خلال 24 ساعة، باتت الأزمة السورية شبه منحصرة في قضية ترسانة الأسلحة الكيماوية السورية، بعد إعلان وزير الخارجية الأميركي جون كيري صباح الاثنين أنه من الممكن لسوريا تفادي ضربة عسكرية في حال تخلت عن أسلحتها الكيماوية ووضعتها تحت الرقابة الدولية. وأعلنت فرنسا صباح الثلاثاء أنها ستقدم مشروع قرار لمجلس الأمن ملزم وينص على وضع الأسلحة الكيماوية السورية «تحت الرقابة وتفكيكها».
وأعلن وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس في مؤتمر صحافي بباريس: «فرنسا ستعرض اليوم على شركائها في مجلس الأمن الدولي مشروع قرار دولي تحت الفصل السابع» الذي يجيز استخدام القوة في حال عدم تطبيق الالتزامات الواردة فيه. وأضاف أن الهدف هو المطالبة بـ«توضيح» البرنامج السوري للأسلحة الكيماوية وأن «تضعها دمشق تحت الرقابة وأن تفككها» تحت إشراف منظمة حظر الأسلحة الكيماوية.
وكان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أعلن أمس أن بلاده تحض نظام الرئيس السوري بشار الأسد بالتقدم بوضع أسلحة بلاده الكيماوية تحت الرقابة الدولية، ليعلن نظيره السوري وليد المعلم موافقته الفورية على المقترح، رغم سنوات من نفي سوريا امتلاكها هذه الأسلحة.
وأوضح لافروف أمس أن بلاده تعمل مع النظام السوري على بلورة «خطة ملموسة» تهدف إلى وضع الترسانة الكيماوية السورية تحت إشراف دولي. وقال لافروف خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الليبي محمد عبد العزيز إن «الجانب الروسي يعمل حاليا على وضع خطة قابلة للتطبيق ومحددة وملموسة، تجري في هذه اللحظات اتصالات حولها مع الجانب السوري»، موضحا: «نعتزم عرض هذه الخطة في أقرب وقت ممكن وسنكون على استعداد للعمل عليها مع الأمين العام للأمم المتحدة وأعضاء مجلس الأمن الدولي ومنظمة حظر الأسلحة الكيماوية».
وأكد لافروف: «إن اقتراح وضع الترسانة السورية تحت مراقبة دولية ليس مبادرة روسية بالكامل»، موضحا أن هذا الطرح «انبثق عن الاتصالات التي أجريناها مع زملائنا الأميركيين وتصريحات (وزير الخارجية الأميركي) جون كيري أول من أمس الذي عرض إمكانية تفادي الضربات إذا كان من الممكن تسوية هذه المسألة».
وأبدى لافروف ارتياحه إثر ورود «ردود فعل إيجابية إلى حد بعيد في العالم على اقتراحنا».
وتسارعت التصريحات من عواصم العالم حول احتمال التوصل إلى اتفاق حول ترسانة سوريا الكيماوية بعد أن أعلنت واشنطن و19 دولة أخرى عزمها «التحرك الدولي» للرد على استخدام الأسلحة الكيماوية في 21 أغسطس (آب) الماضي.
وقال وزير الخارجية الألماني جيدو فيسترفيله إن من الممكن أن تشارك بلاده في عملية التخلص من الأسلحة الكيماوية السورية. وأوضح الوزير الألماني أمس أن بلاده لديها «خبرة عالية في التخلص من الأسلحة الكيماوية كما أنها تمتلك برامج مناسبة لهذه العملية».
ورجح فيسترفيله بقوة إمكانية مشاركة برلين في هذه العملية على المستوى التقني، ومستويات أخرى.
من جانبها، قالت الصين إنها ترحب وتدعم العرض الروسي. وصرح هونغ لي المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية: «ما دام الاقتراح يساعد على تحسين الوضع المتوتر الراهن في سوريا إذن هو مفيد للحفاظ على السلام والاستقرار في سوريا والمنطقة وهو مفيد للحل السياسي وعلى المجتمع الدولي أن يفكر فيه بشكل بناء».
وتأتي التحركات الدولية بعد أن بدأ الكونغرس الأميركي أمس مناقشاته حول الملف السوري، وطلب الرئيس الأميركي باراك أوباما تفويضا من الكونغرس لتوجيه ضربة عسكرية لـ«معاقبة» النظام السوري على استخدام السلاح الكيماوي. وبينما أعلن مجلس الشيوخ الأميركي تأجيل تصويته على القرار الذي كان من المرتقب إجراؤه، اليوم الأربعاء حول التفويض، بسبب التحركات الأخيرة حول سوريا، واصل أوباما اتصالاته بقيادات الكونغرس لإقناعهم بإعطائه التفويض. وتدل استطلاعات الرأي على رفض غالبية الشعب الأميركي لمثل هذه الضربة العسكرية بينما أغلبية أعضاء مجلس النواب الأميركي أبدوا عزمهم هزم أي قرار يمنح أوباما تفويضا عسكريا لضرب سوريا. ومن المرتقب أن يوجه أوباما مساء الثلاثاء خطابا للشعب الأميركي حول سوريا، بعد أن أجرى عددا من المقابلات التلفزيونية مساء الاثنين ضمن جهود إقناع السياسيين والشعب بضرورة توجيه ضربة عسكرية محدودة ضد النظام السوري.