تعطلت خدمة الإنترنت في كوريا الشمالية بشكل “شبه كامل” بعد أن نجح قرصان إلكتروني أمريكي بمفرده في شلِّ المواقع الإلكترونية التي تديرها الحكومة وتسبب في تعطيل حركة البريد الإلكتروني في البلاد، في حادثة يبدو عليها سمات “الانتقام الشخصي”.
وبحسب صحيفة The Times البريطانية الجمعة 4 فبراير/شباط 2022، فإن القرصان الإلكتروني المستقل، الذي عُرف باسم P4x، شنَّ هجمات إلكترونية أُطلق عليها “الحرمان الموزَّع من الخدمة”، تمكنت من تعطيل خدمة الإنترنت بفيضٍ كثيف من البيانات المرسلة والمتسلمة عبر حركة المرور.
تقول التقارير إن تأثير الهجمات استمر أسبوعين على معظم المواقع الرسمية القليلة في كوريا الشمالية، ومنها موقع شركة الطيران الحكومية “كوريو” Air Koryo، وموقع “نينارا” Naenara الحكومي المتخصص في الأخبار والدعاية للنظام الحاكم.
كان بعض الخبراء المعنيين بمراقبة الإنترنت في كوريا الشمالية اشتبهوا سابقاً في أن تكون حكومات غربية هي التي شنَّت هذه الهجمات رداً على سلسلة التجارب الصاروخية الأخيرة التي أجرتها بيونغ يانغ.
لكن مجلة Wired الأمريكية كشفت أن المسؤول عن الهجمات “رجل أمريكي جلس في غرفة معيشته ليلة تلو أخرى يرتدي قميصاً وبنطال بيجامة وخُفِّه المنزلي، ويشاهد أفلاماً من فئة الخيال العلمي والرعب، ويأكل الذرة الحارة، ويسير إلى مكتبه بين الحين والآخر ليلقي نظرة على التقدم المحرز في البرامج التي أشرف من خلالها على تعطيل لخدمة الإنترنت في بلد بأكمله”.
القرصان يبرر فعلته
يُذكر أن كوريا الشمالية تأتي ضمن أقل دول العالم من جهة الاتصال الرقمي. ومع أن عدداً كبيراً من الأشخاص تمكنوا في السنوات الأخيرة من الوصول إلى شبكة “إنترنت” محلية من المواقع المرتبطة، فإنهم ظلوا معزولين عن شبكة الويب العالمية، ولا يستطيع المستخدمون تصفُّح أي شيء إلا ما تسمح به الحكومة.
حيث لا يسمح إلا لعدد قليل من المسؤولين والأكاديميين الموثوق بهم بالوصول إلى شبكة الإنترنت العالمية، وقلة من مواقع الويب الكورية الشمالية المتصلة بها، وهؤلاء هم من تمكَّن القرصان الإلكتروني P4x من اختراق أجهزتهم، مستعيناً كما قال بتحديد نقاط الضعف في أنظمة التشغيل القديمة في كوريا الشمالية واستغلالها.
من جانبه، قال القرصان الأمريكي إنه فعل ذلك انتقاماً من هجوم إلكتروني تعرَّض له أثناء محاولة كورية شمالية فاشلة منذ أكثر من عام لاختراق شبكته الشخصية والسعي لإتاحة بياناته للقرصنة الإلكترونية، ومع أنه أبلغ مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي بالواقعة، فإن السلطات الأمريكية تجاهلته، على حد ما قاله.
رداً على ذلك، أنشأ P4x موقعاً إلكترونياً على شبكة “الإنترنت المظلم” وسماه مشروع FUNK، لتجنيد قراصنة آخرين في حملته. وجاء في البيان التأسيسي لمشروع FUNK: “هذا مشروع للرد على كوريا الشمالية”.
وأضاف البيان: “يمكن لشخص واحد أن يصنع فارقاً. والهدف هو تنفيذ هجمات مكافئة وجمع المعلومات من أجل منع كوريا الشمالية من اختراق العالم الغربي دون رادع”.
وأخبر القرصان الأمريكي مجلة Wired: “شعرت أن ذلك هو الشيء الصحيح الذي يجدر بنا فعله. إذا لم يروا أن لدينا قوة ندافع بها عن أنفسنا، فإن هجماتهم ستستمر. أريدهم أن يفهموا أنهم إذا أتوا إلينا، فإن بنيتهم التحتية ستعاني لبعض الوقت”.
كانت تقارير للأمم المتحدة أشارت إلى أن قراصنة كوريين شماليين شنّوا هجمات على مؤسسات مالية وخدمات لتبادل العملات المشفرة في 35 دولة على الأقل، وبلغت أرباحهم من ذلك نحو 2 مليار دولار.
كانت أشد هذه الهجمات وطأة هو محاولة تضمنت بعض النجاح لسرقة مليار دولار من البنك المركزي في بنغلاديش في عام 2016.
وقتئذ، شنَّت مجموعة غامضة عُرفت باسم لازاروس هجوم “واناكراي” الإلكتروني في عام 2017، والذي طالت تأثيراته نحو 300 ألف جهاز كمبيوتر في 150 دولة في جميع أنحاء العالم، وتضمن ذلك أجهزة الكمبيوتر الخاصة بهيئة الخدمات الصحية البريطانية.
وكالات