رصد علماء الفلك ضوءًا قادما من خلف ثقب أسود للمرة الأولى، مما يثبت أن ألبرت أينشتاين على حق، مرة أخرى.
ووفقا لخلاصات دراسة علمية نقل نتائجها موقع “لايف ساينس” في الـ30 من شهر يوليو 2021 فقد كان الباحثون يدرسون الأشعة السينية المنبعثة من ثقب أسود هائل في مركز المجرة الحلزونية، زويكي 1 (Zwicky 1) على بعد 800 مليون سنة ضوئية، عندما اكتشفوا هذه الظاهرة غير المتوقعة.
وحسب الدراسة فإنه إلى جانب ومضات الأشعة السينية المتوقعة من أمام الثقب الأسود، اكتُشف أيضا عدد من “أصداء الضوء” من مصدر لم يتمكن الباحثون من تحديده في البداية.
الأغرب من ذلك حسب العلماء المشرفين على البحث، أن الانفجارات الضوئية الغريبة كانت صغيرة، ورصدت لاحقًا، وكانت ألوانها مختلفة عن تلك التي شوهدت قادمة من أمام الثقب الأسود، وسرعان ما أدرك الباحثون أن الأصداء كانت تأتي من خلف الثقب الأسود الهائل، وهي -طبقًا للنظرية النسبية لأينشتاين- التواء للزمكان، مما يتيح للضوء الانتقال حول الثقب الأسود.
ويقول دان ويلكينز عالم الأبحاث في معهد كافلي للفيزياء الفلكية وعلم الكون بجامعة ستانفورد (Stanford University) -في بيان نشر على موقع يورك ألرت EurekAlert- يوم 28 من شهر يوليو 2021 “أي ضوء يدخل الثقب الأسود لا يخرج مجددا، لذلك ينبغي ألا نكون قادرين على رؤية أي شيء خلف الثقب الأسود “.
وأضاف ويلكينز أن “السبب الذي يمكننا من رؤيته أن الثقب الأسود يقوم بثني الفضاء، وانحناء الضوء، والتواء المجالات المغناطيسية حول نفسها”.
وتصف النظرية النسبية العامة كيف يمكن للأجسام الضخمة أن تلوي نسيج الكون، الذي يسمى الزمكان، وقد اكتشف أينشتاين أن الجاذبية لا تنتج عن قوة غير مرئية، ولكنها ببساطة تجربتنا في انحناء والتواء الزمكان في وجود المادة والطاقة.
هذه المساحة المنحنية بدورها تحدد القواعد لكيفية تحرك الطاقة والمادة، ورغم أن الضوء ينتقل في خط مستقيم، فإن الضوء الذي ينتقل عبر منطقة منحنية للغاية من الزمكان -مثل الفضاء حول الثقب الأسود- سوف ينتقل أيضًا في منحنى، في هذه الحالة، من الخلف إلى الأمام.
المرة الأولى لرؤية أصداء ضوئية
وليست المرة الأولى التي يرصد فيها علماء الفلك ثقبًا أسود يشتت الضوء -والذي يسمى المفعول العدسي التثاقلي- لكنها المرة الأولى التي يرون فيها أصداء ضوئية من منطقة واقعة خلف ثقب أسود.
لم يقصد علماء الفلك في الأصل تأكيد نظرية أينشتاين التي وضعها عام 1915، ولكن بدلاً من ذلك، كانوا يأملون استخدام تلسكوبات الفضاء “إكس إم إم نيوتن” (XMM-Newton) التابع لوكالة الفضاء الأوروبية، و”نيوستار” (NuSTAR) التابع لناسا (NASA) للنظر في الضوء المنبعث من سحابة الجسيمات فائقة الحرارة التي تتشكل خارج نقطة اللاعودة للثقب الأسود أو “أفق الحدث”.
ولفهم ما جرى، نقول إن السحابة فائقة الحرارة -أو الإكليل- حول الثقب الأسود تلتف وتزداد الحرارة أثناء سقوطها فيه، حيث يمكن أن تصل درجات الحرارة في الإكليل إلى ملايين الدرجات -وفقًا للباحثين- مما يحول سحابة الجسيمات إلى بلازما ممغنطة حيث تنتزع الإلكترونات من ذراتها.
