نشرت صحيفة “نيزافيسيمايا” الروسية تقريرا سلّطت فيه الضوء على الجولة الجديدة من مفاوضات أستانا الخاصة بالتسوية السورية، والذي ركّز على مسألة تجديد التفويض الأممي لتقديم المساعدات الإنسانية.
وقالت الصحيفة في تقرير ترجمته صحيفة “عربي21” الإلكترونية، إن آليات تقديم المساعدات للنازحين السوريين عبر الحدود وانتهاء التفويض الأممي هي أهم المواضيع التي طُرحت على طاولة المفاوضات في اجتماع أستانا الذي أشرفت عليه روسيا وتركيا وإيران، وحضرت الأردن ولبنان والعراق كمراقبين.
وأوضحت الصحيفة أن الولايات المتحدة طالبت روسيا بالموافقة على تجديد التفويض الأممي الذي يسمح لقوافل المساعدات الإنسانية التابعة للأمم المتحدة بعبور الحدود السورية، فيما تعارض موسكو هذه الخطوة بشكل قاطع مشيرة إلى أن الآلية فقدت أهميتها.
موقف روسي متشدد
وقد كشف المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى سوريا، ألكسندر لافرنتييف، عن معارضة روسيا مسألة تجديد التفويض الأممي خلال حضوره جولة المفاوضات الأخيرة في أستانا.
وقال لافرنتييف في هذا الشأن: “نحن بالطبع مع إنهاء التفويض. في الوقت الحاضر، لم تعد للآلية أي فائدة. من الضروري طبعاً احترام القانون الدولي الإنساني وإقرار تفعيل الآلية من خلال السلطات الشرعية في دمشق”. وأشار لافرنتييف إلى أن هذه الآلية وُضعت عام 2014، عندما كانت المعابر الحدودية ومعظم الحدود السورية غير خاضعة لسيطرة نظام الأسد.
كما اعتبر لافرنتييف أن المساعدات الإنسانية تصل حاليا إلى مناطق شمال شرق سوريا بشكل فعال للغاية. وتعليقًا على الأوضاع في معبر باب الهوى الحدودي، والذي تُشرف عليه الأمم المتحدة، أشار المبعوث الروسي إلى أن الموضوع مسيّس تمامًا، نظرا لوجود الحاجز على الحدود التركية ويؤدي إلى محافظة إدلب الخاضعة حتى الآن لسيطرة المعارضة.
ويتابع المسؤول الروسي أن “القافلة التي تخضع لسيطرة دمشق معطلة منذ عام، جراء منع المسلحين تسليم المساعدات إلى السكان المدنيين الذين يعيشون في هذه المنطقة”.
وكانت الأمم المتحدة قد أقرت في 2014 آلية لإيصال المساعدات إلى المناطق غير الخاضعة لسيطرة نظام الأسد على خلفية تصاعد الأعمال القتالية. بناء على ذلك، أعطي الإذن رسمياً للعاملين في المجال الإنساني بالتنقل عبر معابر “باب السلام” الحدودي مع تركيا و”باب الهوى” و”معبر اليعربية” على الحدود العراقية و”معبر الرمثا ” على الحدود الأردنية.
لكن مع عودة بعض المحافظات إلى سيطرة نظام الأسد انخفض عدد نقاط التفتيش التي تعتمد عليها الأمم المتحدة. وترى الدول الغربية وتركيا أن الحفاظ على مرور المساعدات عبر معبر باب الهوى مسألة لا نقاش فيها.
وقد ركزت محادثات أستانا الأخيرة، والتي انضم إليها ممثلون رفيعو المستوى من الأمم المتحدة والأردن ولبنان والعراق، على وضع المعابر وآليات تدفق المساعدات الإنسانية. وأكدت موسكو خلال المحادثات ضرورة إقامة حوار بنّاء بين نظام الأسد وميليشيا “قسد” الذي تشكل ميليشيا YPG عمودها الفقري.
ماذا سيحدث في حال إلغاء التفويض؟
ونقلت الصحيفة عن الباحث الزائر في معهد الشرق الأوسط بواشنطن، والخبير في المجلس الروسي للشؤون الدولية، أنطون مارداسوف، قوله إن الاعتراض المحتمل من الجانب الروسي على تقديم المساعدات عبر الحدود مع تركيا خلال المرحلة الانتقالية يعتبر أولوية قصوى لموسكو، وينطبق الأمر ذاته على قوات سوريا الديمقراطية.
ويرى مارداسوف أن اعتراض روسيا يؤدي إلى إضعاف نفوذ المعارضة في إدلب واحتكار المساعدات الإنسانية من قبل دمشق، ويخلق من ناحية أخرى أزمة على مستوى العلاقات مع تركيا التي كانت تنظر إلى الإمدادات الأممية إلى الشمال الشرقي وسيلة لتعزيز النزعة الانفصالية الكردية، غير أن الوضع الراهن يجعلها أكثر تقاربا مع الولايات المتحدة.
ويتوقع الخبير الروسي أن تتكثف الجهود بين دول الخليج وتركيا للبحث عن حل وسط في شمال شرق وشمال غرب سوريا دون أخذ مصالح دمشق بعين الاعتبار.
ويرى مارداسوف أن الاعتراض الروسي على تجديد تفويض نقل المساعدات الموجهة إلى الملايين من المدنيين، لن يعيق تسليم المساعدات بشكل كامل، لكنها ستكون بكميات قليلة و تستغرق العملية وقتا أطول للوصول إلى مستحقيها.
وتختم الصحيفة بأن النظام السوري سوف يواجه مشاكل كثيرة في حال إلغاء التفويض الأممي، من بينها انتهاء صلاحية الأدوية، وقد يضطر للاستعانة بالروس لإيصال المساعدات من دمشق إلى إدلب في حال تفاقم الكارثة الإنسانية.