بعد نصف قرن من نهاية عصر برنامج “أبولو” التابع لإدارة الطيران والفضاء الأميركية “ناسا”، لا تزال محاولة “ناسا” التي طال انتظارها لإعادة رواد الفضاء إلى سطح القمر على بعد ثلاث سنوات على الأقل، إذ لا تزال كثير من الأجهزة الضرورية مجرد تصميمات على الورق.
تستعد إدارة الطيران والفضاء الأميركية (ناسا)، لإطلاق المركبة الفضائية “أوريون” المدمجة، الإثنين 29 أغسطس (آب)، من مركز كنيدي للفضاء في كيب كنافيرال، وإرسال الكبسولة غير المأهولة حول القمر والعودة إلى الأرض في رحلة تجريبية مدتها ستة أسابيع تسمى “أرتيميس 1”.
وقال بوب كابانا، المدير المساعد لـ”ناسا”، وهو طيار وقائد مكوك فضاء سابق، في إفادة صحافية، في وقت متأخر الاثنين، عقب مراجعة الاستعدادات لرحلة المهمة “ذاهبون للإطلاق”.
وتهدف الرحلة إلى وضع مركبة نظام الإطلاق الفضائي التي تُعتبر المركبة الصاروخية الأكثر تعقيداً وقوة في العالم، في اختبار إجهاد صارم لأنظمتها أثناء رحلة فعلية قبل اعتبارها جاهزة لنقل رواد الفضاء.
ويمثل نظام الإطلاق الفضائي (أس. أل. أس) أكبر نظام إطلاق رأسي جديد بنته “ناسا” منذ إطلاق صواريخ “ساترون 5” خلال برنامج “أبولو” في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي.
وبعد أكثر من عشر سنوات من التطوير مع سنوات تأخير وتجاوز التكاليف بمليارات الدولارات، كلفت كبسولة رواد الفضاء (أوريون) حتى الآن وكالة “ناسا” ما لا يقل عن 37 مليار دولار، بما في ذلك التصميم والبناء والاختبار والمنشآت الأرضية.
ويهدف برنامج “أرتيميس” التابع لـ”ناسا”، والمسمى على اسم الإلهة التي كانت أخت أبولو التوأم في الأساطير اليونانية القديمة، إلى إعادة رواد الفضاء إلى القمر في وقت مبكر من عام 2025 وإنشاء مستعمرة قمرية طويلة الأجل كنقطة انطلاق لرحلات مستقبلية أكثر طموحاً ترسل الناس إلى المريخ.
المصدر: رويترز
اقرأ أيضاً: “جيسيكا واتكينز”.. عالمة فضاء أميركية قد تصبح أول امرأة تطأ القمر والمريخ
في سن الرابعة والثلاثين، أمام جيسيكا واتكينز سنوات في وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) وقد تكون واحدة من أولى النساء اللواتي تطأ قدماها سطح القمر في السنوات المقبلة، لكونها أحد أعضاء فريق “أرتيميس” الذي يستعد لمهمات قادمة إلى القمر.
وعند سؤالها عن الوجهة المفضلة لديها بين القمر والمريخ في مقابلة حصرية مع وكالة “فرانس برس” من محطة الفضاء الدولية قالت ضاحكة: “أذهب في الرحلة التي تأتي أولاً!” مؤكدة أنها ستكون “بغاية السعادة” سواء كانت وجهتها “القمر أم المريخ”.
وسبق لجيسيكا أن حققت إنجازاً تاريخياً في أول رحلة فضائية تشارك فيها، إذ أصبحت أول امرأة من أصل إفريقي تنجز مهمة لفترة طويلة في محطة الفضاء الدولية، وأمضت أكثر من 3 أشهر، وتعتزم البقاء 3 أشهر أخرى.
ففي رحلات “أبولو” إلى القمر، لم يُرسل إلا رجال بيض، لذلك تسعى “ناسا” بشكل تدريجي لتحسين صورتها في هذا الصدد من خلال تخطيطها لإرسال نساء إلى القمر للمرة الأولى، إضافة إلى أشخاص من أصحاب البشرة الملونة.
وأضافت واتكينز أنّ هذه الخطوة “ستكون مهمة للوكالة والولايات المتحدة والعالم بأسره”، معتبرةً أنّ “تمثيل فئة معينة من البشر مهمة”.
وتابعت: “أشعر بامتنان كبير تجاه ما حققه أسلافي والنساء والعلماء من أصحاب البشرة السوداء والذين مهدوا الطريق لوجودي هنا اليوم، وهذا أمر مهم جداً بالنسبة إليّ”.
عالمة جيولوجيا أولاً
نشأت جيسيكا واتكينز المولودة في ماريلاند قرب العاصمة الأميركية واشنطن، في كولورادو قبل أن تكمل دراستها في مجال الجيولوجيا في كاليفورنيا، وفي إطار منحة حصلت عليها لإكمال دراسات ما بعد الدكتوراه، تعاونت مع “ناسا” في بحوثها حول الروبوت الجوال “كوريوسيتي” الذي هبط قبل 10 سنوات على المريخ، وبالتالي أصبح الكوكب الأحمر عزيزاً عليها.
ونشرت العالمة الأميركية كذلك دراسة علمية تتمحور على المريخ أثناء وجودها في محطة الفضاء الدولية.
وتصف جيسيكا نفسها بأنها “عالمة جيولوجيا بالدرجة الأولى، ثم عالمة ثم رائدة فضاء”.
وتتذكر الشابة جيداً عندما بدأ شغفها ينمو تجاه جيولوجيا الأرض، وهو العلم الذي يدرس تركيبة الكواكب وطريقة تكوّنها، فبعدما تلقت في مادة الجيولوجيا درساً يتناول تطور الكواكب، وهو عملية تتجمع خلالها الصخور التي يتزايد حجمها لتكوين كوكب ما، تقول عالمة الفضاء إنها أدركت حينها أنّ هذا الموضوع هو ما تريد أن تدرسه وتعمل في مجاله طوال حياتها، لذلك ترى أنّه “من المذهل أن يشكل الشخص جزءاً من جهد يُبذل لإنجاز أبحاث ميدانية على سطح كوكب آخر”.
ويهدف برنامج “أرتيميس” الذي يأتي خلفاً لـ”أبولو” إلى إقامة وجود بشري دائم على القمر بشكل تدريجي، قبل اعتماده قاعدة خلفية لأي رحلة تُنجز إلى المريخ. ومن المقرر أن تنطلق أول رحلة غير مأهولة إلى القمر نهاية أغسطس.
واختيرت جيسيكا واتكينز ضمن علماء الفضاء الـ18 الذين حُددت أسماؤهم لتولي مهمات “أرتيميس” من خلال رحلات جوية أو عبر عمل ينجزوه من على كوكب الأرض.
ويتمتع رواد الفضاء الذين يعملون لدى “ناسا” (يبلغ عددهم حالياً 42 شخصاً) بالفرص نفسها ليتم اختيارهم للمشاركة في مهمة قمرية.
وإذا كانت “ناسا” تفضّل اختيار رائدة فضاء تتمتع بخبرة واسعة للمشاركة في أول مهمة مأهولة، فالخلفية العلمية التي تملكها جيسيكا ستعمل لمصلحتها في المستقبل.
ويُعتبر التمتع بشخصية لطيفة وروح الفريق عاملين مهمين في عملية اختيار رواد الفضاء لأن هؤلاء يعيشون لفترات طويلة مع بعضهم البعض في مساحات محدودة.
المصدر: أ.ف.ب