مهاجر سوري آخر حاول تجربة طريق الهجرة إلى أوروبا عبر ليبيا، فوقع ضحية المهربين ومراكز الاحتجاز. الشاب روى لماجر نيوز مختصرا عن قصته من لحظة وصوله إلى ليبيا حتى هذه اللحظة، مشددا على ضرورة أن “يلتفت العالم لمعاناة المهاجرين هناك”.
“الجميع شركاء، الجميع يتاجرون بالمهاجرين، المهربون وخفر السواحل والجميع”، بهذه الكلمات وصف خالد*، المهاجر السوري في ليبيا، تجربته مع رحلة الهجرة التي قام بها منتصف حزيران/يونيو الماضي.
وصل خالد إلى ليبيا قادما من بيروت أواخر شهر أيار/مايو. كان الأمل يحذوه للهجرة والوصول إلى بر الأمان الأوروبي. لم يكن يدرك الكثير من التفاصيل المرعبة التي عاشها غيره ممن سبقوه، فاكتشف بنفسه واقعا مؤلما كان يفضل عدم المرور بجانبه.
ويضيف خالد بعد الاتفاق مع المهرب وعند وصولنا إلى موقع انطلاق الرحلة من مدينة الزاوية، تفاجأنا بعدد كبير من المسلحين هناك. كانوا عدائيين جدا، وكانوا يهددون المهاجرين بالسلاح طوال الوقت. طلبوا الأموال منا، مع أننا كنا قد دفعنا مسبقا للمهرب. أخذوا كل ما كان معنا، ومن لم يستطع الدفع استبقوه إلى الشاطئ، لا أعرف ما كان مصيرهم.
“فجأة انقلب سكون البحر إلى فوضى وصراخ وشتائم”
انطلقنا بالرحلة، أطفالا ونساء ورجالا، جميعنا في مواجهة أمواج المتوسط. لم أكن متأكدا من وجهة القارب، لكني كنت أصلي مع نفسي وأحاول أن أهدئ من مخاوفي. 17 ساعة من الإبحار المتواصل، تحيط بنا زرقة المياه من كافة الجوانب. فجأة انقلب سكون البحر إلى فوضى وصراخ وشتائم، لحق بنا زورق تابع لخفر السواحل من مدينة الزاوية.
بعد جولة من الفوضى والإبحار بمحاذاة قاربنا لإجبارنا على التوقف، نزل أحد عناصر الدورية إلى زورقنا، كان يحمل مطرقة بيده، في حين كان زملاؤه يصوبون الأسلحة نحونا ويوجهون لنا الشتائم. قام العنصر بإحداث عدة ثقوب في بدن القارب لإجبارنا على مغادرته والصعود إلى زورقهم، وهنا قصة أخرى.
السباب والشتائم والضرب لم يتوقفوا منذ لحظة صعودنا زورقهم إلى أن وصلنا إلى زوارة. أحسست بعجز رهيب وظلم كبير، لم أكن معتادا على هذا الكم من السباب والضرب، لم أتقبل ذلك من أحد في حياتي، لكني الآن تحت رحمة مسلحين لا أعرف نواياهم ولا ما هم مستعدون للقيام به.
“كنا نموت ببطء”
لحظة نزولنا الميناء، سلمونا لمجموعة مسلحة أخرى. المعاملة نفسها والظروف نفسها إلى أن وصلنا إلى مديرية أمن زوارة، حيث أخذوا منا كل ما كنا نملك.
هناك تمكنت من الهرب مع مجموعة أخرى، بدأنا بالركض على أمل أن نكون متجهين إلى المخرج. بعد قليل صادفنا سائق سيارة، توقف وعرض علينا المساعدة مقابل 100 دولار عن كل شخص. على مضض وافقنا دون مناقشته بالوجهة، كان همنا الوحيد مغادرة المنطقة. فجأة، وجدنا أنفسنا أمام مبنى جديد، أخرجنا السائق بالقوة، الذي اتضح لاحقا أنه شرطي، وسلمنا لمجموعة أخرى تعمل مع أحد المهربين. بالقوة، أجبرونا على الدخول والاتفاق مع المهرب على دفع مبلغ 600 دولار عن كل شخص من أجل أن يرتب لنا رحلة جديدة.
وضعنا المهرب في إحدى الشقق في المدينة، كنا أكثر من 60 شخصا، معظمنا سوريين. لكن في اليوم التالي، جاءت الشرطة واقتحمت الشقة، اقتادونا جميعا إلى سجن زوارة. أمضيت هناك نحو أسبوعين، رأيت خلالهما الويل. رأيت التعذيب والضرب والتهديد بالاغتصاب، للرجال، والابتزاز والجوع والعطش. كانوا يعطونا وجبة واحدة في اليوم، خبز ومعكرونة، وكان ممنوع على أي منا الاعتراض. مياه الشفة لم تكن متوافرة، كنا نضطر للشرب من مياه الحمام. كنا نحو 50 شخصا في عنبر قد يتسع بأقصى طاقته لـ20.
سرعان ما انتشرت الأمراض الجلدية والتنفسية بيننا، كنا نموت ببطء. تواصلت مع أهلي من خلال هاتف أحد المهربين، حولي لي مبلغ 520 دولار أمريكي، دفعته من أجل إطلاق سراحي.
الآن أنا في طرابلس، صراحة لا خطط لدي وأعيش يوما بيوم، لكني متأكد من أنني لا أريد الحياة هنا، التمييز الذي نتعرض له هنا كسوريين هائل، فضلا عن أنني لن أتمكن من تحصيل مستقبل حقيقي. أريد أن أعاود الكرة من جديد وتجربة حظي، لكن لا أعلم متى. كل ما أريده الآن هو أن يلتفت العالم إلى معاناتنا كمهاجرين في ليبيا، أرجوكم أنقذوا المهاجرين المحتجزين في السجون الليبية.
المصدر: مهاجر نيوز