لم تعد الكويكبات مجرد أجسام صخرية صغيرة تطفو في الفضاء، بل أصبحت فرصا اقتصادية جديدة وأماكن استراتيجية لاستكشافها. وتكاد تكون الموارد في الكويكبات غير نهائية.
ومن أجل ذلك فنحن على وشك أن نشهد ثورة صناعية كاملة في الفضاء، فضلا عن أنها قد تتحوّل إلى مكان يعيش عليه الناس.
يسلط فيلم “مناجم فضائية” -الذي بثته الجزيرة الوثائقية- الضوء على الكويكبات التي يتكون معظمها من المعادن كالحديد أو النيكل، أو المعادن الثمينة كالذهب والبلاتين، إلا أن المادة الأثمن هي أبسط العناصر؛ وهي الماء، إذ سنتمكن في المستقبل القريب من اتخاذ الكويكبات محطات لتزويد المركبات الفضائية بالوقود خلال رحلتها إلى الفضاء العميق، باستخدام وقود مصنوع من الماء.
وقد أصبح الفضاء في الأعوام الأخيرة محط اهتمام كبير، ليس فقط للقطاع الحكومي بقيادة وكالات الفضاء الوطنية، بل للقطاع الخاص كذلك، مما أحدث ثورة صناعية غير مسبوقة، إذ تملك شركات عدة خططا لاستكشاف الكويكبات واستخدام مواردها. معظم هذه الشركات موجودة في الولايات المتحدة، إلا أن دولة صغيرة في قلب أوروبا تلعب دورا كبيرا في هذا المجال الصاعد؛ وهي لوكسمبورغ، لذا فإن حجمها في الفضاء أكبر منه على الأرض.
كويكبات الفضاء.. موارد الطاقة الكيميائية التي لا تنضب
يُعتقد وجود شبه كبير بين موجة حمى الذهب التي حدثت في القرن الـ19 غرب الولايات المتحدة واقتصاد المستقبل في القرن الـ21 في الفضاء.
يُعرف النوع “سي” من الكويكبات بـ”الكويكبات الكربونية” أو “الكونرايت”، وهي النوع الأكثر وفرة، ولا تحتوي فقط على الهيدروكربونات، بل على عنصر مهم لمستقبل قطاع الفضاء أيضا، وهو الماء، ذلك المورد الثمين للغاية لأسباب عدة منها أنه سيصبح مهما للإمداد، إذ سيتمكن رواد الفضاء من اتخاذ الكويكبات محطات لإعادة ملء خزانات الماء في المركبات الفضائية خلال رحلتهم الطويلة عبر الفضاء إلى وجهات بعيدة مثل المريخ.
هل تصبح الكويكبات وجهة الاقتصاد العالمي الجديدة بما تحويه من معادن ثمينة؟
يقول “أنجيل عبود مدريد”، مدير مركز الموارد الفضائية في كلية كولورادو لعلوم المعادن: من خلال توفر الماء عمليا في كل مكان من المجموعة الشمسية -نظرا لوجود ملايين الكويكبات التي تطفو في جميع أنحائها- يمكنك استخدام الماء ليس فقط للشرب، بل للحصول على الأوكسيجين أيضا، والحماية من الإشعاعات والزراعة، لكن الأهمية الأكبر هي اتخاذه مصدرا للطاقة ووقودا دافعا.
أما الأستاذ المساعد في كلية “كولورادو” لعلوم المعادن “كريس دراير”، فيقول: يمكننا أن نسخن الماء للحصول على البخار الذي نستخدمه في الصاروخ البخاري، وهو أحد طرق التنقل عبر الفضاء، وتوجد طريقة أخرى تتمثل بتفكيك جزيئات الماء عبر التحليل الكهربائي وفصل الهيدروجين عن الأوكسيجين، لنستخدم ذلك في الصواريخ التي تعمل بالهيدروجين السائل أو الأوكسيجين السائل، فصاروخ الأوكسيجين السائل هو أقوى صاروخ كيميائي يوجد اليوم.
