الرئيسية » هيكل من الغرانيت على الجانب البعيد من القمر.. لغز تاريخي يُثير التساؤلات حول أصله

هيكل من الغرانيت على الجانب البعيد من القمر.. لغز تاريخي يُثير التساؤلات حول أصله

توصل العلماء إلى اكتشاف تكوين كبير من الغرانيت المشع تحت سطح الجانب البعيد من القمر، ووفقًا لورقة بحثية نُشرت هذا الأسبوع في مجلة Nature، قد يقدم هذا التكوين الصخري غير المتوقع بعض الأدلة حول تاريخ القمر الطويل.

وفي الورقة البحثية، افترض الباحثون بقيادة ماثيو سيغلر من معهد علوم الكواكب، أن وجود الغرانيت تحت السطح يشير إلى أن الجانب البعيد من القمر، الذي لم تتم دراسته كثيرًا ولا يواجه الأرض، قد شهد اندلاعًا لبركان واحد أو عدة براكين في فترة مبكرة من تاريخ القمر قبل حوالي 3.5 مليار سنة.

وتم اكتشاف الغرانيت تحت بنية بركانية مشتبهة فيها على سطح القمر، وتُسمى “كومبتون-بيلكوفيتش” (Compton-Belkovich). ويُعتقد أن هذه البنية تشكلت نتيجة تبريد الصهارة التي تغذي الانفجارات النارية للبراكين القمرية منذ حوالي 3.5 مليار سنة.

وكان العلماء يشتبهون منذ وقت طويل بوجود بقايا النشاط البركاني في هذه المنطقة من القمر، حيث يُفترض أنها تشكل مجمعًا قديمًا للبراكين. ولكن ما فاجأ الفريق هو حجم هذه البقعة من الصهارة المبردة، إذ يُقدر عرضها بنحو 50 كيلومترًا (31 ميلاً).

ويمكن أن يساعد اكتشاف هذا الجسم الكبير من الغرانيت تحت مجمع “كومبتون-بيلكوفيتش” البركاني العلماء في تفسير كيفية تشكل القشرة القمرية في الماضي البعيد.

تم اكتشاف الجسم الغرانيتي بواسطة فريق من العلماء بقيادة الباحث ماثيو سيغلر باستخدام البيانات التي تم جمعها بواسطة مركبة الاستطلاع المدارية القمرية التابعة لناسا.

وسمحت البيانات التي تم جمعها بواسطة المركبة المدارية للفريق بقياس درجات الحرارة تحت سطح “كومبتون-بيلكوفيتش”. وأظهرت البيانات أن الحرارة تولدت ولا يمكن أن تأتي إلا من العناصر المشعة الموجودة فقط على القمر، مثل الغرانيت، وهو صخرة نارية توجد في “سباكة” البراكين وتعرف باسم “باثوليت”.

وأوضح سيغلر في بيانه: “أي جسم كبير من الغرانيت نجده على الأرض يستخدم لتغذية مجموعة كبيرة من البراكين، مثل نظام كبير يغذي براكين كاسكيد في شمال غرب المحيط الهادئ اليوم. الباثوليث أكبر بكثير من البراكين التي تتغذى على السطح”.

وعادةً، يكون تكوين الغرانيت على الأرض نتيجة لتكتونية الماء والصفائح التي تخلق مساحات كبيرة من الصخور المنصهرة تُسمى الأجسام الذائبة تحت سطح الكوكب. وعلى الرغم من انتشار الغرانيت على الأرض، إلا أنه أكثر ندرة على القمر نظرًا لغياب كل من الماء والصفائح التكتونية. وهذا يعني أن هذا الاكتشاف قد يشير إلى وجود ظروف كانت موجودة على القمر عندما كان يشهد نشاطًا بركانيًا.

وقال سيغلر: “إذا لم يكن هناك ماء، فإن صناعة الغرانيت تتطلب ظروفًا صعبة”. وأشار إلى أن وجود هذا النظام دون ماء وصفائح تكتونية، مع وجود الغرانيت، يشجع على البحث في ما إذا كان هناك ماء على القمر، على الأقل في هذه المنطقة المحددة، أو إذا كان الجو كان حارًا جدًا.

يعتبر هذا الاكتشاف مهمًا في فهم تشكل القشرة القمرية في تاريخ القمر البعيد، ويعزز البحث عن وجود الماء على القمر وظروفه الجوية في ذلك الوقت.

هذا الاكتشاف الجديد لتكوين الغرانيت تحت سطح الجانب البعيد من القمر توفر فرصًا جديدة للبحث وفهم الأحداث الجيولوجية والتاريخية التي شهدها القمر. يتطلب الأمر المزيد من الدراسات والأبحاث لتحديد مدى تأثير هذا الاكتشاف على فهمنا لتاريخ وتكوين القمر.

المصدر: سبيس