اقترب علماء الفلك خطوة واحدة من الكشف عن خصائص المادة المظلمة التي تغلف مجرتنا درب التبانة، وذلك بفضل خريطة جديدة من 12 تيارا من النجوم تدور حول هالتنا المجرية.
ويعد فهم تيارات النجوم هذه مهم جدا لعلماء الفلك، وبالإضافة إلى الكشف عن المادة المظلمة التي تحمل النجوم في مداراتها، تخبرنا أيضا عن تاريخ تكوين مجرة درب التبانة، وتكشف أن درب التبانة نمت بشكل مطرد على مدى مليارات السنين عن طريق تمزيق واستهلاك أنظمة نجمية أصغر.
وأظهرت الدراسة الجديدة أن مجرتنا درب التبانة “تزداد بدانة” لأنها “تأكل” 12 نظاما نجميا تدور حولها.
ورسم علماء الفلك خرائط لهذه التيارات المسماة “تيارات النجوم”، باستخدام التلسكوب الأنجلو-أسترالي (AAT) في نيو ساوث ويلز بأستراليا.
والتيارات النجمية هي البقايا الممزقة للمجرات الصغيرة المجاورة وعناقيد النجوم التي تمزقها مجرتنا درب التبانة، وهي تدور داخل هالة المجرة، المنطقة الكروية الكبيرة الخالية نسبيا من الغبار والتي تحيط بمجرة حلزونية مثل مجرتنا.
وتكشف خصائص التيارات النجمية عن وجود المادة المظلمة، الشكل الغامض للمادة في الكون الذي لا يمكن ملاحظته.
وقال البروفيسور غيريانت إف لويس من جامعة سيدني، المؤلف المشارك في الدراسة: “تخيل شجرة عيد الميلاد، في ليلة مظلمة، نرى أضواء عيد الميلاد، لكننا لا نرى الشجرة التي يلتفون حولها”.
وأضاف: “لكن شكل الأضواء يكشف عن شكل الشجرة. إنه نفس الشيء مع التيارات النجمية، تكشف مداراتها المادة المظلمة”.
وتابع البروفيسور لويس: “تتشكل التيارات عندما تسقط الأنظمة النجمية الصغيرة والمجرات القزمة والعناقيد الكروية في مجرتنا درب التبانة الأكبر بكثير ويتمزقها جاذبيتنا”.
Twelve for dinner: The #MilkyWay‘s feeding habits shine a light on #darkmatter @AAS_Publishing https://t.co/OaPadAUluv
— Phys.org (@physorg_com) January 11, 2022
وتشكل المادة المظلمة ما يقارب 27% من الكون، وهي غير مرئية لأنها لا تعكس الضوء. ولا يمكن رؤيته مباشرة باستخدام التلسكوبات، لكن علماء الفلك يعرفون أنه موجود هناك بسبب آثار الجاذبية التي تحدثه على المادة التي يمكننا رؤيتها.
ويمكن أن تكشف التيارات النجمية أيضا أن مجرة درب التبانة نمت بشكل مطّرد على مدى مليارات السنين عن طريق تقطيع واستهلاك أنظمة نجمية أصغر.
وقالت كبيرة مؤلفي الدراسة البروفيسورة تينغ لي من جامعة تورنتو بكندا: “نرى هذه التيارات تتعطل بسبب جاذبية مجرة درب التبانة، وأصبحت في النهاية جزءا من مجرة درب التبانة”.
وتعطينا هذه الدراسة لمحة سريعة عن عادات تغذية مجرة درب التبانة، مثل أنواع الأنظمة النجمية الأصغر التي “تأكلها”. ومع تقدم مجرتنا في السن، تزداد بدانة.
وقامت لي وفريقها بقياس سرعات النجوم باستخدام التلسكوب الأنجلو-أسترالي (AAT)، وهو تلسكوب بصري بطول 4 أمتار في مرصد Siding Spring في نيو ساوث ويلز، شمال غرب عاصمة الولاية سيدني.
واستخدموا تحول دوبلر للضوء، لمعرفة مدى سرعة تحرك النجوم الفردية. ويصف تأثير دوبلر عندما تغير الحركة تردد الموجة الصوتية بناء على اتجاه حركة مصدرها، ولكنها تحدث للضوء بالإضافة إلى الصوت.
وبالإضافة إلى قياس سرعاتهم، يمكن لعلماء الفلك استخدام هذه الملاحظات لحساب التراكيب الكيميائية للنجوم وإظهار تاريخ ولادتها.
