اتخذت الحكومة الدنماركية إجراءات لترحيل مئات اللاجئين السوريين، بحجة أنهم ينحدرون من محافظة دمشق، والتي صنفتها الدنمارك بأنها آمنة، وسط انتقادات وردود فعل غاضبة من المنظمات الحقوقية والمختصة في شؤون اللاجئين.
ونقلت صحيفة “نيويورك تايمز” في تقرير لها إنه منذ أن اعتبرت دوائر الهجرة الدنماركية في عام 2019 دمشق والمناطق المحيطة بها آمنة، فقد راجعت تصاريح إقامة 1250 سوريا غادروا بلادهم هربا من الحرب.
وألغت السلطات حتى الآن أكثر من 205 إقامة، ما جعل الدنمارك أول دولة في الاتحاد الأوروبي تحرم السوريين من وضع اللجوء في وقت تصنف فيه معظم مناطق سوريا على أنها غير آمنة من قبل الأمم المتحدة.
وفي ذات السياق تم الإبلاغ عن إلغاء تصاريح الإقامة المؤقتة لـ 94 مهاجراً سورياً الأسبوع الماضي، وقد يرتفع هذا العدد خلال الأسابيع المقبلة، كما عرضت السلطات الدنماركية تمويلًا يبلغ حوالي 22000 جنيه إسترليني لكل فرد يعود طوعا.
كما فقد 30 سوريا استئنافهم في المحاكم بعد إبطال إقامتهم، وفقا لـ Refugees Welcome Denmark ، ولأن كوبنهاغن ليست لديها علاقات دبلوماسية مع دمشق، لا يمكنها ترحيل الأشخاص مباشرة إلى سوريا.
وبحسب ما أفاد به ناشطون “تم إيداع بعض الذين رُفضت إقاماتهم في مراكز احتجاز، ترقى إلى مستوى السجن”، حيث لا يستطيع المحتجزون هناك العمل أو الدراسة أو الحصول على رعاية صحية مناسبة.
ومن بين الذين طُلب منهم المغادرة طلاب في المدارس الثانوية والجامعات وعاملون وموظفون، بالإضافة لأصحاب المتاجر والمتطوعين في المنظمات غير الحكومية وحتى كبار في السن.
وجعلت السلطات تعليم “القيم الدنماركية” إلزاميا على الأطفال من العائلات ذات الدخل المنخفض وأغلبها من المهاجرين.
وقالت رئيسة الوزراء ميت فريدريكسن 13 نيسان الثلاثاء، “إنه بالضبط كما ينبغي أن يكون” في ردها على سؤال حول إعادة اللاجئين.
وأضافت فريدريكسن “قدرت الدنمارك أن العديد من المناطق حول العاصمة السورية أصبحت الآن آمنة بما يكفي لعودة اللاجئين إلى ديارهم”، وهذا هو سبب إلغاء تصاريح إقامة السوريين من هذه المناطق.
كما أكدت أنه من المقرر أن يتم إلغاء تصاريح إقامة مئات اللاجئين السوريين وإعادتهم إلى سوريا في الأشهر المقبلة.
ومن جانبه وقال وزير الهجرة الدنماركي ماتياس تسفاي لوكالة الأنباء الفرنسية، “سياسة الحكومة تعمل ولن أتراجع ولن يحدث ذلك”، لافتاً “لقد أوضحنا للاجئين السوريين أن تصريح إقامتهم مؤقت، وأن التصريح يمكن إلغاؤه إذا لم تعد الحاجة إلى الحماية قائمة”.
ووفق ما تحدث بير موريتسين، الأستاذ المشارك في العلوم السياسية بجامعة آرهوس، “إن الحكومة الدنماركية شددت موقفها بشأن الهجرة في السنوات الأخيرة لتجنب خسارة الأصوات لصالح اليمين، وهي معضلة واجهتها العديد من أحزاب يسار الوسط في جميع أنحاء أوروبا”.
وقد تظطر السلطات الدنماركية إلى نقل من تطلب منهم المغادرة من السوريين إلى مراكز خاصة لكونها لا تقيم علاقات دبلوماسية مع نظام بشار الأسد.
وأوضح موريسن “الطريقة الوحيدة للتغلب على اليمين في الدنمارك هي أن تكون صارما في التعامل مع الهجرة “.
ووصفت شارلوت سلينتي، الأمينة العامة للمجلس الدنماركي للاجئين، القواعد الدنماركية الجديدة الخاصة بالسوريين بأنها ترقى إلى مرتبة “المعاملة غير الكريمة”.
وأضافت “المجلس الدنماركي للاجئين لا يوافق على قرار اعتبار منطقة دمشق أو أي منطقة في سوريا آمنة للاجئين للعودة إليها، ولا يعني غياب القتال في بعض المناطق أن الناس يمكنهم العودة بأمان، لا الأمم المتحدة ولا الدول الأخرى تعتبر دمشق آمنة”.
ويعتبر هذا التحرك في تجريد المئات من وضعهم القانوني هو الأحدث ضمن سلسلة من الإجراءات التي اتخذتها الدنمارك والتي تقول جماعات حقوقية إنها استهدفت المهاجرين والأقليات.
وقوبلت هذه التحركات، برد فعل غاضب من قبل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR)، التي قالت “إن مناطق العودة ليست آمنة بما فيه الكفاية”.
وأكدت السيدة إليزابيث هاسلوند، المتحدثة باسم المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في الدنمارك، “أن الظروف يجب أن تكون آمنة باستمرار، لا يمكننا رؤية هذا في أي مكان في سوريا”.
كما انتقدت منظمة العفو الدولية قرار الحكومة الدنماركية، مؤكدة أن السوريين عند عودتهم قد يكونون عرضة لخطر الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.
ووصفت الأمم المتحدة معظم المناطق في سوريا بأنها غير مستقرة بما يكفي لاعتبارها آمنة للعائدين.
وأفادت مجموعات حقوقية عن تهديدات مختلفة ضد اللاجئين العائدين، بما في ذلك التجنيد الإجباري للرجال والاعتقال بمجرد الاشتباه بوقوفه إلى جانب الثورة السورية ضد نظام أسد .
وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان، اختفى المئات من العائدين، كما حذرت هيئة اللجوء في الاتحاد الأوروبي من “تعرض العائدين طوعاً لخطر الاعتقال والتعذيب والموت”.
وتستضيف الدنمارك 21 ألفا و980 لاجئا سوريا، بحسب إحصائيات الاتحاد الأوروبي، ومنذ أن صنفت الدنمارك دمشق ومحيطها بـ “الآمنة”، قامت بمراجعة تصاريح الإقامة لـ 1250 سوريا، وألغت السلطات أو لم تمدد تصاريح الإقامة لأكثر من 250 منهم، كما عرضت تمويلًا يبلغ حوالي 22000 جنيه إسترليني لكل فرد يعود طوعا.