يُشتهر كوكب المريخ بعواصفه الترابية الموسمية التي قد تتفاقم أحيانًا لتشمل الكوكب بأسره.
اشتدت هذه العواصف في يونيو عام 2018 لدرجة أنها حجبت معظم سطح المريخ، ما سبّب فقدان ناسا الاتصال مع جوال أبورتونتي. اتضح لاحقًا أن تلك كانت نهاية الجوال الذي عمل زمنًا قياسيًّا.
من الضروري فهم هذه العواصف ومسبباتها لضمان استمرار عمل المهمات الروبوتية العاملة بالطاقة الشمسية، والتيقن من سلامة المهمات المأهولة مستقبلًا.
يبحث العلماء التغيرات الموسمية -كالتغير في كمية الطاقة الشمسية الممتصة وزيادة درجة الحرارة- التي تحرض العواصف الترابية وتسبب اجتماعها وتعاظمها.
وجدت دراسة حديثة أجراها باحثون من جامعة هيوستن أن هذه العواصف قد تنتج من الاختلالات الموسمية في توازن كمية الطاقة الشمسية التي يمتصها الكوكب ويطلقها.
ربما تقود هذه الاكتشافات إلى فهم جديد لمناخ المريخ وغلافه الجوي. تقود طالبة الدكتوراه في قسم علوم الغلاف الجوي والأرض في جامعة هيوستن، إيلين كريسي، البحث جزءًا من أطروحتها لنيل الدكتوراه.
عاصفة ترابية مريخية عام 2010 التقطها مصور المريخ التابع لناسا
يشير مصطلح «توازن الطاقة الإشعاعية» إلى كمية الطاقة الشمسية التي يمتصها الكوكب من الشمس ويشعها حرارةً إلى الوسط الخارجي. وهو معيار أساسي لوصف مناخ كوكب ما ودوراته الجوية.
جمع الفريق ملاحظات من مهمات متعددة، مثل المستطلع الشامل للمريخ وجوال كيريوسيتي ومركبة إنسايت. ما سمح لهم بإنشاء نموذج لمناخ المريخ وتقدير كمية الطاقة التي يصدرها إجمالًا وفقًا للفصل، متضمنًا فترات العواصف الترابية واسعة الانتشار.
تقول كريسي: «من أكثر الاكتشافات إثارة للاهتمام أن فائض الطاقة -الفرق بين كمية الطاقة الممتصة والصادرة- قد يكون أحد آليات توليد العواصف الترابية على المريخ».
عندما صوّر تلسكوب هابل الفضائي المريخ في يونيو 2001، رصد تكون نوى عواصف في منطقة هيلاس بايسن -المنطقة البيضوية في الزاوية السفلية اليمنى للكوكب في الصورة المرفقة- ورُصد تكون عاصفة أخرى قرب الدائرة القطبية الشمالية.
على اليسار صورة كوكب المريخ التي التقطها تلسكوب هابل في يونيو عام 2001، على اليمين صورة الكوكب في شهر سبتمبر من العام نفسه. إذ حجبت عاصفة ترابية استمرت نحو شهرين سطح الكوكب بأكمله.
أظهرت النتائج تغيرات فصلية ويومية قوية في كمية الطاقة الشمسية التي يشعها المريخ. تحديدًا، وجد الباحثون دليلًا على اختلال كبير في توازن الطاقة يبلغ نحو 15.3% بين الفصول المريخية، مقابل 0.4% على الأرض. وجدوا أيضًا أن كمية الطاقة المُصدرة إجمالًا في أثناء العاصفة الترابية التي أصابت الكوكب عام 2001 قد نقصت بنسبة 22% نهارًا وازدادت بنسبة 29% ليلًا.
يشرح الدكتور جيرمان مارتينيز، العالم في رابطة أبحاث الفضاء في الجامعات ضمن معهد الدراسات القمرية والكوكبية: «تقترح نتائجنا -التي تُظهر اختلالات كبيرة في توازن الطاقة- وجوب إعادة النظر في النماذج الحالية، إذ تفترض عادةً أن طاقة المريخ الإشعاعية متوازنة بين الفصول. تُبرز نتائجنا الصلة بين العواصف الترابية واختلالات توازن الطاقة، ما أمدنا برؤية جديدة فيما يتعلق بنشوء العواصف الترابية على المريخ».
قد تحسن نتائج الفريق -إلى جانب النماذج العددية لمناخ المريخ- فهمنا للمناخ المريخي وتوزعات غلافه الجوي. ما يُعد بالغ الأهمية للبعثات المستقبلية المأهولة إلى المريخ، التي تخطط ناسا والصين لإطلاقها العقد القادم.
وقد تحسن هذه الاكتشافات فهمنا لمناخ الأرض، بتوقع سلوك البيئة في المستقبل. يؤدي تعلم المزيد عن بيئات الكواكب الأخرى إلى فهم كوكبنا أكثر.
المصدر: ساينس أليرت – ترجمة: “أنا أصدق العلم”