وقال البروفيسور لويس: “تتكون النجوم الأولى في الكون من الهيدروجين والهيليوم النقيين، لأنهما كانا العناصر الوحيدة التي نشأت في الانفجار العظيم”.
وخلال مراحل نمو هذه النجوم، فإن التفاعلات النووية في نواتها تنتج عناصر أثقل، وعندما تموت، تلوث النجوم المتفجرة الجيل التالي بهذه العناصر الأثقل.
ويحدد حجم المجرة مدى ثراء نجومها بالعناصر الكيميائية. وفي مجرة كبيرة مثل مجرة درب التبانة، هناك الكثير من النجوم التي تمر في حياتها، ويعني حجمها أنها تستطيع الاحتفاظ بعناصرها الأثقل، في حين تتمتع المجرة القزمة بحياة أكثر هدوءا ويمكن أن تفقد عناصرها بسهولة عندما ينفجر نجم.
ولذا، فإن مستوى التلوث الكيميائي يخبرك بحجم الجسم الذي شكل التيار. ويوضح العلماء: “في ملاحظاتنا، نركز على قياس كمية الكالسيوم (لأنه من السهل ملاحظتها) والتي يمكن أن تخبرنا عن التلوث العام ولكن يمكننا البحث عن عناصر أخرى أيضا”.
وفي المستقبل، يخطط الفريق لإنتاج المزيد من القياسات على التيارات النجمية في مجرة درب التبانة.
المصدر: ديلي ميل
يضاً: بتقنية جديدة.. علماء فلك يكتشفون ثقب أسود خارج “درب التبانة”
العثور على ثقب أسود ليس بالأمر السهل، بل إنه يصبح أكثر صعوبة كلما كان هذا العملاق بعيدًا. ونظرًا لأن الثقوب السوداء تمتص الضوء، لا تستطيع التلسكوبات عادةً رؤيتها مباشرة.
لكن أي ثقب أسود سيترك بصمات. فعلى سبيل المثال، ستؤثر جاذبيته على حركات الأجسام من حوله، ويمكن للتلسكوبات أن تدرس تلك الأجسام.
وبمطاردة أحد هذه الأدلة، وجد علماء الفلك ثقبًا أسود في مجموعة خارج مجرة درب التبانة، مما يجعله أول ثقب أسود تم رصده خارج مجرتنا بهذه التقنية، بحسب موقع “سبيس”.
وتوصل علماء الفلك إلى هذا الاكتشاف باستخدام التلسكوب الضخم التابع للمرصد الأوروبي الجنوبي “في أل تي” الموضوع على قمة جبل صحراوي في شمال تشيلي.
ووجّه الباحثون التلسكوب نحو سحابة ماجلان الكبرى المجاورة على بعد حوالي 160 ألف سنة ضوئية من الأرض، حيث يمكن للعلماء النظر إلى آلاف النجوم دفعة واحدة.
وقالت عالمة الفيزياء الفلكية بجامعة ليفربول جون مورس في إنجلترا سارة ساراسينو في بيان: “على غرار شيرلوك هولمز الذي يتعقب عصابة إجرامية، نحن ننظر إلى كل نجم في هذه المجموعة باستخدام عدسة مكبرة، في محاولة للعثور على بعض الأدلة على وجود ثقوب سوداء ولكن دون رؤيتها مباشرة”.
ولاحظ الباحثون حركات النجوم للعثور على أي علامات لثقب أسود. فوجد علماء الفلك ومضات خفية في حركات نجم تبلغ كتلته خمسة أضعاف كتلة الشمس، وهي علامة منبهة للثقب الأسود الذي كان النجم يدور حوله.
من الممكن العثور على على ثقوب أخرى
وأخيرًا عثر العلماء على ثقب أسود كتلته حوالي 11 ضعف كتلة الشمس. يبلغ عمر موطنه، وهو عنقود نجمي يسمى “أن جي سي 1850″، حوالي 100 مليون سنة فقط، وعمليًا هو طفل رضيع بالمقاييس الكونية. ويقول علماء الفلك: “إنه لم يتم اكتشاف ثقب أسود على الإطلاق في كتلة صغيرة في هذا العمر”.
ويعتقد الباحثون أن هذه التقنية قد تساعد في العثور على ثقوب سوداء أخرى في زوايا مظلمة أخرى من الكون، مما يساعدنا على فهم كيف تتقدم هذه الأجسام الغريبة في العمر وتتطور.
Astronomers spot 1st black hole beyond the Milky Way https://t.co/peE2OhsG16
— All About Space (@spaceanswers) November 11, 2021
سبيس