تستعد الصين للقيام بتجربة تهدف إلى تغيير مسار كويكب، في إطار نظام يهدف إلى الدفاع عن كوكب الأرض بوجه أخطار مماثلة كالنيازك.
فقد أوضح نائب مدير إدارة الفضاء الوطنية الصينية (CNSA)، “وو يانهوا” أن بلاده تعمل على صياغة خطة دفاع عن كوكب الأرض، وستجري دراسات وأبحاث تقنية لتطوير أنظمة لمواجهة التهديدات التي تشكلها الكويكبات القريبة من سطح الكرة الأرضية.
تزامنا مع ذلك، ستضع إدارة الفضاء الصينية نظام إنذار مبكر وتطور برمجيات لمحاكاة العمليات ضد الأجسام القريبة من الأرض واختبار الإجراءات الأساسية والتحقق منها.
وفي المرحلة الأخيرة، ستحدد البعثة كويكب قد يشكل خطرا على كوكب الأرض وتصطدم به بهدف تغيير مساره. وسترسل هذه المهمة عام 2025 أو 2026.
يذكر أن وكالة الفضاء الصينية ليست الوحيدة ولا الأولى التي تعمل على تطوير قدرات دفاع لكوكبنا. فقد أطلقت وكالة ناسا مركبة فضائية أواخر عام 2021. وسوف تصطدم المركبة مع كويكب قريب من الأرض في سبتمبر من عام 2022.
المصدر: وكالات
اقرأ أيضاً: بتكلفة 330 مليون دولار.. “ناسا” تنفّذ مَهمة “دفاع كوكبي” لتحرف اتجاه كويكب
يفتَرَض أن تصطدم مركبة فضائية تابعة لوكالة الفضاء الأميركية «ناسا» طواعية بعد أقل من عام بقليل بأحد الكويكبات في عملية تهدف إلى حَرف مساره، وصفت بأنها «دفاع كوكبي»، ويمكن أن تتيح مثيلاتها للبشرية تفادي اصطدام أي أجسام فضائية بكوكب الأرض مستقبلاً.
ويذكّر هذا السيناريو بفيلم «أرماغيدون» الذي يتولى فيه الممثلان بروس ويليس وبن أفليك إنقاذ الأرض من كويكب ضخم في طريقه نحوها.
لكنها هذه المرة تجربة حقيقية جداً تنفذها «ناسا». ورغم أن لا كويكبات كبيرة معروفة موجودة في مسار تصادمي حالياً، تندرج هذه العملية في إطار التحضير لهذا الاحتمال.
وقال ليندلي جونسون من قسم الدفاع الكوكبي في «ناسا»، خلال مؤتمر صحافي الخميس: «لا نريد أن نجد أنفسنا في وضع يكون فيه كويكب متجهاً نحو الأرض، ونضطر عندها إلى اختبار هذه التقنية» للمرة الأولى.
وأُطلقت على المركبة تسمية «دارت»، وهي كلمة تعني بالإنكليزية «السهم الصغير»، مكوّنة في هذه الحالة من الأحرف الأولى لعبارة «دابل أستيرويد ريدايركشن تست» (اختبار إعادة توجيه كويكب مزدوج)، وهي تقلع من كاليفورنيا محمولة على صاروخ «فالكون 9» من شركة «سبايس إكس» في الساعة 22,20 بالتوقيت المحلي يوم 23 تشرين الثاني.
وبعد عشرة أشهر، ستضرب المركبة الفضائية هدفها الواقع على بعد 11 مليون كيلومتر من الأرض، ويحصل الاصطدام في اللحظة التي يكون الكويكب في أقرب مسافة له من الأرض.
والهدف مزدوج في الواقع، إذ هو عبارة أولاً عن كويكب كبير يحمل اسم «ديديموس»، يبلغ قطره 780 متراً، أي ضعف ارتفاع برج إيفل.
وفي المدار حوله، يوجد القمر «ديمورفوس» ذو القطر البالغ 160 متراً، أي أطول من تمثال الحرية.
وبهذا القمر سترتطم المركبة بسرعة 24 ألف كيلومتر في الساعة، علماً أنها أصغر منه بنحو مئة مرة.
وسيؤدي الاصطدام إلى تطاير أطنان من المواد.
وأوضحت نانسي تشابوت من مختبر الفيزياء التطبيقية بجامعة «جونز هوبكنز» التي تدير المهمة بالشراكة مع «ناسا» أن «هذا الاصطدام لن يدمر الكويكب، بل سيوجه إليه ضربة صغيرة».
وسينجم عن ذلك خفض مدار الكويكب الصغير حول الكويكب الكبير بنسبة «نحو 1%» فقط، على ما شرحت.
ومن المعروف بفضل المراقبة التي تُجرى بواسطة التلسكوبات على الأرض منذ عشرات الأعوام أن«ديمورفوس» ينفذ دورة كاملة حالياً حول «ديديموس» في 11 ساعة و55 دقيقة بالضبط.
وباستخدام التلسكوبات نفسها، سيعاد قياس هذه الفترة بعد الاصطدام. وتوقّعت الباحثة أن تستغرق الدورة بعد ذلك «11 ساعة و45 دقيقة، أو شيئاً من هذا القبيل».
ولا يعرف العلماء كم بالضبط ستبلغ هذه الفترة، وهذا تحديداً ما يريدون اكتشافه. وثمة مجموعة عوامل تؤثر، منها زاوية الارتطام، وطابع سطح الكويكب وتكوينه أو حتى حجمه الدقيق، وكل ذلك غير معروف حتى الآن.