مخازن الماء.. نفط الفضاء في المستقبل القريب
سيصبح الماء بشكل ما نفط الفضاء ذات يوم، لأننا بمجرد أن نحوز على وقود دافع يساعدنا في التنقل عبر المجموعة الشمسية والوصول لوجهات أبعد، سنتمكن من إعادة ملء خزانات المركبات دون الحاجة لإحضار الوقود من الأرض، وسيتيح لنا هذا وجود صواريخ أكبر تتسع لحمولة أكبر، ولذا ستصبح الكويكبات محطات توقف أو استراحات على طول الطريق.
اكتشفت عدة بعثات في الفترة الأخيرة وما تزال تكتشف عددا من كويكبات النوع “سي” مثل بعثة “هيابوسا 1” التي أرسلتها وكالة استكشاف الفضاء اليابانية (جاكسا)، والبعثتين اللتين ما تزالان مستمرتين، وهما “أوسيرسيركس” لوكالة ناسا، و”هيابوسا 2″ لوكالة “جاكسا”.
وجود محطات تزويد بالطاقة على الكويكبات سيسمح بتنقل مركبات الفضاء إلى مساقات أبعد في المجموعة الشمسية
وتتميز كل هذه البعثات بأن مهمتها إعادة عينات من الكويكبات، إذ ستلتقط المجسات بعض المواد من الكويكب، وستعيدها إلى الأرض لتحليلها. وستكون هذه العينات مفيدة للغاية لنعرف المزيد عن التكوين الحقيقي للكويكبات، كما ستمكننا من دراسة إمكانات الكويكبات الحقيقية كمصدر للموارد.
الكويكبات المعدنية.. غنائم الثروات المرمية على السطح
يوجد نوع آخر من الكويكبات وهو النوع “إم” أو الكويكبات المعدنية التي تتكون من النيكل أو الحديد أو الإيرديوم أو البلاتين أو الذهب أو المعادن الثمينة الأخرى، سواء أكانت نقية أو مختلطة بنسب مختلفة مع الصخور. ويمكن استخدام تلك الكويكبات كمصدر لا ينضب من المواد والمعادن.
وبمجرد حصولنا على تلك المعادن سيتوفر لدينا ما نحتاجه لتطوير مواد تصنيعية مثل الأدوات وقطع الغيار وحتى مواد البناء الكبيرة من أجل الأقمار الصناعية، حتى إنه توجد بعض الكويكبات -مثل كويكب “سايكي”- الذي يتكون بأكمله تقريبا من المعدن، وسيصبح في النهاية وجهة مهمة لصناعة تعدين الكويكبات، فالمعادن موجودة على السطح، ولا نحتاج أن نحفر عميقا لاستخراجها كما هو الحال على كوكب الأرض، الأمر الذي يجعل عملية التعدين أبسط بكثير.
لقد تغيرت الأمور في قطاع الفضاء بسرعة كبيرة في الأعوام الأخيرة، بفضل النمو السريع لشركات الفضاء الخاصة التي غيّرت قواعد اللعبة الحقيقية في الثورة الصناعية الفضائية. ويرى الأستاذ المساعد في كلية “كولورادو” لعلوم المعادن “كريس دراير” أننا ندخل حقبة جديدة تضطلع فيها مؤسسات القطاع الخاص بدور أكبر من السابق، فهي تنشئ سوقا تجارية أكبر ليعيش أناس في الفضاء ويعملوا هناك، ولم يكن هذا موجودا في السابق.
ديمقراطية الفضاء.. عالم السماء المفتوح أمام الجميع
يرى “دان دوردا” العالم في معهد “ساوث ويست” للأبحاث أن فكرة صناعة الفضاء الجديدة تتمثل بوجود بيئة في الفضاء يمكن أن تنطوي على استثمار اقتصادي وعائد مادي لا حدود لهما، فنحن نعيش على كوكب موارده محدودة، بينما يمثل الفضاء والمجموعة الشمسية حولنا موارد اقتصادية من تعدين وموارد معدنية لا حدود لها عمليا.
يؤدي الجمع بين التكلفة المنخفضة والقدرات المتزايدة للأقمار الصناعية الصغيرة إلى فتح الباب لاستخدامات وصناعات وتطبيقات جديدة أمام الشركات التجارية. وقد أدى كل هذا إلى تحقيق ديمقراطية في قطاع الفضاء، فلم يعد حكرا على وكالات الفضاء الحكومية الوطنية الكبيرة، بل يمكن أن تدخله أي شركة خاصة كبيرة أو صغيرة مهتمة بالاستثمار في الفضاء.
