تقدم صورة صدرت حديثا من قمر صناعي للمريخ لمحة عن الماضي المعقد للعالم الجاف والمليء بالغبار الآن.
ومن أعلى سطح المريخ، تدور تجربة التصوير عالي الدقة (HiRISE) في منطقة دانيلسون كريتر، شمال خط استواء المريخ. وهذه المنطقة مثيرة للاهتمام بشكل كبير لجيولوجيي الفضاء بسبب الرواسب الطبقية التي تبطن الحفرة.
ويمكن العثور على الرواسب ذات الطبقات في جميع أنحاء المريخ، لكن دانيلسون كريتر تحتوي على بعض من أكثرها روعة وأفضلها حفظا. والأكثر إثارة للإعجاب، أنها تبدو متباعدة بشكل متساو، مع مستويات مختلفة من التآكل، وطبقات أقوى تشكل خطوات، مع طبقات من مادة أضعف بداخلها.
ويعني تساوي هذه الطبقات أنه لا يمكن إنشاؤها بواسطة عمليات عشوائية، مثل أحداث التأثير. وبدلا من ذلك، يعتقد العلماء أن عملية منتظمة ومتكررة أدت إلى ترسيب الطبقات.
HiRISE 10K: Layering in Danielson Crater
This image shows a classic example of Martian sedimentary rock in Danielson Crater. The many layers of rock are regularly spaced, forming steps. (Click/tap link for full cutout.)https://t.co/uf0zRhRbbH
NASA/JPL/UArizona#Mars #science pic.twitter.com/woI4qr9xgG— HiRISE: Beautiful Mars (NASA) (@HiRISE) March 10, 2022
وأوضحت مدونة ناسا في عام 2019: “تشكلت الصخور منذ ملايين أو مليارات السنين عندما استقرت الرواسب السائبة في الحفرة، طبقة واحدة في كل مرة، وتم ترسيخها لاحقا في مكانها. والاختلافات الدورية في خصائص الرواسب جعلت بعض الطبقات أكثر مقاومة للتآكل من غيرها. وبعد دهور، تبرز هذه الطبقات الأكثر صرامة إلى الخارج مثل درجات السلم. وعبر هذه الخطوات، تشتت الرياح الرمال، ما يؤدي إلى ظهور أنماط تشبه خطوط الحمار الوحشي”.
وعلى النطاق الصغير، توجد مناطق كبيرة من الصخور شديدة التصدع. ودرس العلماء هذه الكسور وقرروا أنه نظرا لأن القطع تتناسب تماما مع بعضها البعض، فقد حدث هذا بعد أن تحولت الرواسب بالفعل إلى صخور.
ومن غير الواضح بالضبط كيف تشكلت الرواسب، لكن من الممكن أن تكون الودائع على فترات زمنية سنوية، أو حتى لفترة أطول.
واقترح بعض العلماء أن العملية الدورية قد تكون نتيجة تغير المناخ المرتبط بالتغيرات المدارية للمريخ. وتشير دراسة أخرى إلى أن ارتفاع منسوب المياه الجوفية قد يكون مسؤولا.
وهناك الكثير من صخور المريخ الرائعة التي يحبها علماء جيولوجيا الكواكب لإلقاء نظرة شخصية عليها. وفي الوقت نفسه، تساعد المدارات المزودة بكاميرات مذهلة، مثل HiRISE، في الكشف عن تاريخ المريخ الرائع.
المصدر: ساينس ألرت
اقرأ أيضاً: علماء يكتشفون وجودا قديما للمياه في “أرض العرب” على المريخ
ندرس المريخ منذ بضعة عقود، وفي هذه المرحلة لدينا تراكم ضخم من البيانات، لقد بدأنا في دراسته بمستويات يمكن مقارنتها بالطرق التي تمكننا من دراسة الأرض
وفي سياق الدراسات التي يجريها العلماء لفهم أفضل البيئات القديمة على سطح المريخ، ولمعرفة ما إذا كانت هناك ظروف مناخية مناسبة للحياة في الكوكب الأحمر اكتشف العلماء من جامعة أريزونا الشمالية (Northern Arizona University) وجامعة جونز هوبكنز بولاية ميريلاند (Johns Hopkins University) أن الماء كان موجودا ولفترة وجيزة في منطقة من المريخ تسمى أرض العرب.
وتقع هذه المنطقة في خطوط العرض الشمالية للمريخ، وتقدر مساحتها بحوالي 4500 كيلومتر مربع في أقصى مداها، وذلك بحسب دراستهم المنشورة في دورية جيولوجي (Geology).
أرض العرب على المريخ
وفقا للبيان الصادر من جامعة أريزونا الشمالية، فإن هناك منطقة في المريخ أطلق عليها عالم الفلك الإيطالي جيوفاني شياباريلي في عام 1879م اسم “أريبيا تيرا” (Arabia Terra)، وهي عبارة لاتينية تعني “أرض العرب أو الأرض العربية”.
