كشف تحقيق أجرته صحيفة إسرائيلية، عن تكبد إيران خسائر هائلة بسبب الضربات التي قامت بها البحرية الإسرائيلية ضد السفن التي تحمل نفطها، والتي كشفت عنها مؤخرا صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية.
وكانت “وول ستريت جورنال” قد كشفت، قبل نحو أسبوع، نقلا عن مسؤولين أميركيين وإقليميين أن إسرائيل قامت بشكل ممنهج بإحباط عمليات تهريب النفط من إيران إلى سوريا، وقال مسؤولون أميركيون وإقليميون إن إسرائيل استهدفت ما لا يقل عن 12 سفينة متجهة إلى سوريا، تنقل في الغالب نفطا إيرانيا، خشية استخدام أرباح النفط لتمويل التطرف في الشرق الأوسط.
وقال الكاتب الإسرائيلي، عاموس هرئيل، في صحيفة هآرتس، الاثنين، إن تقرير وول ستريت جورنال قبل أسبوع قد “كشف فقط قمة جبل الثلج” في الحرب الاقتصادية التي تشنها إسرائيل ضد إيران منذ عامين ونصف العام.
ويشير تقرير الصحيفة الأميركية إلى أنه منذ أواخر عام 2019، شنت إسرائيل عمليات عسكرية باستخدام أسلحة، كالألغام البحرية، لضرب السفن الإيرانية أو تلك التي تحمل شحنات إيرانية أثناء توجهها نحو سوريا.
وكشف تحقيق لـ “هآرتس الإسرائيلية”، أن هذا التقرير “لا يعكس سوى جزء صغير من الصورة الكاملة”، ويشير إلى أنه “من الناحية العملية، يبدو أنه تم تنفيذ عشرات الهجمات، تسببت في خسائر للإيرانيين بمليارات الدولارات” ويقول إن نسب نجاح هذه العمليات كانت مرتفعة.
وتفيد الصحيفة الإسرائيلية بأن كل شحنة إيرانية مهربة كانت تحوي نحو مليون برميل أو أكثر من النفط، وتصل قيمتها إلى نحو 50 مليون دولار، وتقول الصحيفة إنه تم الكشف عن طريق التهريب من قبل أجهزة الاستخبارات الغربية في عام 2018.
وهذه الشحنات كانت تنطلق من موانئ في جنوب إيران لتعبر البحر الأحمر وتمر بقناة السويس لتصل البحر المتوسط، وفي بعض الحالات كانت تضطر لأخذ رحلة أطول، وذلك عبر أفريقيا والمرور بمضيق جبل طارق إلى البحر المتوسط، من أجل تجنب استهدافها في البحر الأحمر، أما الوجهة النهائية فكانت مرفأ بانياس في شمال سوريا.
أما الهدف من تهريب النفط فكان تجاوز قيود التجارة الدولية التي تم فرضها على كل من إيران على خلفية برنامجها النووي، وعلى سوريا بسبب الفظائع التي يرتكبها نظام بشار الأسد بحق السوريين.
ويشير التقرير إلى أنه كان يتم تحويل الأموال إلى حزب الله من خلال وساطة رجال أعمال سوريين، مقابل تسليم النفط الإيراني للنظام السوري، ورجح التحقيق الإسرائيلي أن تكون السفن قد تعرضت لضربات في عدة نقاط مختلفة على طول رحلة التهريب بالكامل، من البحر الأحمر في الجنوب إلى الساحل السوري في الشمال.
وكانت وول ستريت جورنال قد ذكرت نقلا عن مصادر أنه من بين عشرات الهجمات على السفن المحمل بالنفط، ثلاث وقعت في عام 2019، وست عام 2020، وأوضح خبير شحن في طهران للصحيفة الأميركية أن النظام الإيراني التزم الصمت بشأن الهجمات، لأن الإعلان عنها سيبدو كأنه “علامة ضعف، إذا شكت وفشلت في الرد عسكريا”.
وقال خبير آخر إن عملاء إسرائيليين استهدفوا بواسطة لغم سفينة إيرانية كانت راسية بالقرب من لبنان لتسليم نفط إيراني إلى سوريا، وأوضح خبراء شحن إيرانيون أن الهجمات المنسوبة إلى الإسرائيليين لم يسفر عنها غرق سفن، لكن التفجيرات أجبرت سفينتين على الأقل على العودة إلى إيران، ما أدى إلى تأخير تسليم الوقود على متنها إلى سوريا.
وتشير هآرتس إلى أن عددا كبيرا من الضربات تمت “بهدوء” رغم أنها أضرت بالسفن لكن “دون أن يترتب على ذلك تفجير قنبلة أو إطلاق صاروخ”. وفي بعض الحالات تم تدمير السفن بشكل لا يمكن إصلاحه، واضطر الإيرانيون إلى سحبها. ولم تؤد الهجمات أيضا إلى تعرض من كانوا عليها لأذى أو غرق السفن ولم تتسبب في أضرار بيئية.
ويقول التقرير: “نظرا لأن أولئك الذين يقفون وراء العمليات يبدو أنهم أرادوا العمل تحت الرادار وعدم الإعلان عن الضربات، لم يتم تنفيذ عمليات استحواذ على هذه السفن، على عكس ما حدث في عمليات الكوماندوس السابقة التي قامت بها البحرية الإسرائيلية”.
ويعتقد التحليل أنه “على عكس الهجمات الجوية، نادرا ما تقوم الحكومة السورية ووسائل الإعلام العربية بالإبلاغ عن الحوادث البحرية، لذلك كان من الأفضل أن تتم مثل هذه الأحداث في الغالب تحت الرادار”.
ويلفت التقرير إلى أن التقدم الحاصل في عمليات البحرية الإسرائيلية، خلال السنوات الماضية، واكتسابها الخبرة في تنفيذ عمليات مثل تهريب النفط الإيراني إلى سوريا، وتهريب الأسلحة إلى لبنان، وتعطيل قدرات حماس البحرية.