إن الشركات الخاصة مثل “سبيس إكس” أو “بلو أوريجون” التي يترأسها رواد أعمال من أصحاب المليارات أمثال “إيلون ماسك” أو “جيف بيزوس”، هي التي تستثمر بشكل هائل في تطوير تقنيات تقليص تكاليف الإطلاق. ومن العوامل المحركة الأخرى لهذه الثورة الصناعية القادمة تطوير أقمار صناعية بإمكانات أكبر وحجم أقل.
وقد أصبحت شركات خاصة -مثل “بلانيت” أو “وان ويب”- شركات رائدة في إنتاج هذه الأقمار الصناعية النانوية وإطلاقها والتحكم فيها، مما سيحسن بشكل جذري التواصل الشبكي، وأنظمة البث، وأنظمة تحديد المواقع ومراقبة الأرض، والسياحة، والطاقة، والتصنيع والتعدين، والترفيه الفضائي.
لوكسمبورغ.. دولة صغيرة رائدة في التنقيب على الكويكبات
توجد منطقتان في العالم تتركز فيهما الشركات المسؤولة عن هذه الثورة؛ كاليفورنيا في الولايات المتحدة، ودولة لوكسمبورغ، وهي دولة صغيرة في قلب أوروبا. ولوكسمبورغ حالة خاصة؛ فقد تُصبح مثل وادي السيليكون في مجال التنقيب على الكويكبات، فقد راهنت على قطاع الفضاء.
وهدف حكومة لوكسمبورغ هو وضع إطار شامل لاستكشاف واستخدام موارد الأجرام السماوية كالكويكبات للأغراض التجارية. ويتطلب هذا المشروع الجريء دعما ماليا وأطرا قانونية وهياكل تنظيمية، وهي أمور لا تفتقدها لوكسمبورغ.
نقص الجاذبية.. تحديات التنقيب على الأجرام التائهة
هناك عدة تحديات؛ وتتمثل الصعوبة الأولى في تحديد أهم الكويكبات من حيث أغراض التنقيب حيث تملأ الكويكبات أنحاء المجموعات الشمسية. فالبيانات التي جمعتها وكالة “ناسا”، ووكالة الفضاء الأوروبية، ووكالة استكشاف الفضاء اليابانية، وغيرها من وكالات الفضاء الأخرى خلال الأعوام القليلة الماضية عن الكويكبات القريبة التي يسهل الوصول إليها؛ ستسهل عملية اختيار أفضل الأهداف أمام شركات التنقيب.
هناك صعوبة أخرى تتمثل في تحديد أفضل طريقة للتعدين؛ سواء أكانت إحضار مواد خام من الكويكب لاستخدامها على الأرض، أو معالجتها على الكويكب، ثم إحضار المواد المعالجة فقط، أو ربما إنتاج وقود لرحلة العودة، أو حتى نقل الكويكب لمدار آمن حول القمر أو الأرض أو إلى محطة الفضاء الدولية. قد يتيح هذا نظريا استخدام معظم المواد وعدم إهدارها.
محطات فضائية على سطوح الكويكبات لاستخراج الماء اللازم للتزود بالطاقة
ما يجعل الكويكبات فريدة ومختلفة عن باقي الأجرام الأخرى -مثل الأقمار أو الكواكب- أنها صغيرة جدا لدرجة أن الجاذبية فيها تكاد تكون معدومة. هذه الجاذبية المنخفضة مفيدة لسببين؛ الأول أنها تجعل الوصول إلى الكويكب سهلا، والثاني أن الطاقة اللازمة للوصول إليه أقل حتى من تلك اللازمة للوصول إلى القمر أو المريخ، لذا فإمكانية الوصول إليه أسهل من ناحية استهلاك الطاقة، وليس بالضرورة من ناحية الوقت المستغرق.
