يمكن أن يغطي الغاز الطبيعي المسال القطري نحو 13% من واردات الغاز الروسي إلى الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة حالياً، حسب تقديرات وكالة “إس آند بي غلوبال” للتصنيفات الائتمانية (S&P).
تسهم روسيا بنسبة 30% إلى 40%، نحو 158 مليار متر مكعب، في عام 2021 من إمدادات الغاز الطبيعي لأوروبا، وفقاً لوكالة الطاقة الدولية.
الوكالة قالت في تقريرها الصادر اليوم إنّ الدوحة تستطيع أن تلعب دوراً مهماً في خطط الحكومات الأوروبية في الاستغناء عن النفط والغاز الروسي بحلول عام 2030.
تُعَدّ قطر أكبر مصدر للغاز المسال في العالم، ومن أكبر منتجي الغاز المسال في العالم عبر شركتها الحكومية “قطر للطاقة”بحصة سوقية تزيد على 20%.
عقود طويلة الأجل
ترتبط شركة “قطر للطاقة” بعقود تصدير غاز طويلة الأجل، تنتهي بعد أكثر من أربع سنوات، مع شحنات قابلة للتحويل تمثل ما بين 10% و15% من إجمالي الصادرات.
بدأت الدوحة فعلياً برنامجاً استثمارياً لرفع الطاقة الإنتاجية للغاز المسال من 77 مليون طن سنوياً إلى 126 مليون طن سنوياً بحلول عام 2027، ومن المقرر الانتهاء من محطة “غولدن باس” للغاز المسال في الولايات المتحدة الأمريكية، العائدة إلى شركة “قطر للطاقة” بحصة تقدر بـ70%، بالشراكة مع شركة “إكسون موبيل” في عام 2024، بسعة إجمالية تبلغ 16 مليون طن متري سنوياً.
تصدر الشركة معظم إنتاجها من الغاز المسال (80%) إلى آسيا ونحو 20% إلى أوروبا، كما تحظى بأسطول نقل مكون من 69 سفينة. يمكنها أيضاً الوصول إلى محطات تسلُّم الغاز المسال في المملكة المتحدة وإيطاليا وبلجيكا ودول أوروبية أخرى.
رغم ذلك هناك قيود محتملة قد تعوق أوروبا من تسلُّم الغاز القطري، على الأقل في المدى القصير، أهمّها النقص في محطات إعادة تحويل الغاز المسال لتسلُّم السعة الإضافية، والقيود الخاصة بسلسة التوريد والشحن.
مخاطر توقف روسيا
قالت روان عويدات، محلل الائتمان الأول بالوكالة: “في ظل وجود مخاطر من توقف روسيا عن ضخ الغاز عبر خط أنابيب (نورد ستريم 1) إلى ألمانيا، توجهت الأنظار إلى البدائل المحتملة، وتُعَدّ قطر مرشحاً واضحاً بالتزامن مع دخول مزيد من المشاريع في الإنتاج”.
تعتقد الوكالة أن خطط الاتحاد الأوروبي لتنويع مصادر الطاقة بعيداً عن الغاز الروسي يمكن أن يكون لها آثار مهمة لقطر . مع ذلك من غير المرجح أن تتمكن الشركة من أداء دور رئيسي في المدى القصير.
الوكالة توقعت أن تشهد شركة “قطر للطاقة” ارتفاعاً متواضعاً في مركزها التمويلي القوي بفضل ارتفاع أسعار النفط، بغض النظر عن وجهة صادراتها. كما ستدعم عائدات تصدير الغاز المرتفعة المراكز الخارجية والمالية القوية لقطر.
أ.ف.ب
اقرأ أيضاً: مكاسب غير متوقعة.. دول “استفادت اقتصاديا” من غزو روسيا لـ “أوكرانيا”
يهدد الغزو الروسي لأوكرانيا بتأجيج التضخم وتقليص النمو في جميع أنحاء العالم، لكن عددًا قليلاً من الدول في طريقها لتحقيق مكاسب غير متوقعة من الصادرات بفضل ارتفاع أسعار الطاقة والسلع.
يمكن اعتبار معظم العالم خاسرًا اقتصاديًا من الصراع، حيث من المقرر أن يؤدي الارتفاع المتزايد لأسعار المواد الغذائية والطاقة إلى زيادة التضخم من آسيا إلى أوروبا والولايات المتحدة، مما يضغط على ميزانيات الأسر كما كان حال في السنة الأولى لوباء كورونا، بحسب صحيفة “وول ستريت جورنال”.
وأكدت الصحيفة أنه حتى الاقتصادات التي ستنجح في التعامل مع ارتفاع أسعار السلع الأساسية ستواجه ألمًا تضخميًا، وقد يكافح البعض لتوسيع الإنتاج بسرعة لجني أي فائدة دائمة من ارتفاع الأسعار.
ويرى المستثمرون أن العقوبات الغربية والاضطرابات اللوجستية يمكن أن تخنق الإمدادات الوفيرة من النفط والغاز والحبوب والمعادن والأسمدة لروسيا.
لكن دولا مثل كندا وأستراليا ودول الخليج العربي الغنية بالطاقة ستستفيد من الغزو، بسبب الارتفاعات القياسية في النفط والغاز وعدد من المعادن مثل النيكل والبلاديوم، بحسب الصحيفة الأميركية.
