تتصاعد وتيرة المخاوف في العالم من اندلاع حرب مالية قد تهدد بإطاحة الدولار الأميركي عن عرشه لصالح عملات أخرى، وذلك كنتيجة للعقوبات الاقتصادية التي فرضها الغرب على روسيا، والتي فتحت الباب لكثير من التكهنات بشأن مستقبل الواقع الاقتصادي العالمي.
وأشعلت العقوبات الغربية على روسيا، وما تلاها من قرارات اتخذتها موسكو بما فيها إجبار بعض الدول على سداد ثمن النفط والغاز بالعملة المحلية الجدل حول ما إذا كان من الممكن أن تستغني بعض الدول عن الدولار الأميركي، أو إذا ما كان من الممكن أن يهتز عرش الدولار عالمياً كنتيجة لهذه التطورات.
وقال تقرير نشرته جريدة “فايننشال تايمز” البريطانية، إن “الصين هي المنافس الرئيس، لكن السؤال الأهم هو “من الذي سيثق به العالم بواقعية أكثر: الولايات المتحدة أم الصين؟”.
ويقول التقرير إنه حتى البلدان التي تصطدم بانتظام مع واشنطن لن تشعر بأمان أكبر مع الرنمينبي الصيني، وذلك بسبب أن بكين أبدت استعداداً أكبر أصلاً لفرض عقوبات اقتصادية على الدول التي لا تلتزم بنهجها في قضايا مثل تايوان.
وضربت الصحيفة البريطانية مثالاً على عدم الثقة عالمياً بالصين بالإشارة إلى الهند التي لا تحب هيمنة الدولار، لكن على الرغم من ذلك فإن فكرة ضخ كميات كبيرة من احتياطياتها الأجنبية في الرنمينبي لا يزال أمراً غير معقول حتى لو سمحت الصين لها بذلك.
ويقول الباحثون إن فكرة انتهاء هيمنة الدولار الأميركي على الاقتصاد العالمي لا يمكن أن تحدث بشكل سريع وإنما تحتاج إلى وقت طويل، حيث يشير الخبراء الاقتصاديون إلى أن الجنيه الاسترليني ظل مهيمناً على الاقتصاد العالمي لسنوات طويلة بعد تراجع بريطانيا وتحولها إلى قوة متوسطة، قبل أن يصعد الدولار بدلاً منها في وقت لاحق.
وتضيف “فايننشال تايمز” أنه “يمكن للدول أن تحاول التخفيف من ضعفها أمام العقوبات المالية من واشنطن، لكنها لا تستطيع القضاء عليها، خاصة إذا انضمت أوروبا وحلفاء آخرون مثل اليابان كما فعلوا في حالة روسيا”.
وكان الخبير الاقتصادي الأميركي المعروف باري إيتشينغرين قد نشر ورقة بحثية قبل أسابيع قليلة تتحدث عن “التآكل الخفي” لهيمنة الدولار، لكنه اعترف لاحقاً بأنه فوجئ بــ”مرونة دور الدولار في النظام المالي العالمي، مع انخفاض معظم خسائر حصته في السوق”.
ويقول إيتشينغرين: “أعتقد أن سنوات ترمب قد غيرت تلك المعادلة قليلاً. إن السياسة الخارجية غير المنتظمة للولايات المتحدة، لم تقوض بشكل كبير الدور الفريد للدولار أو البنوك الأميركية، وأدت هذه التجربة المطمئنة إلى حد ما إلى جانب العمل الروسي العدواني بشكل غير عادي إلى نتيجة لم أكن أتوقعها تماماً”، في اشارة إلى أن هيمنة الدولار على الاقتصاد العالمي لم تتأثر على الرغم من سياسات ترمب والعقوبات على روسيا.
وأضاف: “لقد رأينا الصعوبة التي تواجهها الصين وروسيا في إيجاد بدائل للنظام النقدي والمالي الغربي. الحقيقة هي أن الرنمينبي لم يكتسب أهمية كبيرة كعملة احتياطي دولية، كما أنه لا يوفر الكثير من الباب الخلفي لبلدان مثل روسيا”.
المصدر: العربية