ولكن هناك شيء بخصوص الجاذبية المنخفضة هو أن جميع التقنيات التي تعلمناها حول كيفية التنقيب أو استخراج المواد هنا على الأرض تصبح مختلفة تماما عندما تصل إلى الكويكب، فلا توجد جاذبية تمكّن الحفارة من البقاء على الأرض، ولا قوة سحب للتحرك في الأنحاء، لذا يجب تصميم تقنيات مختلفة لاستخراج المواد من الكويكب.
وفي مركز موارد الفضاء التابع لكلية “كولورادو لعلوم المعادن”، وهو أحد أشهر مراكز أبحاث الفضاء في العالم، بدأ تطوير تجارب مختلفة لاختبار التقنيات المحددة التي ستستخدم في التنقيب على الكويكبات. يستخدم الفريق العلمي حجرة متطورة مفرغة من الهواء لمحاكاة الظروف القاسية الموجودة على الفضاء بشكل أدق.
استخراج البلاتين.. خطة مارقة على القوانين الاقتصادية
يدور السؤال الآن حول ما إذا كان التنقيب على الكويكبات صناعة مجدية حقا توفر موارد للأرض؟ وهنا يقول “براد بلير” الرئيس التنفيذي لشركة “سبيس أناليتكس”، إن تكلفة إرسال مركبة فضائية إلى حزام الكويكبات تساوي تقريبا صنع المركبة من البلاتين الصافي، لذا لم يكن منطقيا الخروج للفضاء لإحضار البلاتين المخفف في رحلة مكلفة للغاية.
لكن “أنجيل عبود مدريد”، مدير مركز الموارد الفضائية في كلية كولورادو لعلوم المعادن، يشير إلى أن الأفضل من هذا هو استخدام موارد الكويكبات في الفضاء، وهذا مُجدٍ اقتصاديا، خصوصا أن كميات المواد الموجودة في حزام الكويكبات أكثر مما كنا نتخيل.
ربما كان وجود معادن مجموعات البلاتين المورد الأول الذي جذب اهتمام الشركات للصعود واستخراج تلك المعادن من الكويكبات لقيمتها العالية على الأرض. وفي الواقع قيل إن كويكبا قطره بضعة كيلومترات فقط يحتوي على كمية من البلاتين تفوق كل ما استخرجناه من قبل، وحتى ما يمكن أن يستخرج خلال الخمسين عاما القادمة على الأرض.
المشكلة من جديد هي هل سيكون مجديا اقتصاديا السعي للحصول على ذلك البلاتين؟ وهل تكلفة استخراج البلاتين من الأرض أعلى من استخراجه من الكويكبات؟ الإجابة حاليا هي: لا؛ فكمية المال اللازمة لإرسال صاروخ لاستخراج البلاتين من هناك ليست تنافسية حاليا، ولكن يمكن أن يصبح الحصول على البلاتين من الأرض صعبا لدرجة تجعل الخروج لتعدين الكويكبات شيئا منطقيا. الأمر الآخر الذي يجب التفكير به هو أنه بمجرد إحضار هذه الكميات الكبيرة من البلاتين إلى الأرض، فإن سعر البلاتين سينخفض انخفاضا هائلا فورا.
وتستثمر شركات التنقيب على الكويكبات بشكل أساسي في تطوير تقنيات لجعل هذه الصناعة مجدية اقتصاديا. وهناك شركات أخرى تركز على جانب معين من هذه الصناعة مثل إنتاج وقود دافع من الماء الموجود على الكويكبات أو تطوير روبوتات أو البحث من أجل تحديد الأهداف الصحيحة.
“ترانزاسترا”.. رحلات فضائية في سبيل السياحة والصناعة
“ترانزاسترا” هي نوع جديد من الشركات هدفها المساهمة في تطوير مفهوم مسار السفر عبر الفضاء، ورؤيتها أن يصبح البشر كائنات ترتاد الفضاء وتستوطن المجموعة الشمسية. يقول “جويل سيرسيل” الرئيس التنفيذي للشركة: يمكننا إنشاء شبكة نقل تشبه السكة الحديدية، ولكن بدل أن تكون عابرة للقارات ستكون عبر الفضاء، وستمكن الصناعات من الخروج للفضاء لجني الأرباح.
