الرئيسية » مفاعل نووي حراري يسجل رقماً عالمياً جديداً في مجال الطاقة

مفاعل نووي حراري يسجل رقماً عالمياً جديداً في مجال الطاقة

حقق العلماء الذين كانوا يعملون في المفاعل النووي الحراري (JET) في عام 1991 اختراقا مهما في مسألة التحكم بالطاقة المتحررة أثناء اندماج ونشوء نوى العناصر الكيميائية.

وتحصل مثل هذه العمليات في الشمس، حيث بنتيجتها تتحرر كمية هائلة من الطاقة. ولهذا يحاول العلماء كبح هذه العملية للحصول على “بطارية دائمة الشحنة”.

وفي عام 1997 تمكن العلماء من الحصول على طاقة متحررة من مفاعل Joint European Torus (JET) مقدارها 22 ميغاجول.

وبعد مضي 25 عاما سجل علماء مفاعل JET الذي هو من نوع توكاماك tokamak رقما قياسيا عالميا جديدا.

تسخن البلازما في هذا النوع من المفاعلات النووية الحرارية إلى ملايين الدرجات وتخزن في حجرة المفاعل فترة زمنية كافية لاندماج ذرات الهيدروجين (ذرات الهيدروجين أو الديوتيريوم) مع بعضها لتكوين ذرات الهيليوم وانبعاث كمية الطاقة التي يحتاجها العلماء.

ولكن للانتقال إلى المفاعل النووي الحراري التجريبي الدولي ITER وهو مفاعل توكاماك يعادل ارتفاعه مبنى من سبعة طوابق، يبنى حاليا في جنوب فرنسا، يجب أن يكون الباحثون على استعداد للعمل في الظروف التي تنشأ فيه.

وسوف يستخدم العلماء في هذا المفاعل خليط من الديوتيريوم والتريتيوم بنسبة 50:50 لإنتاج 500 ميغاواط من الطاقة من 50 ميغاواط اللازمة لتسخين البلازما. وهذا يعني زيادة إنتاج الطاقة بمقدار عشرة أضعاف.

وقد سمحت التعديلات والتحديثات التي أجراها الباحثون في مفاعل JET بالحصول على 59 ميغاجول خلال خمس ثواني من عمل المفاعل، وهذا أعلى من الرقم القياسي السابق بأكثر من الضعف.

ويقول توني دونيه، رئيس برنامج EUROfusion، “بما أننا تمكنا من الاستمرار في الاندماج الحراري خمس ثواني، فإننا نتمكن من الاستمرار خمس دقائق أيضا وبعدها خمس ساعات، ما يزيد من إمكانية العمل على الأجهزة المستقبلية”.

اقرأ أيضاً: الصين تطوّر مفاعل نووي فضائي يفوق قدرة نظيره الأمريكي بـ 100 ضعف

أعلن فريق من الباحثين الصينيين، الاثنين، الانتهاء من تطوير نموذج أولي لمفاعل نووي قوي لبرنامج الفضاء الصيني، تفوق قدرته على توليد الكهرباء نظيره الأمريكي، الذي تخطط “ناسا” لتثبيته على سطح القمر بحلول عام 2030، بـ 100 ضعف.

تم إطلاق المشروع بتمويل من الحكومة المركزية الصينية في عام 2019، على الرغم من عدم الكشف عن التفاصيل الفنية وموعد الإطلاق، فقد تم الانتهاء مؤخرًا من التصميم الهندسي للنموذج الأولي وتم تصنيع بعض المكونات الهامة للمفاعل، حسبما ذكرت صحيفة “atomic-energy”.

تحديات تواجه المشروع

بالنسبة للصين، هذا مشروع طموح يواجه تحديات غير مسبوقة، الجهاز النووي الوحيد المعروف للجمهور الذي أرسلته الصين إلى الفضاء هو بطارية مشعة صغيرة “Yuytu 2″، وهي أول مركبة تهبط على الجانب البعيد من القمر في عام 2019. ويمكنها توليد كمية بسيطة فقط من الطاقة لمساعدة العربة الجوالة على سطح القمر.

