شهدت الأيام الأخيرة إجراء لقاءات دولية عديدة شملت القوى الكبرى والدولية والإقليمية، تناولت أزمات عالمية مختلفة منها الملف السوري، فحضر الملف الإنساني وغاب ملف الحل السياسي.
وخلال الأسبوعين الماضيين، عقدت قمة حلف الشمال الأطلسي “ناتو”، والقمة الأمريكية الأوروبية، والقمة الأمريكية البريطانية، فضلا عن القمة الأمريكية الروسية، والقمة التركية الأمريكية، والقمة الأوروبية.
وتناولت القمم ملفات عديدة، بينها العلاقات الثنائية، والملفات والأزمات الدولية، ومنها الملف السوري، وهو ما يطرح تساؤلا عن التطورات التي يمكن أن تشهدها سوريا بعد 11 عاما على الحراك الشعبي.
وفي 2011، انطلقت بسوريا تظاهرات شعبية مطالبة بتغيير النظام، قابلها الأخير بالقمع والقتل والاعتقال، لتتحول المواجهة في البلاد إلى معركة شنها النظام ضد المعارضة الشعبية، ما خلف مقتل مئات الآلاف ونزوح ولجوء الملايين، واستخدام النظام أسلحة محرمة دوليا ضد المدنيين.
تبادل وجهات النظر
القائد العام لحركة “تحرير الوطن” العميد الركن فاتح حسون، تحدث لوكالة الأناضول، عن الحراك الدولي، قائلا: “كون الملف السوري مدوّلا منذ فترة طويلة، فقد باتت اللقاءات الدولية الجماعية فرصة للحوار بين الدول الفاعلة بشكل إيجابي أو سلبي”.
وأضاف أن “هذه اللقاءات لا تحدث دائما بهذا العدد الكبير للحضور، لذا فقد ينعكس عن اللقاءات الأخيرة تفاهمات حول الملف السوري الذي تتنازعه دول عظمى ودول إقليمية”.
ولفت حسون، إلى أن “اللقاء خارج إطار الأمم المتحدة يتيح للدول تبادل وجهات النظر والآراء بشكل مختلف، ويمكن اعتبار هذه اللقاءات ساحة سياسية لها انعكاساتها الواضحة على الساحة الميدانية، حيث لا يوجد فيتو روسي يعيق ما يتم التفاهم عليه”.
وتوقع أن يكون للقاء الدولي الحالي “انعكاس إيجابي، فالولايات المتحدة وتركيا حاليا متناغمتان أكثر من أي وقت مضى في ما يتعلق بمنطقة شمال غرب سوريا، وهذا يؤمّن لقوى الثورة والمعارضة السورية مزيدا من الصمود في وجه اعتداءات نظام الأسد وداعميه المتكررة”.
إدخال المساعدات
وحول النتائج التي يتوقع صدورها ميدانيا على الأرض، قال حسون: “غالبا لا تظهر نتائج هذه اللقاءات بشكل مباشر، لكن بسبب الموضوع الذي يشغل دول العالم حاليا، وهو التمديد لإدخال المساعدات من باب الهوى، ستظهر النتائج سريعا”.
وأردف: “سيتم التصويت على القرار المتعلق بإدخال المساعدات عبر الحدود بعد أيام معدودة، وذلك في ظل تصريحات روسية رافضة للتمديد، وتخوفات دولية من استخدامها الفيتو”.
وختم بالقول: “استخدام الفيتو سيفتح الباب أمام عدة سيناريوهات بديلة، قد يكون إحداها التوجه إلى الجمعية العمومية للأمم المتحدة، في حال تعطيل القرار من قبل روسيا في مجلس الأمن”.
مناقشة الوضع الإنساني
من جانبه، قال طارق صولاق، قائد الفرقة الساحلية الثانية، لوكالة الأناضول: “نأمل أن تكون المرحلة القادمة مرحلة جيدة للثورة السورية على كافة الأصعدة السياسية والعسكرية والاقتصادية”.
