قال المعلق في صحيفة "الغارديان" البريطانية إيان بلاك، إن الغارات الجوية الروسية على سوريا تعد علامة فارقة في الحرب الدموية في سوريا.
ويشير التقرير إلى أنه على مدار أسبوع كانت موسكو تحدد طبيعة أجواء الأزمة، من خلال أخذ زمام المبادرة من الولايات المتحدة وغيرها، التي تعاملت مع الأزمة بتذبذب وفشلت. وقام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بتقديم مدافعة قوية عن التدخل ضد تنظيم الدولة، لكنه ضرب جماعات أخرى معارضة لنظام الأسد.
ويرى الصحيفة أن التفريق مهم؛ لأن الولايات المتحدة والدول العربية الأخرى ضربت جماعات جهادية، ولكنها لم تضرب جماعات معارضة سورية.
ويجد الكاتب أن الاستثناء الجزئي هو إيران، التي يقوم حرسها الثوري بتقديم الاستشارة وحشد المليشيات الشيعية، في الوقت الذي ظلت تعمل فيه بهدوء. أما وكيلها حزب الله اللبناني، فيقاتل بشكل مفتوح إلى جانب نظام الأسد.
ويلفت التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى تصريحات المسؤولين الروس، الذين يقولون إن الغارات ربما خططت لضرب تنظيم الدولة، ولكنها في الحقيقة ضربت جماعات أخرى، واحدة منها تلقى دعما من الغرب وتابعة للجيش السوري الحر.
ويقول بلاك إن "الأخطاء قد تحدث، فقد زعمت الولايات المتحدة أنها تستهدف تنظيم الدولة وغيره، وبينهم مدنيون. وعليه فالروس ليسوا وحدهم من أخطأ".
وتستدرك الصحيفة بأن التقارير تشير إلى أن الاستهداف كان متعمدا، ومع ذلك فإن التفاصيل غير مهمة. فعلى خلاف الولايات المتحدة وبريطانيا، تعترف روسيا بالحكومة السورية وموقفها من الحرب. فالبنسة لموسكو وطهران فهناك إرهابي واحد، ولا فرق بين الجهاديين والديمقراطيين. وعندما يتحدث بوتين عن"المعارضة السورية العقلانية"، فهو يعني المعارضة السياسية التي يتسامح معها النظام.
ويوضح التقرير أن هناك استثناء واضحا في دمشق، وهو أن روسيا ستفعل المزيد من أجل مساعدة الأسد. وتتحدث مصادر عسكرية سورية عن أن الوضع الميداني قد تحسن بسبب المعلومات الأمنية التي حصل عليها الروس عبر طائرات الاستطلاع.
ويذكر الكاتب أن الحكومة السورية تتعامل مع إيران وروسيا كونهما حليفين مهمين، ولهذا لم يكن مصادفة أن يلقي الأسد خطابا اعترف به بخسائر عزاها إلى نقص القوات والجنود، وأكد أنها ليست هزيمة، ولكنها خسارة في معركة.
ويرى بلاك أن الدور العسكري الروسي قد يكون محدودا، فمثل غيرها من القوى، مثل الولايات المتحدة، فقد أكدت روسيا أنها لن ترسل قوات برية. فكل ما تستطيع نشره هو قوات جوية، مع أن قواتها لا تقارن بقوة الطيران الأمريكي.
وتفيد الصحيفة بأن هناك مخاطر للحملة الروسية، فالجماعات السورية المعارضة بأطيافها كلها مجهزة بأسلحة مضادة للطائرات، وقد تعرض المهمة الروسية للخطر.
وتختم "الغارديان" تقريرها بالإشارة إلى أن السؤال الكبير يظل حول ما إذا كانت روسيا ستستخدم تأثيرها على دمشق وتقنع الأسد بالتنحي عن السلطة، وفتح المجال أمام عملية انتقال للسلطة.
ويقول بلاك: "إن لم تفعل، وهو ما ستقوم به بالتأكيد، فإن الغارات الجوية لن تكون سوى تصعيد في نزاع خطير".