كشفت دراسة علمية حديثة أن فريقا دوليا من الباحثين تمكن من اكتشاف بصمات ضخمة جديدة لديناصورات من فصيلة التيروبود theropod اللاحمة في منطقة إيملشيل (وسط الأطلس الكبير) بالمغرب، ونشرت نتائج الدراسة العلمية في دورية “جورنال أوف أفريكان إيرث ساينسز” (Journal of African Earth Sciences) يوم 24 مايو/أيار الماضي.
وتكون فريق البحث الذي أجرى الدراسة العلمية من أساتذة باحثين من إسبانيا والولايات المتحدة والمغرب، واستغرقت أبحاث الدراسة حوالي 4 سنوات، مع زيارات متكررة لموقع إيملشيل انطلقت منذ عام 2016.
يقول موسى مسرور الباحث المغربي المشارك في الدراسة للجزيرة نت عبر البريد الإلكتروني “الدراسة مكنتنا من التعرف بدقة على بصمتين ضخمتين جديدتين لديناصورات من نوع التيروبود، يتجاوز طولها 70 سم، وهي تعود للعصر الجوراسي المتوسط، وفي هذه الدراسة تم تقديم كل المعطيات الرقمية المتعلقة بهاتين البصمتين ووصفهما بدقة”.
بصمات ضخمة
وحسب موسى مسرور الباحث في كلية العلوم بجامعة ابن زهر بأغادير”تعتبر هاتان البصمتان الكبيرتان في موقع إيملشيل بالأطلس المتوسط بالمغرب، من بين 26 بصمة ضخمة للتيروبودات المعروفة على الصعيد العالمي”.
وتجدر الإشارة الى أنه سبق أن عثر بعض أعضاء فريق الدراسة على بصمة كبيرة للتيروبود في منطقة إيواريدن ناحية مدينة دمنات بالمغرب عند السفح الشمالي لجبال الأطلس الكبير، من العصر الجوراسي العلوي ويصل طولها إلى 80 سم.
ويشير موسى مسرور إلى أن الذي يهم الجمهور غير المتخصص في هذه الدراسة العلمية “هو أن اكتشاف بصمات كبيرة جدا للديناصور، يثبت وجود ديناصورات بأحجام كبيرة، حتى في حالة عدم العثور على بقايا عظام لهذه الديناصورات الضخمة”.
وتسعى هذه الدراسة العلمية إلى تثمين الدراسات العلمية السابقة التي أجريت في منطقة إيملشيل، لكونه كبير المساحة ويرجح أن يكون أكبر موقع لآثار الديناصورات وحيوانات أخرى عاشت بجانبها في العصر الجوراسي بالمغرب؛ حيث عرف باكتشافات عديدة توصلت اليها فرق بحث عالمية وشارك فيها علماء مغاربة من مختلف التخصصات.
مقارنة مثيرة للاهتمام
وفي هذه الدراسة قام فريق البحث بمقارنة آثار بصمة الديناصورات الضخمة اللاحمة ذوات الأقدام العملاقة (ذوات الرجلين) في العالم، لمعرفة التوزيع المكاني والزماني لهذه الآثار الضخمة.
كما قام الفريق بتصنيف المواقع التي تحتوي على مسارات هذه الديناصورات حسب موقعها الجغرافي وحسب أعمارها، إضافة إلى تحليل محتوى آثار ذوات الأقدام الضخمة، ويمتد هذا التحليل من العصر الجوراسي الأوسط إلى العصر الطباشيري الأعلى، واستنتج فريق البحث أن توزيع هذه الآثار قد يكون منطقيا بسبب المناخ أو الحواجز الجغرافية.
يقول موسى مسرور “الدراسة قدمت وصفا دقيقا، من خلال الحسابات التي تجرى في هذه الحالات للبصمتين، كما قدمت الدراسة جردا مفصلا لكل أنواع البصمات الضخمة المعروفة لحد الآن في العالم، مع إعطاء معلومات عن الحجم وعن الزمن الجيولوجي وكذلك البحث الذي تم فيه نشر المعلومات.
وتتجلى أهمية هذه الدراسة العلمية في أن المقارنة أو التصنيف الذي قام به فريق البحث يفتح مجالا جديدا لفهم سلوك هذه الديناصورات العملاقة آكلة اللحوم من خلال بيانات علم الأحياء القديمة، إضافة إلى أن فريق البحث قام بجرد أهم الدراسات العلمية التي أجريت على منطقة إيملشيل في السنوات الأخيرة.
تحديات واجهت فريق البحث
وقد صادفت فريق البحث مجموعة من التحديات لإنجاز هذه الدراسة، لكن أبرزها، وفق موسى مسرور، هو أن موقع إيملشيل تصعب زيارته أثناء فصل الشتاء، لأنه يكون مغطى بالثلوج، هذا بالإضافة إلى أن جائحة كورونا أجلت بعض الزيارات وأربكت برنامج البحث، حسب مسرور.
وإضافة إلى ذلك هناك تحدي التمويل، حيث يشتغل بعض أعضاء الفريق بتمويل شخصي دون مساعدة، والبعض يتلقى مساعدة بسيطة لا تسد حتى مصاريف السفر، وفق موسى مسرور، وتم دعم المؤلف الأول من الحكومة الإسبانية.
ويختم موسى مسرور مقابلته مع الجزيرة نت بالقول “تبقى منطقة إيملشيل غنية جدا بآثار الديناصورات وغيرها من الحيوانات التي عاشت في هذه الفترة بالمنطقة، وأظن أنه للإحاطة بكل أنواع هذه البصمات، يتطلب الأمر سنوات من العمل من فرق علمية مختلفة”.
المصدر: ترجمات – الجزيرة نت