سجّل سعر النيكل ارتفاعاً قياسياً، على خلفية المخاوف حيال الإنتاج الروسي فيما تُحدث الحرب في أوكرانيا هزّة في أسواق السلع الأساسية.
وجرى تداول طن النيكل، المستخدم في صناعة الفولاذ المقاوم للصدأ وبطاريات المركبات الكهربائية، عند 101,365 دولار لمدّة وجيزة اليوم، أي ما يعادل تقريباً ضعف السعر الذي سجله في ذروة ارتفاعه عام 2007. وتراجع لاحقاً إلى 82,195 دولاراً.
ودفع ارتفاع سعر النيكل «بورصة لندن للمعادن» إلى وقف تداوله. وأفادت البورصة في بيان مقتضب: «بعد الارتفاعات الإضافية غير المسبوقة ليلاً في سعر النيكل خلال ثلاثة أشهر، قررت بورصة لندن للمعادن وقف تداوله، على الأقل، لبقية اليوم».
وأحدثت العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، والعقوبات الغربية التي فُرضت على موسكو، اضطرابات في الأسواق، ما أدّى إلى ارتفاع الأسعار، من النفط إلى الغاز وصولاً إلى الألمنيوم والقمح، بينما تراجعت الأسهم.
وأفاد المحلّل لدى «أو إف آي» لإدارة الأصول، بنجامن لوفيه، بأن روسيا ثالث أكبر منتج للنيكل في العالم.
وأضاف «بالنسبة إلى الوقت الحالي، لم تطل العقوبات المنتجين الرئيسيّين للمعادن في البلاد، لكن العديد من شركات القطاع تدار من قبل أوليغارش (شخصيات ثرية ونافذة) مقرّبة من (الرئيس الروسي) فلاديمير بوتين».
وأكد «قد يكون تأثير عقوبات من هذا النوع كبيراً، إذ تذهب 37 في المئة من الصادرات الروسية إلى هولندا و16 في المئة إلى ألمانيا».
أ.ف.ب
اقرأ أيضاً: هل يساعد الذهب المهرّب من السودان بوتين في مواجهة العقوبات الاقتصادية؟
قامت روسيا بتهريب مئات الأطنان من الذهب بشكل غير قانوني من السودان على مدى السنوات الماضية كجزء من جهود تسعى لـ”بناء حصن لروسيا” ودرء إمكانية زيادة العقوبات الاقتصادية التي فرضتها الدول الغربية على موسكو منذ بداية الغزو على أوكرانيا.
وضاعف الكرملين رصيده من الذهب الموجود في البنك المركزي الروسي أكثر من أربع مرات منذ عام 2010، الأمر الذي ساعده في إنشاء “صندوق حرب” مكون من الواردات الأجنبية واحتياطيات الذهب المحلية الهائلة ليصبح ثالث أكبر منتج لممعدن الثمين في العالم، وفق ما ذكرته صحيفة ديلي تلغراف البريطانية.
واحتفظت روسيا بالذهب أكثر من الدولار الأمريكي لأول مرة في يونيو 2020 حيث شكلت السبائك أكثر من 23 في المائة من إجمالي احتياطيات البلاد، والتي ارتفعت إلى 630 مليار دولار اعتبارا من الشهر الماضي.
تشير الإحصاءات الرسمية إلى أن السودان لا يصدر أي ذهب تقريبا إلى روسيا، وقال مسؤول تنفيذي في إحدى أكبر شركات الذهب السودانية لصحيفة التلغراف إن الكرملين هو أكبر لاعب أجنبي في قطاع التعدين الضخم في البلاد.
وتابع قائلا، شريطة عدم الكشف عن هويته، إن “روسيا لديها الكثير من العمليات في الذهب السوداني ويتم تهريب الكثير منه في طائرات صغيرة من المطارات العسكرية المنتشرة عبر البلاد إلى روسيا، موضحا أنه يتم نقل حوالي 30 طنا إلى روسيا كل عام من السودان، على الرغم من أنه من المستحيل قياس الحجم الحقيقي للعملية.
ويرى خبراء أن مجموعة فاغنر الروسية تقوم بتدريب قوات الدعم السريع التابعة لحميدتي، وهي منظمة شبه عسكرية كبيرة تجلس إلى جانب الجيش النظامي في السودان. وعملت الجماعتان المسلحتان معا لتأمين مناجم ذهب مهمة لشركات التعدين الروسية في السودان حيث الأمن ضعيف في المناطق النائية، وفق ما ذكره سيم تاك، الشريك المؤسس لشركة “فوربس أناليسيس”، وهي شركة استشارية مقرها بلجيكا.
وفي عام 2020، قالت الولايات المتحدة إن شركة M-Invest كانت مملوكة لبريغوزين وعملت كغطاء لمجموعة فاغنر الروسية التي تشن حاليا “حملة على الإنترنت مناهضة للثورة” ضد موجة ثانية من الاحتجاجات التي زعزعت استقرار السودان بعد تدخل الجيش في أكتوبر لإزالة إدارة يقودها مدنيون.
وفي الوقت الذي كانت فيه الحكومة السودانية تحاول الاستمرار في تجربتها الديمقراطية، تحالفت روسيا مع حميدتي الذي احتفظ بالسلطة في تحالف انتقالي غير مستقر بين الجيش والسلطة التنفيذية.
وأشار تاك إلى أن السودان الذي يعد أهم مصدر للذهب الأفريقي بالنسبة لروسيا، فهو ليس البلد الوحيد على رادار الكرملين.
وأضاف أن “قرب روسيا من إفريقيا يرتبط بالتقليل من تأثير العقوبات من خلال الذهب لأننا نشهد أشياء مشابهة جدا تحدث في مالي وبوركينا فاسو وجمهورية إفريقيا الوسطى. إنهم يلاحقون البلدان التي تمتلك موارد طبيعية كثيرة لمساعدتها على زيادة احتياطاتها”.
المصدر: مونت كارلو