الرئيسية » الكشف عن سبب وجود الفقاعات الغامضة والضخمة في مجرة درب التبانة

الكشف عن سبب وجود الفقاعات الغامضة والضخمة في مجرة درب التبانة

في عام 2020، التقط تلسكوب الأشعة السينية eRosita صورا لفقاعتين هائلتين تمتدان لآلاف السنوات الضوئية فوق وتحت مركز مجرتنا ​​درب التبانة.

ويطلق على الفقاعتين Fermi وeROSITA، ويعتقد علماء الفلك أنها ناتجة عن نشاط الثقب الأسود الهائل في مركز مجرة ​​درب التبانة، “منطقة الرامي أ” (Sagittarius A*)، ونظرا لأن مجموعة واحدة من الفقاعات أكبر بكثير من الأخرى، فليس من الواضح ما إذا وقع إنتاجها في الوقت نفسه، أو عن طريق أحداث منفصلة.

ومنذ ذلك الحين، ناقش علماء الفلك أصل هذه الفقاعات. والآن، تشير دراسة شملت بحثا من جامعة ميتشيغان، إلى أن الفقاعات هي نتيجة لنفث قوي من النشاط من الثقب الأسود الهائل في مركز مجرة ​​درب التبانة.

وأضاف العلماء في الورقة البحثية التي نُشرت في مجلة Nature Astronomy، أن النفاثات التي وقع تحديدها بدأت في قذف المواد منذ نحو 2.6 مليون سنة، واستمرت نحو 100 ألف عام.

واكتشفت فقاعات Fermi في عام 2010، المليئة بالغاز الساخن والمجالات المغناطيسية التي تنبعث منها أشعة غاما، وتمتد 29354 سنة ضوئية فوق وتحت مركز المجرة، بحجم إجمالي يبلغ 18 كيلو فرسخ. ولديها أيضا نظير ميكروي، يشار إليه بضباب الموجات الميكروية.

وتشير نتائج الفريق إلى أن فقاعات Fermi وضباب الموجات الميكروية – ضباب من الجسيمات المشحونة تقريبا في مركز المجرة – تشكلت من نفس تدفق الطاقة من الثقب الأسود الهائل.

وتمتد فقاعات eROSITA، التي تنبعث منها الأشعة السينية، نحو 45661 سنة ضوئية في أي اتجاه من مركز المجرة، بإجمالي 28 كيلو فرسخ. وبهذا الحجم، تبتلع فقاعات Fermi بالكامل.

ومع ذلك، حتى قبل اكتشاف المدى الكامل لفقاعات eROSITA، بالتفصيل في ورقة بحثية عام 2020، اعتقد العلماء أنه من المحتمل أن تكون ناتجة عن نفس الانفجار.

ومجموعتا الفقاعات هذه لها أشكال متشابهة بشكل ملحوظ، ما يشير إلى أنها متصلة بطريقة ما.

ونظرا لأن الفقاعات تنبعث من مركز المجرة، ولأن فقاعات مماثلة شوهدت في مجرات أخرى، يبدو من المحتمل أن فقاعات Fermi وeROSITA مرتبطة بـ”منطقة الرامي أ”، بدلا من فترة ازدياد تشكّل النجوم، في ما يعرف بالتفجر النجمي.

واستخدم فريق من علماء الفلك بقيادة سيانغ يي كارن يانغ من جامعة تسينغ هوا الوطنية في تايوان، محاكاة عددية لتضييق نطاق نشاط الثقب الأسود الهائل الذي يمكن أن ينتج الفقاعات كما نراها.

وكان هناك نموذجان لتفسير هذه الفقاعات. يشير الأول إلى أن التدفق الخارج مدفوعا بانفجار نجمي نووي، حيث ينفجر نجم في مستعر أعظم ويطرد المواد. ويشير النموذج الثاني، الذي تدعمه نتائج الفريق، إلى أن هذه التدفقات الخارجة مدفوعة بالطاقة من ثقب أسود هائل في مركز مجرتنا.

ويشار إلى أن “منطقة الرامي أ” هادئة جدا الآن، ولا تصنف على أنها نواة مجرة ​​نشطة، إنما هي ثقب أسود مجري فائق الكتلة يتغذى على مادة من سحابة ضخمة حوله. وهذه عملية فوضوية، مع أنواع مختلفة من التدفقات الخارجة.

وافترضت المحاكاة التي أجرتها يانغ وفريقها بالتعاون مع علماء من جامعة ميشيغان وجامعة ويسكونسن، أن “منطقة الرامي أ” كانت نشطة منذ نحو 2.6 مليون سنة، حيث أطلقت نفاثات في الفضاء لما يقارب 100 ألف عام.

وهذه الافتراضات أعادت إنتاج مجموعات من الفقاعات بدقة تشبه إلى حد بعيد فقاعات Fermi وeROSITA المرصودة.

ووجد الفريق أن التباين الكبير في الضغط بين النفاثات والغاز المحيط للوسط النجمي تتسبب في تمدد النفاثات إلى زوج من “الفقاعات”، على غرار الفقاعات الراديوية التي لوحظت في مجموعات المجرات.

وأشار الفريق: “في الوقت الحاضر، نمت الفقاعات ووصلت إلى ارتفاع نحو 7.5 كيلو فرسخ من مستوى المجرة. وتتفاعل إلكترونات الأشعة الكونية داخل الفقاعات التي انتقلت من مركز المجرة مع مجال الإشعاع بين النجوم وتتألق في أشعة غاما كفقاعات Fermi المرصودة”.

وتابعوا: “دفع نفس حقن الطاقة من الثقب الأسود وتمدد الفقاعة اللاحق الغاز داخل هالة المجرة بعيدا بسرعات تفوق سرعة الصوت، مشكلا صدمة انتشار خارجية. وفي مقدمة الصدمة، تسبب ضغط الغاز في زيادة كثافة الغاز، ما ينتج عنه انبعاث حراري محسن في نطاق الأشعة السينية الذي يتجلى في شكل فقاعات eROSITA”.

وكتب الفريق: “ستكشف التحقيقات المستقبلية تأثير هذه التغذية المرتدة النشطة على تاريخ تطور مجرتنا درب التبانة، وكيف يتناسب هذا الحدث مع الصورة الأوسع للتطور المشترك بين الثقب الأسود والمجرة في الكون”.

المصدر: ساينس ألرت