تتذكر نادية كوهين، أرملة الجاسوس الإسرائيلي إيلي كوهين، بعد مرور 56 عامًا، أنه في نهاية كانون الثاني/ يناير 1965، ألقى السوريون القبض على زوجها في دمشق، “وبعد أسبوع من اعتقاله، أُبلغنا أنه تم القبض عليه، وعندما غادر المنزل آخر مرة كنت أعلم أنه لن يعود”، لكنها اليوم تحيي الذكرى الـ56 لشنقه في سوريا، “لقد كان أكبر جاسوس إسرائيلي في أي دولة عربية”.
ونقلت نادية كوهين (85 عاما)، في مقابلة مطولة مع القناة 12، ترجمتها صحيفة “عربي21” عن رئيس الوزراء الإسرائيلي ليفي إشكول أن أنشطة زوجها “ساعدت إسرائيل على احتلال مرتفعات الجولان السورية في 1967، وأنقذت حياة ألوية كاملة من جنود الجيش الإسرائيلي”، رغم أنها لم تكن تعلم أنها تتزوج من عميل للموساد، لكنها مع مرور الوقت شعرت أنه يخضع لتدريب أمني يؤهله كجاسوس.
وكشفت أن “أحد رجال الأمن الإسرائيلي اعتاد الجلوس معنا لساعات متتالية، قضى على وقتنا العائلي، جلس إيلي ودرس الخرائط، وخلال إحدى إجازاته عندما عاد لإسرائيل، كان يواصل الدراسة طوال الوقت، إلى أن التقينا ذات مرة مع دافيد بن غوريون، وأحيانا شعرت أن عليه أن يغير لهجته فجأة من المصرية إلى السورية، واستمرت هذه الحياة المزدوجة خمس سنوات”.
وأشارت إلى أن “كوهين انطلق في عمله من شقة التجسس في العاصمة السورية دمشق، حيث انتحل شخصية رجل الأعمال السوري كامل أمين ثابت، وأصبح مسؤولًا كبيرًا مرتبطًا بالحكومة السورية، وبات ينقل معلومات استخبارية مهمة لإسرائيل، وكاد أن يكون وزيرا، قبل أن يحاكم في محاكمة عسكرية، وشنق في النهاية في ساحة المدينة بدمشق”.
وقالت: “شاهدنا هذه اللحظات الصعبة، أحضروا لنا جهاز تلفزيون لم يكن موجودًا في ذلك الوقت في كل منزل، شاهدنا المحاكمة، وكان هناك قدر كبير من التوتر، واستمرت المحاكمة 101 يوم، كانت هناك مقاطع لم أتمكن من رؤيتها، مع العلم أن السوريين شعروا أن إيلي اخترقهم، وكاد أن يصبح وزيرا، يدخل على كل الوزراء”.
وأكدت أنها منذ 56 عامًا وهي تخوض كفاحًا لإحضار جثمانه لقبره في إسرائيل، ومنذ ذلك الحين تتلقى فجأة من وقت لآخر أخبارا مثيرة، “ومن ذلك ساعته الشخصية، التي تم إرجاعها لي قبل ثلاث سنوات، وقبل شهر وصل تذكار آخر منه عندما نُشر مقطع فيديو له يمشي في شوارع دمشق، وفي هذه المرحلة، شعر إيلي بالفعل أنه يتم تصويره من الأمن السوري، ولذلك أدار رأسه إلى الشخص الذي كان يصوره”.
وأوضحت أنها استقبلت دليلا جديدا من خلال عائلة يهودية هاجرت لإسرائيل من سوريا، وتحدثت لنادية عن متجر لديهم في سوق بدمشق كان إيلي يزوره بصورة دائمة، “خاصة في مناسبات أعياد الفصح من كل عام، كي يشعر بالعيد بطعمه اليهودي”.
وحين سئلت نادية عن أشياء تعرفها من الحكومة الإسرائيلية أو الروس أو السوريين حول جهود جلب جثمان كوهين إلى إسرائيل، رفضت الحديث عن ذلك، لكنها أكدت أنها تستثمر كل طاقتها في مشروع جديد وهو إنشاء متحف إيلي كوهين، بزعم أن زوجها الجاسوس “ضحى بنفسه من أجل إسرائيل، على أن يكون هذا المتحف مدرسة للصهيونية”.