أو يطور صواريخ دقيقة، ستؤدي إلى الحرب”.
وأضاف أنه “لسنوات عديدة، انطلقت إسرائيل من تصور مفاده أنه في مواجهة تصاعد العدو، وبغض النظر عن التهديد النووي الإيراني، فإنها لن تخوض حربا وقائية، وتؤمن المؤسسة العسكرية الإسرائيلية في الوقت الحالي بأن رد الجيش على تهديد الصواريخ الدقيقة، هجوميا ودفاعيا، لا يبرر الذهاب للحرب، لكن هذه المعضلة ستكون في قلب المناقشات في القيادة الإسرائيلية في السنوات المقبلة”.
وأكد أنه “رغم أن الجيش الإسرائيلي يمارس ضغطه، فهو لا ينوي مغادرة المنطقة، أو وقف شحنات الأسلحة لحزب الله والميليشيات الإيرانية، والأشهر الأخيرة التي تكثف فيها إيران جهودها في هذا المجال تثبت ذلك، والمؤسسة العسكرية تدرك جيداً أنه بدون تدخل سياسي دولي من روسيا والولايات المتحدة، وهذا ليس في الأفق، فإن المواجهة من المتوقع أن تتصاعد فقط، بينما إسرائيل بهذه الأثناء تزيد من حجم الهجمات في سوريا”.
التوترات العسكرية
وأشار إلى أن “الجيش يقدر أن التوترات العسكرية متوقعة على طول الحدود اللبنانية، ورغم أن معظم النشاط في استراتيجية “المعركة بين الحروب” يحدث في سوريا، إلا أن فرص الاشتباك العسكري مع حزب الله أعلى من أي قطاع جغرافي، وتدرك إسرائيل أن تغييرا استراتيجيا يشهده الحزب، الذي فشل بمحاولته للوفاء بمعادلة حسن نصر الله، وبموجبها سيتم قتل جندي إسرائيلي أمام كل عنصر من الحزب يقتل في سوريا”.
وأوضح أن “التقديرات الإسرائيلية تتحدث عن أن الحزب يستعد لأيام محدودة من القتال، ربما على غرار جولات التصعيد المألوفة في قطاع غزة، وقد يتطور يوم المعركة هذا بعد إسقاط ناجح لطائرة بدون طيار، أو إطلاق قذائف هاون على إسرائيل، ردا على حادثة وقعت في سوريا، والعديد من السيناريوهات المحتملة الأخرى”.
وأكد أنه “على عكس ما حدث بالسنوات الأخيرة، حيث لم تؤثر الاشتباكات بين الجيش والحزب على روتين مستوطني الشمال، فإن جولات التصعيد التالية قد تتخذ مسارا مختلفا لا تقبله إسرائيل، وإذا تحقق هذا السيناريو، فسيكون لإسرائيل فشلا استراتيجيا مدويًا، ما لم يدفع الحزب ثمن أي عمل عنيف بأثمان باهظة للغاية، بما في ذلك الأضرار التي لحقت بمشروعه الصاروخي الدقيق، وإلحاق أضرار بالعديد من المواقع الأخرى”.
وأشار إلى أن “إسرائيل تنظر للحزب على أنه غير مهتم بالحرب معها، لكن الافتراض بأنه مستعد لخوض أيام عديدة من القتال، ما يمثل تحديا لإسرائيل، ولا يتوافق مع هذا التقييم، لأنه بعد حرب لبنان الثانية 2006، يدرك نصر الله جيدا أنه من الصعب، بل شبه المستحيل، السيطرة على ارتفاع ألسنة اللهب بعد وقوع حادث خطير على الحدود، لذلك هناك تناقض معين في هذا التقدير الإسرائيلي”.
وختم بالقول إنه “ما لم يعتقد الحزب أنه حتى في تطور جولات التصعيد في الشمال، فإن إسرائيل سترد بضبط النفس كما تفعل في قطاع غزة، حتى لا تنحدر إلى الحرب، ولذلك فإنها ترسل بالفعل رسالة للحزب مفادها أنه يلعب بالنار، لكن الجيش الإسرائيلي سيختبر إذا تحقق مثل هذا السيناريو”.