وقال رئيس البنك الاحتياطي الأسترالي فيليب لوي، في خطاب ألقاه في سيدني، الأربعاء: “معاملاتنا التجارية سترتفع خلال الأشهر المقبلة، مما سيوفر دفعة لدخلنا القومي”. وأشار إلى أن معظم الزيادة ستأتي من ارتفاع أرباح الشركات وعائدات الضرائب، لكنه توقع أيضًا أن يؤدي ارتفاع الأسعار إلى التهام ميزانيات الأسر وزيادة التكاليف للشركات خارج قطاع الموارد.
دول الخليج
روسيا هي الاقتصاد الحادي عشر في العالم، ومورد رئيسي للطاقة إلى أوروبا ومصدر مهم للمعادن المستخدمة في المصانع في جميع أنحاء العالم. فهي تنتج حوالي 40٪ من البلاديوم في العالم، المستخدم في المحولات الحفازة وأشباه الموصلات، وحوالي 10٪ من نيكل العالم المستخدم في الفولاذ المقاوم للصدأ والبطاريات؛ والمواد الأساسية الصناعية مثل الألمنيوم، وفقًا لهيئة المسح الجيولوجي الأميركية.
تخضع البلاد الآن لحزمة شاملة من العقوبات المالية من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وآخرين تهدف إلى شل اقتصادها، لوقف عدوانها على أوكرانيا.
وبسبب الغرو الروسي لكييف والعقوبات المفروضة على موسكو، ارتفعت أسعار النفط بشكل حاد في الأيام الأخيرة، فقد وصل سعر برميل خام برنت نحو 130 دولارًا الأسبوع الماضي، وهو أعلى مستوى منذ يوليو 2008.
يعد ارتفاع أسعار النفط بشرى سارة لكبار المنتجين مثل السعودية، حيث يمثل قطاع النفط والغاز حوالي 50٪ من الناتج المحلي الإجمالي، والعراق، حيث يساهم النفط بنحو 85٪ من ميزانية الدولة، وفقًا للبنك الدولي.
وقالت مونيكا مالك، كبيرة الاقتصاديين في بنك أبوظبي التجاري، إنه إذا بلغ متوسط النفط 100 دولار للبرميل أو أعلى في عام 2022، فمن المرجح أن تحقق السعودية فائضا ماليا كبيرا بدلا من العجز في الميزانية الذي بلغ 4.9٪ في عام 2021.
مثل هذه المكاسب المالية غير المتوقعة ستمنح دول الخليج موارد إضافية لتمويل المشاريع العملاقة مثل مدينة نيوم، فضلاً عن البنية التحتية المرتبطة باقتصاد ما بعد النفط بما في ذلك مصادر الطاقة المتجددة والهيدروجين والأمونيا.
وقال جيم كرين، زميل أبحاث الطاقة في معهد بيكر بجامعة رايس: “إن ضخ نقود كبيرة يساعد دول الخليج لتنويع اقتصاداتها دون استعداء أي شخص بضرائب جديدة”.
كما أن ارتفاع أسعار النفط يعد حافزًا لقطاع الطاقة في الولايات المتحدة، وإيران وفنزويلا، الذان يعتمدن على النفط لملء خزائن الحكومة.
ارتفاع المعادن
وسيؤدي ارتفاع أسعار المعادن والسلع الأخرى التي ينتجها الروس إلى مكاسب غير متوقعة للمنتجين المنافسين مثل جنوب إفريقيا، وهي منتج كبير للبلاديوم والبلاتين والذهب والماس.
كما تعد إندونيسيا والفلبين أول وثاني أكبر منتجي النيكل في العالم، وفقًا لهيئة المسح الجيولوجي الأميركية.
خلال الأسبوع الماضي، تضاعف سعر النيكل أكثر من ثلاثة أضعاف، ووصل في وقت ما إلى مستوى قياسي بلغ 100 ألف دولار للطن المتري.
كما أن أستراليا وكندا ستكونان أكبر المستفيدين من الضغط على السلع من كل من روسيا وأوكرانيا. يُصدر كلا البلدين الطاقة والقمح والمعادن، بينما تعد كندا أيضًا منتجًا رئيسيًا للبوتاس والأسمدة والزيوت والبذور المستخدمة في صناعة بدائل الأعلاف الحيوانية والنباتية لزيت عباد الشمس.
ومع ذلك، لن يكون تلبية الطلب العالمي وسط اضطرابات العرض أمرًا سهلاً، مما يزيد من التضخم العالمي.
ويؤكد الاقتصاديون أنه حتى لو استفاد مصدرو السلع الأساسية من ارتفاع أسعار صادراتهم، فإن هذه الفائدة ستنخفض بسبب التضخم العالمي.
على سبيل المثال مصر منتج للغاز، لكنها أيضًا أكبر مستورد للقمح في العالم، والذي يأتي معظمه من أوكرانيا وروسيا، وإذا ارتفع القمح بنسبة 50٪ هذا العام، فإن فاتورة الواردات المصرية سترتفع بنحو 0.2٪ من إجمالي الناتج المحلي، وفقًا لشركة “كابيتال إيكونوميكس”.
المصدر: وول ستريت جورنال – ترجمة: الحرة