قالت مجلة “فورين بوليسي” الأميركية في تقرير، إنها اطلعت على رسائل البريد الإلكتروني وسجلات الشركة التي أبرمت مؤخرًا صفقة مع نظام الأسد للتنقيب عن النفط والغاز في الخارج، والتي تكشف أن الشركة جزء من شبكة من الشركات التي تشكل مجموعة المرتزقة الروسية “فاغنر” ويقودها يفغيني بريغوزين الحليف المقرب من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وبحسب التقرير فإن شركة المرتزقة التي لعبت دورا محوريا في أنشطة موسكو المزعزعة للاستقرار حول العالم، واستحوذت على صفقة للتنقيب عن الغاز مع شركة كابيتال الروسية غير المعروفة بعد مصادقة بشار الأسد على العقد في آذار الفائت.
وأكد التقرير أن هذا العقد يسمح للشركة بالتنقيب عن النفط والغاز في منطقة مساحتها 2250 كيلومترا مربعا قبالة سواحل جنوب سوريا، مما يهدد بإثارة نزاع مع لبنان المجاورة، التي تقول إن المنطقة تضم بعض مياهها.
ويشير التقرير إلى أن هذه الصفقة تأتي في الوقت الذي تسعى موسكو إلى ترسيخ موطئ قدمها الاستراتيجي في سوريا، وبالتالي توسيع نطاق وصولها في شرق البحر المتوسط.
وكشف التقرير أن رسائل البريد الإلكتروني المسربة أظهرت وجود تداخل في هياكل الملكية بين شركة كابيتال وغيرها من الشركات التابعة لفاغنر العاملة في سوريا، وكشفت أن المدير العام للشركة، إيغور فيكتوروفيتش خوديريف، هو كبير الجيولوجيين في شركة “Evropolis”، وهي شركة أخرى تابعة لشركة فاغنر، والتي أبرمت في وقت سابق صفقة مع حكومة نظام الأسد منحتها 25 في المائة من عائدات حقول النفط والغاز المحررة من سيطرة “داعش”.
ولفت إلى وجود شركتين على الأقل مرتبطة بـ “فاغنر” أبرمت صفقات نفط وغاز مع نظام الأسد أواخر العام 2019، تربطهما علاقات طويلة الأمد برئيس مجموعة “فاغنر”، يفغيني بريغوزين.
واعتبرت المجلة أن مثل هذه العقود هي بمثابة مكافأة لمجموعات المرتزقة التي قاتلت في الخفاء إلى جانب قوات الأسد في بعض العمليات البرية الأكثر صعوبة في الحرب.
ويرى “كرم الشعار” الباحث غير المقيم في معهد الشرق الأوسط، والخبير في الاقتصاد السوري، إن صناعة النفط السورية لا تستحق الجهد المبذول من وجهة نظر اقتصادية بحتة، لكن موسكو ترى في سوريا وصناعة الهيدروكربونات وسيلة للحفاظ على نفوذها في الوقت الذي تتطلع فيه البلاد إلى إعادة الإعمار بعد عقد من الصراع.
وقال: “يملكون ولاء الأسد، لكنهم يريدون أن تكون لديهم أشياء مكتوبة. إنهم يعلمون أن من يملك النفط في سوريا سيمتلك بطاقة تفاوض مهمة للغاية في ملف إعادة الإعمار ببساطة بسبب الاقتصاد السوري الصغير”.
وأكد أن ذلك يمنح موسكو موطئ قدم أقوى في سوريا، ويساعدها تحقيق هدفها الطويل الأمد المتمثل في إعادة تأسيس وجودها في شرق البحر الأبيض المتوسط.
وتقول في هذا الصدد آنا بورشيفسكايا، الزميلة البارزة في معهد واشنطن والخبيرة في السياسة الروسية في الشرق الأوسط: “إذا تمكنت روسيا من السيطرة على سوريا جنبا إلى جنب مع ليبيا، فإن ذلك سيخلق قوسا استراتيجيا يسمح لروسيا بالتوسع في أفريقيا والتوسع في أوروبا من جانبها الجنوبي”.