في قاع البحر الأيرلندي، عُثر على حطام السفينة التي حاولت تحذير سفينة “آر إم إس تيتانيك” من الاصطدام بالجبل الجليدي الذي أدّى لغرقها خلال قيامها برحلتها الأولى.
وأَرسلت الباخرة التجاريّة البريطانيّة “إس إس ميسابا” رسالة إذاعيّة تحذيريّة إلى سفينة “تيتانيك” في 15 أبريل/نيسان عام 1912، وذلك خلال عبورها المحيط الأطلسي.
وتلقّت سفينة “تيتانيك”، التي وُصِفَت بأنها غير قابلة للغرق، الرسالة بالفعل بيد أنّها لم تصل إلى مركز التحكم الرئيسي للسفينة.
وفي وقتٍ لاحق من تلك الليلة، اصطدمت سفينة “تيتانيك” بالجبل الجليدي، ما أدّى إلى غرقها، ومقتل أكثر من 1،500 شخص.
واستمرّت “ميسابا” بالعمل كسفينة تجاريّة إلى أن هاجمتها غوّاصة ألمانيّة عام 1918.
وتوفي 20 شخصًا فيها، ومن بينهم قائد السفينة.
وكان موقع السفينة المُحدّد غير معروف لأكثر من قرن، لكنّ العلماء اكتشفوا الآن حطام “ميسابا” من خلال استخدامهم السونار متعدّد الحزم.
وتَستخدم أداة المسح البحريّة الموجات الصوتية لرسم خرائط لقاع البحر تتمتّع بتفاصيل تُتيح الكشف عن الهيكل العلوي في صور السونار.
وسمح ذلك للباحثين في جامعة بانغور، وجامعة بورنماوث في المملكة المتحدة، بتحديد حطام السفينة في البحر الأيرلندي.
وكانت هذه هي المرّة الأولى التي يتمكّن فيها الباحثون من تحديد موقع الحطام والتعرّف عليه بشكل إيجابي، وفقًا لبيان صحفي.
قطع الأحجية
وقاد مايكل روبرتس، عالم الجيولوجيا البحرية في جامعة بانجور بويلز، عمليّات مسح السونار في كليّة علوم المحيطات الخاصة بالجامعة.
وعمل روبرتس لأعوام مع قطاع الطاقة البحريّة المتجدّدة لدراسة تأثير المحيط على البنى التحتية المُولّدة للطاقة.
وأثبت حطام السفن أنّها بمثابة مصدر قيّم للمعلومات في هذا المجال.
وقال روبرتس لـCNN الأربعاء: “علمنا بوجود الكثير من حطام السفن في ساحتنا الخلفية بالبحر الأيرلندي”، مضيفًا أن ذلك بإمكانه تقديم “معلومات مفيدة حول ما يحدث عندما تتّجه الأشياء إلى قاع البحر”.
لكن لم تبدأ قطع الأحجية بالتناسب معًا إلا عندما بدأ روبرتس بالعمل مع إينيس مكارتني، عالم آثار بحري، وزميل أبحاث في جامعة بانغور.
وأوضح روبرتس أن “مكارتني كان مُهتمًا حقًا بتطبيق تلك التكنولوجيا على حطام السفن للتعرّف إليها”.
وبدأ فريق البحث بالتعمق بشكلٍ أكبر في الألغاز غير المحلولة.
وأفاد مكارتني ببيان: “في السابق، كان باستطاعتنا الغوص بجانب عدد قليل من المواقع سنويًا لتحديد الحطام بصريًا. ومكّنتنا قدرات السونار الفريدة في برينس مادوغ (سفينة الأبحاث المصمّمة خصيصًا لهذا الغرض) من تطوير وسيلة منخفضة التكلفة نسبيًا لفحص الحطام”.
وأشار روبرتس إلى أن كلفة اكتشاف كل حطام، وتحديد هويته، تراوحت بين 855 و1،070 دولارًا.
“مُغيّر لقواعد اللعبة” في علم الآثار البحرية
وإجمالاً، عثرت سفينة “برينس مادوغ” على 273 حطامًا لسفن وسط مساحة بلغت 7،500 ميل مربع من البحر الأيرلندي، وهي منطقة تعادل مساحة سلوفينيا تقريبًا.
وتم مسح الحطام، ومقارنته بقاعدة بيانات المكتب الهيدروغرافي البريطاني لحطام السفن، ومصادر أخرى.
وقال الباحثون إن الكثير من حطام السفن التي تم تحديدها حديثًا، ضمنًا “ميسابا”، حدّدت على نحو خاطئ في الماضي.
ووصف مكارتني تقنية السونار متعدّد الحزم بأنها “مُغيّرة لقواعد اللعبة” في علم الآثار البحرية، فهي تسمح للمؤرخين باستخدام البيانات التي توفّرها لسد الثغرات.
المصدر: CNN Arabic الأصلي