أصدرت منظمة الصحة العالمية، اليوم الأربعاء، توجيهاتها الخاصة بعلاج الأشخاص المصابين بداء الليشمانيات الحشوي “الكلازار” وفيروس نقص المناعة البشرية “الإيدز” معاً، وذلك بناءً على نتائج اثنتين من الدراسات التي أجرتها مبادرة الأدوية للأمراض المهملة (DNDi) ومنظمة أطباء بلا حدود (MSF) وشركاؤهم في إثيوبيا والهند.
في إثيوبيا، تبين أن استراتيجية العلاج الجديدة لديها معدل تعافي بنسبة 88 بالمئة في نهاية العلاج (بعد 58 يوماً)، بينما كانت فعالية العلاج الحالي 55 بالمئة في التجربة، أما في الهند فأظهرت نسبة العلاج فعالية كبيرة بلغت 96 بالمئة من الحالات العلاجية بعد استخدامه لمدة 210 يوماً، بينما لوحظ انخفاض بنسبة 88 بالمئة للحالات التي تلقت العلاج القياسي.
مديرة مبادرة توفير الأدوية المهملة الطبيبة “فابيان ألفيس” قالت: “هذه نتائج رائعة، بالنظر إلى الصعوبات التي تواجه تحقيق الاستجابة العلاجية للمرضى المصابين بداء الليشمانيات الحشوي وفيروس نقص المناعة البشرية.
وأضافت الطبيبة “تعد إرشادات منظمة الصحة العالمية الجديدة خطوة مهمة ستحسن بشكل كبير حياة المرضى المصابين بكلا المرضين، والذين يعانون من وصمة العار والنبذ وفقدان الدخل والانتكاسات المتكررة”.
ويعتبر الأشخاص المصابون بفيروس نقص المناعة البشرية أكثر عرضة بنسبة 100 إلى 2300 مرة للإصابة بداء الليشمانيات الحشوي، المعروف أيضاً باسم “كالازار”، وهو مرض استوائي مهمل ينتقل عن طريق لدغة ذبابة الرمل ويسبب الحمى وفقدان الوزن والتعب الشديد، ويعتبر المرض قاتلاً إذا تُرك دون علاج.
غالباً ما يكون من الصعب علاج الأشخاص المصابين بمرضي “الإيدز والكلازار” معاً، وذلك بسبب إضعافهما للجهاز المناعي الذى لا يستجيب للعلاجات النموذجية بصورة كبيرة، ومن المحتمل أن تتطورآثار جانبية خطيرة عند هؤلاء المرضى جراء استخدامهم للعلاج، وأن يكون لديهم معدل خطورة أكبر بالإصابة بنوبات من داء اللشمانيات الحشوي “بالكالازار” في المستقبل ومن ثم الموت المحتوم.
الباحثة الرئيسية في الدراسة من إثيوبيا الطبيبة “رزيقة محمد”، أستاذة مساعدة في الطب الباطني بجامعة جوندار قالت: “إن العلاج الجديد الذي تم تضمينه الآن في إرشادات منظمة الصحة العالمية، يزيد بشكل كبير من فرص الشفاء أثناء حدوث داء الليشمانيات الحشوي”.
ويعتبر العمال المهاجرون الموسميون الشباب في إثيوبيا، الذين يعملون في مزارع كبيرة ويتعرضون للدغات ذباب الرمل، من أكثر الأشخاص المعرضين لخطر العدوى المشتركة، بصرف النظر عن الفعالية المنخفضة للعلاجات القياسية لهؤلاء المرضى، فإنهم غالباً ما ينتكسون ويبقون في المستشفيات لفترات طويلة ويفقدون دخلهم ويسقطون في براثن الفقر، وقد يتم نبذهم أيضاً من قبل زملائهم في العمل ومجتمعاتهم وأحياناً من قبل أفراد أسرهم.
ويشمل العلاج النموذجي لدائي اللِّيشْمانِيَّاتِ الحَشَوِيّ (الكالازار) ونقص المناعة المكتسب (HIV) من تركيبتين هما حقنة liposomal amphotericin B (LAmB) و (miltefosine and LAmB)، وقد أظهرا معاً فعالية عالية من خلال الدراستين اللتين أجرتهما منظمة أطباء بلا حدود و ومبادرة توفير عقاقير للأمراض المهملة والشركاء الداعمين في كل من الهند وإثيوبيا.
وقال الطبيب “ساكب بورزا”، المستشار الطبي ومنسق الدراسة في منظمة أطباء بلا حدود “إن هؤلاء المرضى يعانون من العديد من المشكلات الطبية المعقدة التي يجب معالجتها بشكل شامل، بما في ذلك انتشار مرض السل”.
ومن المتوقع أن تقوم الهند وإثيوبيا والدول الأخرى التي يتوطن فيها كلا المرضين بتكثيف إرشادات العلاج الخاصة بهم في المستقبل، لتشمل العلاج الجديد الذي أوصت به منظمة الصحة العالمية.
الطبيب “كريشنا باندي”، مدير معهد أبحاث راجندرا التذكاري والباحث الرئيسي في الدراسة، “هذا العلاج الجديد خبر رائع، لأنه يقلل من استخدام الأدوية القابلة للحقن ويزيد بشكل كبير من فرص علاج المرضى، إذ يوصي به على مدى 14 يوماً، والتي كانت في وقتٍ سابق 38 يوماً، نحن فخورون بهذا الإنجاز”.
بدورها؛ الطبيبة “مونيك واسونا”، المدير الإقليمي لـ DNDi Eastern Africa ، في نيروبي قالت: “لا يزال المركب العلاجي الجديد يعتمد على الميلتيفوزين، وهو دواء يؤخذ عن طريق الفم يمكن أن يؤثر على نمو الجنين عند النساء الحوامل؛ أمفوتريسين ب الشحمي، دواء يُعطى على شكل حقن يمكن أن تكون له مضاعفات تتطلب مكوثه في المستشفى للمراقبة، وإن الإقامة الطويلة في المستشفى أو الزيارات المتكررة إلى المستشفى يمكن أن تمثل تحدياً لبعض المرضى وقد تؤدي إلى خسارة كبيرة في الدخل لكل من المريض ومقدمي الرعاية”.
ولا يزال المرضى المصابون بداء الليشمانيات الحشوي بحاجة إلى علاجات محسنة وآمنة وفعالة، وهذا هو السبب في أن DNDi وشركائها يواصلون جهودهم لتطوير علاج يتم تناوله بالفم تماماً وآمناً وفعالاً – وهو دواء يمكن تناوله على مستوى الرعاية الصحية الأولية، والذي سيسمح للعاملين الصحيين بالوصول إلى جميع الأشخاص المتضررين من داء الليشمانيات الحشوي، بحسب “واسونا”.
الجدير بالذكر أنه تم دعم التجربة السريرية في إثيوبيا مالياً من قبل البرنامج الإطاري السابع للاتحاد الأوروبي، ووزارة التعليم والبحث الفيدرالية الألمانية (BMBF) من خلال KfW، ووزارة الشؤون الخارجية الهولندية (DGIS)، والوكالة الإسبانية للتعاون الإنمائي الدولي، والمعونة البريطانية، والوكالة السويسرية للتنمية والتعاون (SDC) ومنظمة أطباء بلا حدود الدولية ومؤسسة ميديكور، كما موّلت منظمة أطباء بلا حدود أسبانيا التجربة في الهند.