وأفاد آندي تشنغ من جامعة «جونز هوبكنز» بأن هذا الاختبار سيتيح تكوين «فكرة عن مقدار القوة التي يستلزمها حرف كويكب عن مساره لكي لا يصيب الأرض»، ما قد يفيد «في حال اكتشاف كويكب يوماً ما في مسار ارتطام بالأرض».
وأوضح تشنغ أن تغييراً طفيفاً سيطرأ كذلك على المدار حول شمس الكويكب الكبير «ديديموس»، بسبب علاقة الجاذبية بقمره. لكنه أشار إلى أن هذا التغيير «صغير جداً بحيث لا يمكن قياسه. لذا فهي تجربة آمنة للغاية».
وقبل عشرة أيام من الارتطام، ستطلق المركبة الرئيسية قمراً اصطناعياً صغيراً سيستخدم نظام الدفع الخاص به ليحرف مساره الخاص قليلاً.
وبعد ثلاث دقائق من الاصطدام، سيطير القمر الاصطناعي فوق «ديمورفوس» لمراقبة أثر الارتطام وربما الحفرة التي قد يكون أحدثها على سطح الكويكب.
وتبلغ التكلفة الإجمالية لهذه العملية 330 مليون دولار.
ورأى ليندلي جونسون أن هذه التقنية، في حال نجح الاختبار، «يمكن أن تكون جزءاً من علبة معدّات، بدأنا في ملئها، من أجل تحويل مسار كويكب». وأشار في هذا الإطار مثلاً إلى طرق يمكن أن تستخدَم فيها قوة الجاذبية لمركبة طائرة قريبة من كويكب لفترة طويلة، أو استخدام الليزر.
لكنه اعتبر أن المفتاح يكمن أولاً في تحديد التهديدات المحتملة. وقال: «تتمثل الإستراتيجية في العثور على هذه الأجسام ليس فقط قبل سنوات بل قبل عقود من حدوث أي خطر اصطدام بالأرض».
وثمة نحو 27 ألف كويكب معروف على مقربة من كوكب الأرض في الوقت الراهن.
ويعتبر كويكب «بينو» الذي يبلغ قطره 500 متر، أحد كويكبين تم تحديدهما في نظامنا الشمسي يشكلان أكبر خطر على الأرض ، وفقًا لوكالة «ناسا».
لكنّ نسبة خطر اصطدامهما بالأرض من الآن إلى سنة 2300 لا تتعدى 0,057%.
اقرأ أيضاً: ناسا: موعد استيطان الفضاء وتأسيس حضارة ذكية قد يكون أقرب مما نتصور
وسط اقتناعهم أن الحضارة الإنسانية تسير باتجاه الخراب، قام باحثون في شركة ناسا الأمريكية للفضاء باحتساب التاريخ المحتمل لاستيطان كواكب مختلفة في النظام الشمسي وما بعده، استنادا على قوة البرمجيات اللازمة لتحقيق ذلك.
فوفقا للدراسة، يمكن للإنسان مثلا الوصول إلى قمر تابع لكوكب المشتري في العام 2076 في مهمة تحمل روبوتات، وقد نبدأ استيطانه بحضارة ذكية في العام 2383.
اعتبرت دراسة أولية في خلاصتها، نشرت على موقع ” arXiv”، أنه أصبح من الضرورة إعداد مشروع مكثف ومستدام “لاستكشاف الفضاء والاستيطان فيه، بهدف الحفاظ على الجنس البشري على المدى الطويل”.
“القدرة الحاسوبية”
أما اللافت في هذه الدراسة، فهو أن العلماء لم يستندوا في استنتاجاتهم وتوقعاتهم إلى المشاريع التي تتطور حاليا لاستعمار الفضاء، أو المركبات المعقدة التي يمتلكها الانسان. بل اعتمد هؤلاء معيارا واحدا هو “القدرة الحاسوبية”.
ويشير الباحثون في هذا الإطار إلى أن “الدافع وراء اختيار هذا العامل الحاسم هو ملاحظتهم للمعطيات التاريخية التي تكشف أنه كل ما تطورت القدرة الحاسوبية التي يمتلكها الانسان تطورت معها بشكل مواز تقنيات استكشاف الفضاء”.
ويضيف هؤلاء أنه عندما يكون الذكاء الاصطناعي المدمج في سفن الفضاء “ذكيًا” بما يكفي لاتخاذ قرارات في الوقت الفعلي، فإنه سيوفر ساعات عديدة يستغرقها التواصل مع العلماء على الأرض.
لكن الحسابات الحالية للعلماء لا تأخذ بعين الاعتبار الوقت التي تستغرقه الرحلات إلى الأجرام الفضائية المستهدفة. مثال على ذلك، يعتبر العلماء أن الوصول إلى النظام الكوكبي الأقرب إلى نظامنا الشمسي ممكنا في العام 2254.
لكنها لا تذكر أي شيء عن وقت الرحلة الذي سيستغرقه الوصول إلى هذا النظام الواقع على بعد 4244 سنة ضوئية.
كما يعترف العلماء القيمون على هذه الدراسة أنه سيكون من المستحيل تحقيق ذلك باستخدام الصواريخ التقليدية التي نمتلكها، مؤكدين الحاجة إلى أنظمة دفع “ثورية”.
رغم ذلك، لا يفقد العلماء الأمل، ويعودون إلى المربع الأول والعامل الأساسي لدراستهم موضحين: “سنكون بحاجة إلى قوة حاسوبية أكبر مما لدينا اليوم لتصميم وبناء وتشغيل مركبات فضاء ثورية”.
المصدر: وكالات