كشف حديثة، أن باحثين أخضعوا سبيكة شديدة الصلابة لدرجات حرارة شديدة البرودة، من أجل اختبار مدى مقاومة المادة للكسر.
وعرف العلماء منذ سنوات أن هذه السبيكة هي واحدة من المواد الصعبة – ومع ذلك، ولدهشة الفريق، أصبحت السبيكة أكثر صرامة ومقاومة للتشقق مع انخفاض درجات الحرارة.
ووفق الدراسة التي نشرتها مجلة ساينس أليرت، في 1 ديسمبر، أثبت الباحثون أن سبيكة معدنية من الكروم والكوبالت والنيكل هي رسميا أصعب مادة على وجه الأرض – أقوى بمئة مرة من مادة الغرافين العجيبة.
وهذه المقاومة الفائقة للكسر تتناقض بشكل صارخ مع خاصية معظم المواد التي تصبح فقط أكثر هشاشة في درجات الحرارة المنخفضة، وفقا لمعدي الدراسة.
وقال المعد المشارك في الدراسة روبرت ريتشي، أستاذ الهندسة في جامعة كاليفورنيا بيركلي وكبير علماء هيئة التدريس في مختبر لورنس بيركلي الوطني: “يتحدث الناس عن صلابة الغرافين، والتي تقاس بـ 4 ميغا باسكال فقط لكل متر.
وصلابة سبائك الألومنيوم المستخدمة في الطائرات وهي 35 ميغا باسكال لكل متر. فيما هذه المادة لها صلابة من 450 إلى 500 ميغا باسكال للمتر، وهذه أرقام محيرة للعقل“.
وتتراوح التطبيقات المحتملة لمثل هذه المواد الصلبة من البنية التحتية الفضائية إلى الحاويات المقاومة للكسر لاستخدامات الطاقة النظيفة هنا على الأرض. ومع ذلك، لاحظ ريتشي، أن عنصرين من العناصر الثلاثة للسبيكة (النيكل والكوبالت) هما باهظا التكلفة للغاية، ما يحد من فائدة السبيكة للمختبر في المستقبل المنظور.
وتعتبر سبائك الكروم والكوبالت والنيكل مثالا على السبيكة العالية الإنتروبية (HEA). وعلى عكس معظم السبائك، التي تصنع في الغالب من عنصر واحد مع كميات أقل من العناصر الأخرى المضافة، فإن HEA مصنوعة من مزيج من عناصر مكونة بالتساوي.
وهذا الـHEA مرن للغاية، أو مطيل، ما يعني أنه يمكن أن ينحني تحت الضغط لتحمل الكسر، وفقا لمعدي الدراسة. والعديد من الحيل في التركيب الجزيئي للسبيكة يجعلها مرنة للغاية.
وتتسبب إحدى الآليات الرئيسية، على سبيل المثال، في تشتيت الذرات داخل السبيكة تحت الضغط، ما يسمح لها بالتراص بعضها فوق بعض. وهذا، إلى جانب العديد من الآليات الأخرى، مما يسمح للمادة بالاستمرار في التشوه مع زيادة الضغط دون أن تتكسر.
وأضاف ريتشي: “تبدأ كل واحدة من هذه الآليات في مرحلة لاحقة عندما تزيد الضغط على المادة وهذه هي الوصفة المثالية للصلابة العالية. اللافت للنظر هو أن هذه الآليات تصبح أكثر فعالية في درجات الحرارة الباردة“.
واختبر الباحثون في البداية صلابة السبيكة عن طريق تعريضها للنيتروجين السائل عند درجات حرارة تبلغ 321 درجة فهرنهايت تحت الصفر (ناقص 196 درجة مئوية). وعندما تحسنت صلابة السبيكة فقط، تساءل الفريق إلى أي مدى يمكنهم دفع حدود المادة.
وصمم دونغ ليو، وهو فيزيائي في جامعة بريستول في إنجلترا، وزملاؤه تجربة تعريض السبيكة للهيليوم السائل، والذي يمكنه أن يبردها إلى درجات حرارة شديدة البرودة تصل إلى سالب 424 فهرنهايت (ناقص 253 درجة مئوية). ثم راقب الفريق النيوترونات وهي تتناثر على المادة في عملية تسمى حيود النيوترونات للنظر في بنية السبيكة ومعرفة كيفية تشكل الشقوق مع زيادة الضغط.
وتبين أن صلابة المادة بالقرب من درجات حرارة الهيليوم السائل تصل إلى 500 ميغا باسكال للمتر
وفي الوقت نفسه، كانت عينات سبائك الكروم والكوبالت والنيكل التي تم اختبارها بواسطة ليو وفريقه بحجم علبة السجائر، مما يعني أن HEA حافظت على متانتها على نطاق الأشياء اليومية.
وفي حين أن هناك حاجة إلى مزيد من الاختبارات قبل أن يتم تطبيق هذه المادة عمليا، فإن ليو متفائل بإمكانية استخدام السبيكة في العديد من المشاريع، سواء في الفضاء أو على الأرض. وعلى سبيل المثال، يمكن استخدام HEA في حاويات تخزين الهيدروجين التي يمكن أن تجعل المركبات الصديقة للبيئة التي تعمل بالهيدروجين أكثر جدوى.
وقال ليو: “إذا كنت تقود سيارة بها وعاء هيدروجين مصنوع من شيء هش للغاية، فأنت تحمل قنبلة معك في الأساس. ولكن الأمر ليس كذلك مع هذه المادة“.
وفي غضون ذلك، يتوخى ريتشي الحذر في اقتراح التطبيقات المحتملة للسبيكة، حيث يتطلب نقل المواد من المختبر إلى “العالم الحقيقي” الكثير من المعرفة والوقت، في حين أن تكاليف النيكل والكوبالت لا تزال باهظة للغاية. ومع ذلك، فهو مهتم بتطوير وصفات لسبائك جديدة يمكن أن تكون بنفس الصلابة باستخدام عناصر مختلفة.
وقال ريتشي: “هناك 50 عنصرا يمكن استخدامها في الجدول الدوري. وأخذ مجموعات من ثلاثة أو خمسة أو سبعة منها سيعني أن هناك الملايين من السبائك الجديدة“.
المصدر: لايف ساينس