وفقًا للباحثين الصينيين، لن يكون الوقود التقليدي والألواح الشمسية كافيين لتلبية الاحتياجات البشرية لاستكشاف الفضاء، والتي من المتوقع أن تتوسع بشكل كبير، وتفكر الصين بجدية في تأمين احتياجات الطاقة مستقبلا على سطح القمر، حيث ستكون المستوطنات البشرية على القمر أو المريخ ضمن الخطة المستقبلية.

وقال أحد الباحثين في الأكاديمية الصينية للعلوم، الذي طلب عدم ذكر اسمه لأنه غير مخول بالتحدث للصحافة: “تعد تقنية التبريد أحد التحديات الرئيسية لمفاعل الفضاء الصيني، سيتم استخدام جزء فقط من الحرارة الناتجة عن المفاعل لتوليد الكهرباء، ويجب تبديد الباقي بسرعة في الفضاء لتجنب أي آثار جانبية غير محسوبة”.

لمعالجة هذه المشكلة، سيستخدم المفاعل هيكلًا قابلًا للطي مثل مظلة لزيادة مساحة السطح الإجمالية لمشعات الحرارة إلى الفضاء.

سيعمل المفاعل الفضائي في درجات حرارة أعلى بكثير من درجة حرارة الأرض (ربما تصل إلى 2000 درجة مئوية في اللب)، سيستخدم الليثيوم السائل كناقل للحرارة لزيادة كفاءة توليد الطاقة. ولكن عند درجات حرارة أقل من 180 درجة مئوية، يصبح الليثيوم صلبًا، وهي عقبة أخرى يجب على الفريق الصيني التغلب عليها.

ليس المشروع النووي الأول في الفضاء

وهذه ليست المرة الأولى التي تستخدم فيها الطاقة النووية في مجال الفضاء، فالطاقة النووية تُستخدم لإستكشاف الفضاء منذ عقود، بحسب شركة “روساتوم” عملاق الطاقة النووية الروسية.

تم تركيب التكنولوجيا والتقنيات النووية لأول مرة على مركبة فضائية في عام 1965. وتستخدم المفاعلات النووية في الوقت الحاضر عندما لا يمكن الحصول على الكمية المطلوبة من الطاقة بوسائل آخرى مثل الألواح الشمسية أو مصادر الطاقة الذرية. فعلى سبيل المثال، الخلايا الشمسية ليست كافية لمشاريع واسعة النطاق مثل استكشاف القمر أو إرسال مهمة مأهولة إلى المريخ، ولذلك ستكون هناك حاجة إلى منشآت الطاقة النووية.

وفقًا للتقديرات الأخيرة التي أجرتها مراكز الأبحاث المختلفة، فإن استخدام الطاقة الذرية في الرحلات الفضائية لمسافات طويلة سيوفر الموارد المالية ويقلل من وقت الرحلات الاستكشافية بين الكواكب. حيث ستكون الرحلة إلى المريخ بإستخدام محرك نووي أقصر بثلاث مرات مقارنة بتلك التي تَستخدم المحركات النفاثة ذات الوقود الكيميائي التقليدي.

وسيكون من الممكن الوصول إلى حدود النظام الشمسي ليس في غضون 10 سنوات، ولكن في غضون 3 سنوات فقط.

إلى جانب ذلك، يمكن استخدام منشآت الطاقة النووية ليس فقط كمصدر للكهرباء على كاسحات الحطام الفضائي والمجسات ومركبات الإنزال والمركبات المُستكشِفة في المهمات التي غادرت مدار الأرض، ولكن أيضًا كطاقة حرارية لدعم حياة الإنسان وأنشطة الإنتاج على قواعد خارج كوكب الأرض.