وتتميز هذه المنطقة بالبياض، أي وجود بقع بيضاء فيها والتي تتراوح بين الفاتح والداكن وتشبه الميزات الطبيعية لشبه الجزيرة العربية، حيث إنها تحتوي على حفر وبحيرات بركانية، منها ما تعرف بالفوهات ذات القواعد (pedestal crater)، والتي تشكل جرفا شديد الانحدار.
كما تحتوي تضاريس هذه المنطقة على أودية وشرائط صخرية تشبه طبقات الصخور الرسوبية الصحراوية الملونة أو الأراضي الوعرة. وبحسب المعلومات الواردة من الدراسات السابقة، فإن هذه التضاريس تحمي المواد الخام الموجودة تحتها من التآكل.
كما تتألف التلال والأكوام المتشكلة على سطح المنطقة من طبقات متراكمة، ويعتقد أن سبب تشكل هذه الطبقات هو الفورات البركانية أو الرياح أو ترسبات المياه الجوفية.
صخور أرض العرب في المريخ
كانت طبقات الصخور في منطقة أرض العرب على المريخ وكيفية تشكلها محورا للدراسة التي حملت عنوان “سجل هش للمياه العابرة على سطح المريخ” من قبل برنامج تحليل بيانات المريخ التابع لوكالة ناسا.
وقال آري كوبيل الباحث المشارك في الدراسة من جامعة أريزونا الشمالية “كنا مهتمين على وجه التحديد باستخدام الصخور على سطح المريخ لفهم أفضل للبيئات الماضية منذ 3 إلى 4 مليارات سنة، وما إذا كانت هناك ظروف مناخية مناسبة للحياة على سطح المريخ”.
ويقول بيان الجامعة إنه من أجل الحصول على فهم أفضل لما حدث لتكوين طبقات الصخور ركز العلماء على القصور الذاتي الحراري الذي يحدد قدرة المادة على تغيير درجة الحرارة، حيث تكتسب الرمال ذات الجزيئات الصغيرة والسائبة الحرارة وتفقدها بسرعة، فيما تظل الصخرة الصلبة دافئة لفترة طويلة بعد حلول الظلام.
ومن خلال النظر إلى درجات حرارة السطح تمكن الباحثون من تحديد الخصائص الفيزيائية للصخور في منطقة الدراسة، مما يمكنهم من معرفة ما إذا كانت المادة فضفاضة وتتآكل عندما بدت وكأنها صلبة.
من ناحية أخرى، قال الأستاذ المساعد كريستوفر إدواردز من قسم علم الفلك وعلوم الكواكب بجامعة أريزونا الشمالية “لم يقم أحد بإجراء تحقيق متعمق في القصور الذاتي الحراري لهذه الرواسب المثيرة للاهتمام والتي تغطي جزءا كبيرا من سطح المريخ”.
استكمال البحث ونتائج التحليل
ومن أجل إكمال هذه الدراسة والتحقيق في القصور الذاتي الحراري للرواسب استخدم الفريق العلمي أدوات الاستشعار عن بعد في الأقمار الصناعية.
وفي هذا الصدد، قال كوبيل إنهم نظروا إلى الصخور لمحاولة التعرف على البيئات الماضية على المريخ تماما مثلما يفعل الجيولوجيون على الأرض، وقد اعتمدوا بشكل كبير على بيانات الأقمار الصناعية، حيث إن هناك عددا قليلا من الأقمار الصناعية التي تدور حول المريخ، وكل منها يستضيف مجموعة من الأدوات، وتلعب كل أداة دورها الخاص في مساعدة العلماء على وصف الصخور الموجودة على السطح.
ويقول بيان الجامعة إن عملية البحث والتحليل تمت من خلال استخدام هذه البيانات التي تم جمعها عن بعد، حيث نظر الباحثون في القصور الذاتي الحراري، بالإضافة إلى دليل على التآكل، وحالة الحفر، وماهية المعادن الموجودة.
ويقول كوبيل “اكتشفنا أن هذه الرواسب أقل تماسكا بكثير مما كان يعتقده الجميع سابقا، وأن سطح المريخ كان قد احتوى على الماء لفترة وجيزة فقط، ولكن هذا يولد الاعتقاد لدينا بأن هناك فرصة لوجود الحياة في المريخ”.
كما أن ذلك بالنسبة لنا مثير ويطرح بعض الأسئلة المثيرة، منها: ما هي الشروط التي يمكن أن تسمح بوجود الماء لفترة وجيزة؟ وهل يمكن أن تكون هناك أنهار جليدية ذابت بسرعة مع اندلاع فيضانات ضخمة؟ وهل يمكن أن يكون هناك نظام للمياه الجوفية تسربت من الأرض لفترة وجيزة فقط لتغرق مرة أخرى؟
ويختتم كوبيل تعليقه قائلا “ندرس المريخ منذ بضعة عقود، وفي هذه المرحلة لدينا تراكم ضخم من البيانات، لقد بدأنا في دراسته بمستويات يمكن مقارنتها بالطرق التي تمكننا من دراسة الأرض بها، وهو حقا وقت مثير لعلوم المريخ”.
المصدر: ترجمات