وتذكر الدراسة أن دوران الثقب الأسود يتسبب في جعل المجال المغناطيسي المشترك للبلازما الإكليلية قوسًا عاليًا فوق الثقب الأسود، ثم ينفجر في النهاية، مما يؤدي إلى إطلاق الأشعة السينية من الإكليل نتيجة لذلك.
يقول عالم الأبحاث ويلكينز “هذا المجال المغناطيسي الذي يتم تقييده ثم انفجاره بالقرب من الثقب الأسود يسخن كل شيء حوله وينتج هذه الإلكترونات عالية الطاقة التي تنتج بعد ذلك الأشعة السينية”.
والآن بعد أن قام الباحثون بهذه المشاهدة، ستكون خطواتهم التالية دراسة مفصلة لكيفية انحناء الضوء حول الثقوب السوداء، والتحقيق في الطرق التي تطلق بها أكاليل الثقوب السوداء ومضات الأشعة السينية الساطعة.
وكالات
اقرأ أيضاً: ناسا تنشر صور مذهلة تكشف “القزم البني”
بعد اكتشافه من خلال الصدفة، نشرت وكالة الفضاء الأميركية ناسا لقطات لقزم بني “نادر للغاية” قد يصل عمره إلى 13 مليار سنة
وهذا القزم البني، الذي أطلق عليه اسم “الحادث”، هو كائن غامض يقع في مكان ما بين كوكب غازي عملاق ونجم صغير، لكن دون الحجم الذي يكفي لدمج الهيدروجين وتحويله لهيليوم.
والأقزام البنية هي أجرام دون نجمية والتي تمتلك كتلة بين كتلة أثقل الكواكب من فئة العملاق الغازي وبين كتلة أخف النجوم أو تقريبا 13 إلى 75-80 كتلة المشتري. وأقل من هذه الكتلة هي الأجرام دوت الأقزام البنية وفوقها هي الأقزام الحمراء الخفيف
كما أفادت دراسة أجراها علماء الفلك في معهد كاليفورنيا للتقنية في باسادينا بكاليفورنيا، والتي نُشرت نتائجها كاملة في مجلة Astrophysical Journal Letters، بأنه قد يكون هناك عدد أكبر من هذه “النجوم” غير العادية في مجرتنا أكثر مما كان يُعتقد سابقاً، وفق صحيفة “ديلي ميل”.
يبعد 50 سنة ضوئية عن الأرض
وقال باحثو ناسا إن القزم البني المسمى رسمياً WISE 1534-1043، يبعد 50 سنة ضوئية عن الأرض ولا يشبه أياً من 2000 قزم بني موجود في مجرتنا حتى الآن. وأضافوا أنه خافت في بعض الأطوال الموجية للضوء، ومشرق في البعض الآخر، ويتحرك حول مجرة درب التبانة بسرعة نصف مليون ميل في الساعة، أسرع من أي قزم بني محلي آخر.
إلى ذلك ساعدت بنية وسرعة الضوء غير العاديين الفريق على تحديد عمر القزم ما بين 10 و13 مليار سنة، أي ضعف متوسط عمر الأقزام البنية الأخرى المعروفة والتي يرجع تاريخها إلى الوقت الذي كانت فيه مجرة درب التبانة صغيرة جداً ولديها تركيبة كيميائية مختلفة. ويشير هذا الأمر إلى أنه كان موجوداً في مجرة درب التبانة منذ الأيام الأولى، ما يعني أنه يمكن أن يكون هناك أكثر مما كان يعتقد في البداية، مع وجود ما يصل إلى 100 مليار من الأقزام البنية العائمة في الفضاء بين النجوم.
أكبر من المشتري ما بين 13 و80 مرة
كما وقع اكتشاف القزم البني عن طريق الصدفة عبر مستكشف مسح الأشعة تحت الحمراء واسع المجال (NEOWISE) من قبل دان كاسيلدن، الذي كان يستخدم برنامجاً عبر الإنترنت قام ببنائه للعثور على هذه الأجسام في البيانات التي تم جمعها بواسطة التلسكوب.