وأضاف صولاق: “حسب معلوماتنا فإن أغلب تلك اللقاءات ناقشت الوضع الإنساني في سوريا، لاسيما بعد عزم روسيا استخدام حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن، ضد قرار تمديد إدخال المساعدات الإنسانية من معبر باب الهوى، الذي يتغذى منه أكثر من 3 ملايين سوري في الشمال الغربي للبلاد”.
واستدرك بأن هذا الوضع “يضع المجتمع الدولي وخاصة الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، لتحمل مسؤولياتهم بالوقوف الى جانب تركيا التي تتحمل عبء اللاجئين السورين داخل أراضيها، وعلى حدودها من الجانب السوري”.
وعن هذه الحلول أفاد صولاق بضرورة “إيجاد حلول بديلة خارج سياق الأمم المتحدة، التي لن تستطيع كثير من المنظمات الإنسانية العاملة معها، إدخال مساعداتها من باب الهوى في حال استخدمت روسيا الفيتو”.
واستبعد أن “يكون هناك تطور سياسي ملموس على أرض الواقع، فسياسة روسيا المتحكمة بقرار نظام الأسد تحاول التسويق له عربيا ودوليا وتسعى لإعادة تأهيله، وهذا ما يتناقض أصلا مع سير عمل اللجنة الدستورية التي تولدت في سوتشي الروسية”.
ومن الناحية العسكرية، قال صولاق: “تعودنا على غدر روسيا، والفصائل الثورية على أتم الاستعداد لصد أي عدوان، وسيبذلون أرواحهم دفاعا عن كرامتهم ولحماية أهلهم”.
خيبة أمل
من ناحيته، قال عضو الائتلاف الوطني السوري، الأمين العام السابق محمد يحيى مكتبي، لوكالة الأناضول: “نطالب بأن يكون الملف السوري حاضرا بقوة على طاولة اللقاءات الدولية في كل المناسبات”.
وأضاف: “مع الأسف الشديد أنه في اللقاءات التي أجريت مؤخرا لم يكن الملف حاضرا على الشكل المطلوب سوى ما تم الإشارة إليه في جانب المساعدات الإنسانية، وخاصة لقاء بايدن بوتين، ولدينا خيبة أمل عما نتج عن هذه اللقاءات”.
ولفت مكتبي، إلى أن “روسيا تريد أن تُجوّع السوريين من خلال عدم التمديد للقرار الأممي الذي يسمح بإدخال المساعدات الإنسانية عبر باب الهوى.. وإغلاقه يعني زيادة الحالة الكارثية، وتفاقم الأزمة الإنسانية على 4 ملايين من السورين يقطنون المنطقة الشمالية الغربية”.
واعتبر أن “معالجة عوارض المرض وعدم معالجة الأصل لن يحل المشكلة، الأزمة الإنسانية وحالة التشرد والتهجير والقتل اليومي أصلها إجرام نظام الأسد، فإن لم يكن هناك ضغط حقيقي لتحريك العملية السياسية فسنبقى في الدائرة بزيادة الكارثة والمعاناة”.
ومن نتائج هذه اللقاءات والتفاهمات، بحسب مكتبي، “عملية تبريد للمشهد الميداني، ولكن لا يمكن أن يكون الروس في محل الثقة، وهم لم يلتزموا بأي اتفاق ولم يوفوا بالعهود التي قطعوها في الاتفاقيات والتفاهمات، فلا ثقة لدينا بالتزاماتهم، وهو ما نراه حاليا من خروقات منذ ثلاثة أسابيع”.
وأضاف: “نريد بالجانب السياسي العودة للعملية السياسية بشكل جدي وحقيقي، وعدم السماح للنظام بعرقلة المساعي الدولية.. وميدانيا نريد ألا يكون هناك أي تعديات على المدنيين، وتثبيت الاتفاقيات وعدم السماح للنظام وداعميه بإحداث خروقات للاتفاقيات والتفاهمات التي حصلت”.
وقال مكتبي: “الهاجس الأساسي لنا، هو تموز/ يوليو المقبل، الذي يشهد تمديد آلية إدخال المساعدات الإنسانية في مجلس الأمن، ونتمنى أن يكون هناك ضغط حقيقي وبدائل في حال مضى الروس متعنتين لمنع إدخال المساعدات الإنسانية”.
الأناضول