تشتهر الفيلة بكونها حيوانات عملاقة ودودة، لكن يبدو أن تغيّر المناخ وارتفاع درجات الحرارة، قد دفع تلك الحيوانات لتغيير سلوكها ومهاجمة البشر.
وخلال السنوات الماضية، تمّ الكشف عن حوادث عدة قام فيها الفيلة بمهاجمة البشر. وأفاد تقرير حكومي في الهند عام 2020، بأن الفيلة تقتل 500 شخص سنويًا.
في أجزاء من إفريقيا، تدخل الأفيال بشكل متزايد إلى الأراضي الزراعية بحثًا عن الطعام والماء، خاصة خلال مواسم الحصاد. وعام 2018، دمّر قطيع مؤلف من 28 فيلًا 18 منزلاً وأسيجة في قرية أوجوروتي في ناميبيا.
كما شهدت نجاريمارا شمال كينيا، حادثة مشابهة أخرى عام 2021. وفي ذلك الوقت، هدّد المزارعون بقتل الأفيال، قبل أن تتدخل مجموعات الرفق بالحيوان.
وقالت عالمة الاجتماع البيئي المتخصّصة في الصراع بين الإنسان والحياة البرية نيكي رست لمجلة “إيكونوميست” البريطانية، إن الأفيال تصبح أكثر عدوانية عندما ترتفع درجات الحرارة، مضيفة أن “تغيّر المناخ يؤثر على الأشياء التي تعتمد عليها الحيوانات للبقاء على قيد الحياة”.
وأشارت إلى أن الفيلة معروفة بتدمير الآبار بحثًا عن الماء، إلا أن حالات الجفاف ستجعل الأفيال أكثر توترًا وأكثر خطورة، وإذا لم تحصل الأفيال على التغذية التي تحتاجها، فإنها معرّضة لخطر المجاعة.
وعام 2019، عانت زيمبابوي من جفاف مدمّر، وتمّ نقل 600 فيل في محاولة لإنقاذ حياتهم، مع موت 200 في غضون شهر واحد.
وقالت مديرة الأبحاث والعلوم في برنامج التعايش بين الإنسان والفيلة في كينيا ليديا تيلر للمجلة، إنهم يشهدون زيادة هائلة في الصراعات بين البشر والفيلة في جميع أنحاء إفريقيا.
وأضافت: “لسوء الحظ، لا نعرف الصورة الكاملة للتأثيرات طويلة المدى لتغير المناخ على الأفيال”، مؤكدة “ارتفاع عدد الأفيال التي تُقتل بسبب الصراع”.
وأشارت تيلر إلى تنافس بين الفيلة والبشر على مصادر المياه والأراضي الزراعية، متوقّعة أن “يزداد الأمر سوءًا” بسبب الجفاف ونقص الأمطار.
وكشفت دراسة لجامعة كينت عام 2021، أن عدد حوادث الإغارة على المحاصيل المرتبطة بالفيلة، زاد بنسبة 49% على مدار 15 عامًا، وأنه يتعيّن على المزارعين قضاء وقت أطول بكثير في حماية محاصيلهم.
من جانبه، توقّع مدير المناخ والمجتمعات والحياة البرية في الصندوق العالمي للحياة البرية نيخيل أدفاني زيادة حدة الصراع مع استمرار التغيّر المناخي، قائلًا: “لديك أناس وماشيتهم يتنافسون مع الحيوانات مثل الفيلة بسبب تقلّص مصادر المراعي والمياه”.
وفي كينيا، تمثّل مزارع الأفوكادو تهديدًا للفيلة، بعدما توسّعت بشكل كبير امتد إلى معقل هذه الحيوانات في المحميات الطبيعية.
وفي بعض قرى كينيا، عادة ما تكون النساء مسؤولات عن جمع المياه حيث يدخلون إلى مناطق الحياة البرية المحمية للفيلة.
ولتفادي التنافس بين البشر والفيلة على المياه، تمّ تركيب أنظمة تجميع مياه الأمطار في القرى، وبعد ذلك، تمّت استعادة مصدر مياه يمكن أن تستخدمه الحياة البرية في المناطق المحمية.
ولكن مع تفاقم تغيّر المناخ، أبدى أدفاني خشيته من أنه قد يكون هناك وقت تصبح فيه مبادرات مثل هذه صعبة للغاية.
وقال: “مع الجفاف الشديد، يتعيّن على السكان نقل المياه بالشاحنات من جميع الأنحاء، وهذه هي أنواع الأشياء التي نحتاج إلى الاستمرار في القيام بها. ولكن قد يصل الأمر إلى نقطة لا يكون من الممكن فيها القيام بعمل مكلف للغاية، أو غير عملي”.
المصدر: ترجمات