عندما وُلد سوشيرو هوندا في العام 1906، كانت كل تفاصيل الحياة تشير انه سيحيا حياة صعبة. اسرة فقيرة للغاية تعيش في قرية في احدى القرى اليابانية ، والاب يعمل في اصلاح الدراجات الهوائية مقابل اجر زهيد.
كان سوشيرو هو اكبر اخوته، فكان من الطبيعي ان يساعد ابيه في هذه المهنة، وبالطبع يستشعر حب الآلات، خصوصاً الدراجات.
بداية الحلم
في بدايات القرن العشرين، شاهد الطفل احدى الدراجات التي تعمل بمحرك بخاري في احدى الشوارع في اليابان، وكان هذا امرا مذهلا بالنسبة له.
عندما وصل الى عمر الخامسة عشر ، فترك الدراسة بسبب ضعف مستواه الدراسي الشديد، وانتقل الى العاصمة اليابانية طوكيو بحثا عن اي عمل. بالفعل استطاع –بفضل عمله في قريته مساعداً لأبيه في اصلاح الدراجات– ، حصل على وظيفة عامل في ورشة سيارات.
قضى سوشيرو ست سنوات في هذه الورشة يعمل كفتى ميكانيكي، استطاع خلالها تعلم كل شيء –كل شيء حرفيا– بخصوص السيارات والمحركات في ذلك الوقت.
العودة بالخبرات
عاد سوشيرو الى بلده مليئا بالخبرات، وقرر افتتاح ورشة لاصلاح السيارات والدراجات البخارية وهو ابن الثانية والعشرين. ومع اهتمامه بالمحركات عموما الا انه كان جموحا في سباقات الدراجات البخارية تحديدا حتى انه كاد يفقد حياته في احد المرات بسبب حادث تعرض له.
هذا الحادث، جعله يعتزل سباق الدراجات ويتفرغ فقط لاصلاحهها وصناعتها.
وبمرور الوقت، بدأ سوشيرو في تطوير محرك جديد، قائم على تطوير حلقات دائرية لمكبس الاحتراق ” البستن “. بعد سنوات من التطوير، استطاع سوشيرو تطوير محركه بالكامل، وبدأ في محاولة عرضه على عدد من الشركات اليابانية منها شركة تويوتا.
خلال العام 1938، قضى سوشيرو وقتا طويلا في محاولة اقناع تويوتا، مستخدما كل ما لديه من مال. الا ان تويوتا رفضت عدة مرات الاخذ بعيّناته، واعادته اليه طالبة منه المزيد من التطوير. استمر تطويره للمحرك بحسب مواصفات تويوتا لمدة عامين كاملين، حتى قررت تويوتا اخيرا شراءه .
مع عقد الشراء، منحته تويوتا امكانيات لتأسيس مصنع خاص يعمل على صناعة هذا المحرك وتزويده اليها بشكل ثابت.
ضربة غير متوقعة
ووسط كل هذه الامال، انهار كل شيء بإندلاع الحرب العالمية الثانية في العام 1939، والتي كانت اليابان طرفاً أساسياً في الحرب.
خلال فترة الحرب توقف كل شيء، ومرت اليابان بفترة كساد هائل ادى الى خسائر هائلة لمصنع سوشيرو. في العام 1944، وقبل اعلان الاستسلام بعام واحد، تم تدمير المصنع بالكامل بواسطة طائرات من الحلفاء، اعتبروا ان المصنع قد يكون مخصصا للانتاج الحربي للجيش الياباني.
توقف كل شيء وانهار كل شيء، حتى انتهت الحرب فقام سوشيروا ببيع ما تبقى من مصنعه الى شركة تويوتا، ثم استغل هذا المال في تأسيس شركة الخاصة للمرة الأولى بإسم ” مركز هوندا للابحاث التقنية ” في العام 1946، بهد صناعة أول دراجة بخارية بمحرك قوي تعتمد على وقود رخيص السعر، بما يتناسب مع حاجة السوق الياباني المتهالك بعد الحرب.
هذا الشاب يعرفه العالم اجمع بإسمه كاملاً، سوشيرو هوندا، مؤسس شركة هوندا العملاقة للسيارات والدراجات، وكانت هذه بداياته المليئة بالكفاح والتحدي.
عملاق هوندا
في الخمسينيات، مع تحسن احوال الاقتصاد الياباني، بدأت هوندا في انتاج المزيد من انواع دراجات هوندا جيدة السعر والجودة، مما جعلها تقفز قفزات كبيرة في السوق الياباني لتصبح هي زعيمة السوق في انتاج الدراجات. لاحقا دخلت الشركة في انتاج السيارات والمحركات بشكل أوسع.
في بداية السبعينيات، تقاعد سوشيرو هوندا من منصه كرئيس لمجلس ادارة هوندا، وظل رمزا للنهضة اليابانية حتى وفاته في التسعينيات، بعد أن لقبه اليابانيون بلقب ” هنري فورد الياباني ” الذي شارك في نهضة بلاده بعد انهيارها الكامل في الحرب.
في احد المرات، كان يسير في جولة تفقدية في احد مصانع شركته الضخمة، فوجد مجموعة من العمال في احدى الورش. رفع سوشيرو هوندا يده ليسلم عليهم، فشعر العامل بالحرج وسلم على سوشيرو سريعاً لأن يده مليئة بالشحم. فقام سوشيرو هوندا بجذب يد العامل بقوة.