هدفهم النهائي هو تحويل آلاف الكويكبات إلى محطات وقود لإعادة تعبئة خزانات مركبات “ناسا” والمركبات التجارية، الأمر الذي سيفتح المجال أمام “ناسا” للاستكشاف البشري، وأمام الصناعات التجارية لأكثر من أغراض الاتصال والأقمار الصناعية. إنهم يهدفون إلى قيادة العمل على توريد الخدمات لصناعة القرن الـ21، من تعدين الكويكبات والطاقة الشمسية الفضائية والسياحة الفضائية والتصنيع في الفضاء.. سيُحدث هذا أعظم ثورة صناعية في تاريخ البشرية، ونحن نقف في لحظة قريبة من لحظة تحقق هذا.
تُطوّر شركة “ترانزاسترا” مفهوم بعثات مبتكرا يشتمل على سفينة فضائية ذاتية القيادة تطلق على مركبة فضائية للوصول إلى الكويكبات. يقول الرئيس التنفيذي للشركة: ما سنفعله هو أننا سنصنع مركبة فضائية بحجم شاحنة، ونرسلها إلى كويكب بحجم منزل، وستحتوي المركبة على تراكيب قابلة للنفخ وكيس يُنفخ ويغلف الكويكب، ثم ستضخ مركزات الطاقة الشمسية الأشعة في الداخل، ومن خلال عملية التنقيب الضوئي سنحفر الكويكب ونستخرج الماء ونجمده على شكل كتل جليد.
ستستغرق البعثة 6 أشهر للوصول إلى الكويكب، وحوالي 3 أشهر في التنقيب، ثم 6 أشهر للعودة للأرض، وستعود ومعها 100 طن من الجليد. وستكون أول بعثة صغيرة ذات نطاق صناعي تعود بكميات معتبرة اقتصاديا من وقود الصواريخ الذي يمكن أن يغير اقتصاد الفضاء.
ولا ريب في أن هذا سيطلق موجة حمى ذهب جديدة في الفضاء لجمع مواد من الكويكبات وكذلك من قطبي القمر. وبهذا ستصبح تكاليف العمل في الفضاء منخفضة جدا.
في حين أن الكويكبات تقدم فوائد كثيرة تجعلها أهدافا، فما يزال الذهاب إلى كويكبات صغيرة ينطوي على كثير من التحديات؛ أبرزها قسوة بيئة الكويكبات، وسيتعين على البشر التكيّف مع الرحلات الطويلة إلى الفضاء السحيق، والإشعاع الكوني القاتل، والجاذبية المنخفضة، والغلاف الجوي الاصطناعي.
وترى شركة “أوف وورلد” أن أفضل طريقة للحد من خطر الاستيطان الدائم على كواكب أخرى هو امتلاك جيش من الروبوتات يكون مسؤولا عن العمل الشاق المتمثل في بناء منصات هبوط، وحفر موائل تحت الأرض، واستخراج الجليد والمواد، وإنتاج مياه صالحة للشرب، وهواء خاص للتنفس، ووقود صواريخ، بالإضافة إلى تصنيع هياكل أساسية وخلايا شمسية وإنتاج الكهرباء، وفي النهاية استنساخ نفسها.
نريد الوصول لأقرب الكويكبات من مدار الأرض، إذ يوجد ما يكفي من المواد في تلك الكويكبات لدعم 100 مليار نسمة ربما في مدار الأرض. فالمواد الموجودة في حزام الكويكبات الرئيسي هي مليون ضعف المواد على الأرض. لذا فبعد انتقال الناس إلى هناك سيستخدمون هذه المواد للعيش والعمل وإنشاء المدن، ويمكننا أن نتوسع ونصبح حضارة ضخمة تدور حول الشمس. إنه شيء مثير للغاية.
ربما تصبح الكويكبات في المستقبل غير البعيد وجهتنا الصناعية الجديدة، يمكننا إنشاء بنية أساسية تنقل الصناعة للفضاء، ليس خلال 50 أو 100 عام، بل في غضون 3 أو 5 أعوام، ويمكننا توليد وقود الصواريخ في أقل من 10 سنوات، وإنشاء طرق للسفر عبر المجموعة الشمسية.
وربما تصبح أيضا استراحات للتوقف في الرحلات الطويلة إلى المريخ، ومن يدري، ربما تصبح موطننا الجديد.
المصدر: الجزيرة الوثائقية