الفوضى والاضطراب وسفك الدماء كثيرا ما تلازم الثورات, بل وتلاحقها حتى في المراحل الأولى من نجاحها.
ففي التاريخ القديم, رافق ثورة العباسيين _ على آخر الخلفاء الأمويين " مروان بن محمد " _ نهبٌ وخطفٌ وقد كثُر سفك الدماء, وطالت الثورة آنذاك ولُقّب الخليفة بـ( الحمار ) لصموده وعناده.. واستمرّ الحال على ما هو حتى زمن أبي جعفر المنصور " الخليفة العباسي الثاني " الذي وطّد ومكّن الدولة.
كذلك الأمر بالأمس في الثورة الفرنسية, وما تلاها من فقرٍ وانعدامٍ للأمن, أكثر من عهد الملكية قبل الثورة, وقد وثّقها فيكتور هوجو في روايته التاريخية " البؤساء "
معظم علماء الاجتماع يقدّرون مدّة هذه الفترة أو " طور النشوء " بحسب تسمية ابن خلدون, بِـ 10 حتى 13 سنة, في حين قدّرها آخرون معاصرون بـ 4 أو 5 سنوات, وذلك لثورة التكنلوجيا التي ترافق ثورات الشعوب.
وهذا أمر قد يُحدث التشاؤم, بل حدث لدى جزء كبير من مجتمعنا الثائر, الذي يواجه طاغية لا مثيل له, يؤازره طغاة العالم بتقنياتهم, وهذا يعني أنها قد تطول أكثر مما قدّر المؤرخون كلّهم, فهل يعني ذلك أن نقف ونستكين عند مصاعب كنا نتوقّعها ونجهل بعض كيفيّاتها وحيثياتها؟
قال تعالى : (( وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ )) سورة محمد الآية31
ألا ربّنا أفرغ علينا صبرا وثبّت أقدامنا وانصرنا إنّك على كل شيء قدير.
محمد الخطيب
أبو جاسم