الرئيسية » سمكة قطبية عجيبة.. تتوهج في الظلام وتمتلك توليفة جديدة من البروتينات مقاومة للتجمد

سمكة قطبية عجيبة.. تتوهج في الظلام وتمتلك توليفة جديدة من البروتينات مقاومة للتجمد

في عام 2019، اكتشف باحثو المتحف الأميركي للتاريخ الطبيعي (American Museum of Natural History) أن سمكة حلزون (ليباريس جيبوس – Liparis Gibbus) تتوهج باللونين الأخضر والأحمر في أعماق المياه الجليدية المحيطة بغرينلاند في القطب الشمالي.

آنذاك، اعتبر هذا التوهج أو “الفلورة الحيوية” خاصية غير عادية للأسماك في القطب الشمالي، بحكم وجودها في الظلام لفترات طويلة. ومؤخرا اكتشف الباحثون شيئا آخر يثير الدهشة بشأن هذه السمكة، إذ وجدوا أنها تحتوي على مستويات مرتفعة من البروتينات المضادة للتجمد.

بروتينات مضادة للتجمد

ففي بيان صحفي نشر على الموقع الرسمي للمتحف في 16 أغسطس/آب 2022، قال أستاذ علم الأحياء المتميز في كلية باروخ بجامعة مدينة نيويورك والمؤلف المشارك في الدراسة ديفيد غروبر، “على غرار الطريقة التي يحافظ بها مضاد التجمد في سيارتك على الماء في المبرد الخاص بك، من التجمد في درجات الحرارة الباردة، طوّرت بعض الحيوانات آليات مذهلة تمنعها من التجمد مثل البروتينات المضادة للتجمد التي تمنع تكوين بلورات الجليد”.

وأضاف، “علمنا بالفعل أن هذه السمكة الحلزونية الصغيرة التي تعيش في مياه شديدة البرودة تنتج بروتينات مضادة للتجمد، لكنا لم ندرك مدى امتلائها بهذه البروتينات ومقدار الجهد الذي بذلته في صنع هذه البروتينات”.

وذكر البيان الصحفي أنه على عكس بعض أنواع الزواحف والحشرات، لا تستطيع الأسماك البقاء على قيد الحياة حتى في حالة التجمد الجزئي لسوائل الجسم، لذلك فهي تعتمد على البروتينات المضادة للتجمد التي تصنع في الكبد لمنع تكوين حبيبات جليدية كبيرة داخل خلاياها وسوائل أجسامها.

 

توليفة جديدة من البروتينات

كما ذكرت الدراسة الحديثة أن قدرة الأسماك على صنع هذه البروتينات المتخصصة معروفة منذ ما يقرب من 50 عاما، لكن جينات سمكة الحلزون التي تم فحصها لديها تعد أعلى تعبير عن البروتينات المضادة للتجمد على الإطلاق.

وتجدر الإشارة إلى أن السمكة المعنية تعرف أيضا باسم سمكة الحلزون المنقطة (Variegated Snailfish)، والتي سميت بهذا الاسم نسبة إلى البقع السوداء الموجودة في جسمها البني المترهل. وعند دراسة تسلسل الحمض النووي الريبي لها وجد الباحثون أن أنواع سمكة حلزون (ليباريس جيبوس) كانت خياشيمها ممتلئة ببروتينات مضادة للتجمد. وعلاوة على ذلك فقد وجد الباحثون بروتينات شبيهة بمضادات التجمد (antifreeze-like proteins) ويعتقد العلماء أنها تلعب دورا مهما في الحفاظ على عمل بيولوجيا الأسماك.

وذكر الباحثون في الورقة البحثية التي نشرت في دورية إيفلوشناري بيوإنفورماتيكس (Evolutionary Bioinformatics) بتاريخ 16 أغسطس/آب 2022 أن هذه التوليفة من مزيج البروتينات الأضعف والأقوى معا يمكن أن تسهم في تزويد أسماك الحلزون بمقاومة درجات الحرارة التي يحتاجونها للعيش في مثل هذه المياه المتجمدة.

A juvenile Liparis gibbus imaged under white light (top) and under fluorescent lighting (bottom) conditions.
سمكة حلزون “ليباريس جيبوس” تتوهج باللونين الأخضر والأحمر (المتحف الأميركي للتاريخ الطبيعي)

خطر التغير المناخي

وأشار المؤلف المشارك جون سباركس، أمين قسم علم الأسماك بالمتحف إلى خطر التغير المناخي على السمكة الحلزونية بقوله “منذ منتصف القرن العشرين، زادت درجات الحرارة في القطب الشمالي أسرع بمرتين مما كانت عليه في خطوط العرض الوسطى وتتوقع بعض الدراسات أنه إذا استمر تراجع الجليد البحري في القطب الشمالي بهذا المعدل الحالي، سيكون المحيط المتجمد الشمالي خاليا من الجليد في الصيف خلال العقود الثلاثة المقبلة”.

وأضاف سباركس أن “البحار القطبية الشمالية لا تدعم وجود تنوع كبير من الأسماك، وتفترض دراستنا أنه مع ارتفاع درجات حرارة المحيطات بشكل متزايد، قد تجد مثل هذه السمكة الحلزونية منافسة متزايدة من قبل أنواع الأسماك التي كانت تعيش في درجات الحرارة الأكثر اعتدالا، والتي لم تكن في السابق قادرة على البقاء في خطوط العرض الشمالية المرتفعة”.

المصدر: الجزيرة نت – مواقع إلكترونية