شغف البشر باستكشاف الفضاء يقودهم إلى فكرة غريبة تحوّل حلم بناء وحدات سكنية مستقبلية للعيش على كوكب المريخ، إلى واقع. فبعد سنوات من البحث والدراسة توصل علماء بريطانيون إلى ما كانوا يبحثون عنه في أجسام رواد الفضاء!
بناء وحدات سكنية مستقبلية للعيش على كوكب المريخ، حلم لطالما راود خيال البشرية. لكن التكاليف الباهضة من أجل نقل معدات و مواد البناء إلى المريخ، كانت تحول دون تحقيقه. علماء من جامعة مانشستر في بريطانيا، واصلوا البحث عن مادة بناء بديلة على سطح كوكب المريخ، ووجدوا ما كانوا يبحثون عنه في أجسام رواد الفضاء. والنتيجة تطوير مادة للبناء مكونة من الغبار وسوائل الجسم البشري!
توصل العلماء إلى الفكرة، بعد أن قدّر المختصون تكلفة نقل لبنة واحدة إلى الكوكب الأحمر بنحو مليوني دولار أميركي. لذلك بحثوا عن مصادر المواد الخام في الموقع – ووجدوا ما كانوا يبحثون عنه في أجسام رواد الفضاء.
يذكر أن أبحاثاً أجريت على الطبقة العليا من الأوساخ والأنقاض على سطح المريخ، توصلت إلى أنها مادة صالحة للبناء. غير أنها كانت لا تزال بحاجة إلى مادة قادرة على جعل هذا الغبار متماسكاً، وهو ما وجدوه في سوائل الجسم البشري.
يتم دمج غبار المريخ مع البروتين (الزلال البشري) الموجود في الدم و”اليوريا”، وهو عبارة عن مركب موجود في البول البشري، أو الدموع أو العرق. دمج هذه المواد مع بعضها البعض ينتج عنه مادة تُعرف باسم “أستروكريت”،
ويقول العلماء إن هذه المواد أقوى من الخرسانة التقليدية، وستكون مناسبة لأعمال البناء في بيئات خارج الأرض، مثل سطح المريخ، وفقًا للدراسة التي نشرت في مجلة “Materials Today Bio”.
ستة رواد فضاء ينتجون 500 كغ
من خلال استخدام هذه التكنولوجيا، يمكن لطاقم مكوّن من ستة رواد فضاء إنتاج حوالي 500 كيلوغرام من الخرسانة في غضون عامين، وفقًا لبيان صادر عن جامعة مانشستر في بريطانيا. إذا تم استخدامه مثل نوع من الإسمنت من أكياس الرمل أو الطوب المصنوع من غبار المريخ النقي، فإن كمية الخرسانة الفلكية التي يتيحها رائد الفضاء تكفي من أجل توسيع وحدة سكنية مستقبلية على كوكب المريخ، وتوفير السكن لشخص واحد.
عن هذا الإكتشاف الفريد من نوعه، قال الباحث أليد روبرتس، من جامعة مانشستر، الذي عمل في المشروع، إن التقنية الجديدة لها مزايا كبيرة مقارنة بالعديد من تقنيات البناء الأخرى المقترحة على القمر والمريخ.
وأضاف: “كان العلماء يحاولون تطوير تقنيات قابلة للتطبيق لإنتاج مواد تشبه الخرسانة على سطح المريخ، لكننا لم نتوقف أبدًا عن التفكير في أن الإجابة قد تكون بداخلنا طوال الوقت”.
وتابع الباحث: “لكن لم يخطر ببالنا أن الجواب كان في داخلنا طوال الوقت”، وفق ما نقلت المجلة العلمية”Materials Today Bio”
ومن المثير في هذا الاكتشاف، كما يقول العلماء، أنه يعتمد على آلية كانت تستخدم في القرون الوسطى، عندما كان يتم خلط دماء الحيوانات مع “الملاط” أو مواد البناء، حيث كانت تساعد عملية “تخثر” الدم على تماسك هذه المواد.
وهنا يقول روبرتس: “من المثير أن يكون أحد التحديات الكبرى في عصر الفضاء استلهم الحل من تقنيات العصور الوسطى”.
وقام العلماء بالتحقيق في آلية الترابط الأساسية ووجدوا أن بروتينات الدم تفسد، أو “تخثر”، لتشكل بنية ممتدة مع تفاعلات تُعرف باسم “صفائح بيتا” التي تحافظ بإحكام على المادة معا.
المصدر: د.أ.ب – شهبا برس – متابعات