ويعتبر القزم البني الملقب بـ”الحادث” أكبر من كوكب المشتري ما بين 13 و80 مرة غير أنه ليس كبيراً بما يكفي لدمج عناصر مثل الهيدروجين في الهيليوم بالطريقة التي يعمل بها النجم.
وبينما تتحدى الأقزام البنية أحياناً التوصيف، يمتلك علماء الفلك فهماً جيداً لخصائصها العامة. فمع تقدم الأقزام البنية في العمر، تبرد ويتغير سطوعها في أطوال موجية مختلفة من الضوء، على غرار الطريقة التي تنتقل بها المعادن الساخنة من الأبيض إلى الأحمر أثناء تبريدها.
حيّر العلماء
إلا أن “الحادث” أربك العلماء لأنه كان باهتاً في بعض الأطوال الموجية الرئيسية، ما يشير إلى أنه كانت شديد البرود، لكنه ساطع في البعض الآخر، ما يدل على ارتفاع درجة الحرارة.
من جهته اعتبر ديفي كيركباتريك، عالم الفيزياء الفلكية في مركز المعالجة والتحليل بالأشعة تحت الحمراء (IPAC) بمعهد كاليفورنيا للتقنية (Caltech)، أن “هذا الجسم تحدى كل توقعاتنا”، لافتاً إلى أن “العمر الذي يبلغ 10-13 مليار سنة من “الحادث” يعني أنه كان من الممكن أن يتشكل عندما كانت مجرتنا أصغر بكثير ولديها تركيبة كيميائية مختلفة”.
كما أضاف كيركباتريك أنه “إذا كان الأمر كذلك، فمن المحتمل أن يكون هناك المزيد من الأقزام البنية القديمة الكامنة في جوار المجرة”.
خصائص متناقضة
ولمعرفة سبب امتلاكه لخصائص متناقضة، فيما يشير البعض إلى أنه بارد والبعض الآخر إلى أنه أكثر دفئاً، لجأ علماء الفلك إلى مرصد كيك في هاواي. واستخدموا التلسكوب لرصد الجسم في نطاق أوسع من الأطوال الموجية للضوء، خاصة الأشعة تحت الحمراء، غير أنه كان خافتاً لدرجة لا يمكن اكتشافه على الإطلاق. وقد أكد هذا الاقتراح أنه كان بارداً جداً، ما يعني أنه من المحتمل أيضاً أن يكون قديماً.
وبعد ذلك شرعوا في تحديد ما إذا كان التعتيم ناتجاً عن كون الحادث بعيداً عن الأرض أكثر مما كان متوقعاً. غير أنه لم يكن هذا هو الحال، بحسب قياسات المسافة الدقيقة بواسطة تلسكوبات هابل وسبيتزر الفضائيين التابعين لناسا.
ثم أدرك الفريق، بعد تحديد مسافة الجسم نحو 50 سنة ضوئية من الأرض، أنه يتحرك بسرعة، بنحو نصف مليون ميل في الساعة، أي أسرع بكثير من جميع الأقزام البنية الأخرى المعروفة بوجودها على هذه المسافة من الأرض، ما يعني أنه ربما كان ينحرف حول المجرة لفترة طويلة، ويواجه أجساماً ضخمة تسرّعها بجاذبيتها.
تنوع في تكوينات الأقزام البنية
من جانبه ذكر فيديريكو ماروكو، عالم الفيزياء الفلكية بمركز المعالجة والتحليل بالأشعة تحت الحمراء (IPAC) في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا الذي قاد عمليات الرصد الجديدة باستخدام تلسكوبات كيك وهابل، أنه “ليس من المفاجئ العثور على قزم بني بهذا العمر، لكن من المفاجئ أن نجد قزماً في الفناء الخلفي لنا”.
وأضاف ماروكو: “لقد توقعنا وجود أقزام بنية بهذا العمر، لكننا توقعنا أيضاً أن تكون نادرة بشكل لا يصدق. وقد تكون فرصة العثور على واحد قريب جداً من النظام الشمسي مصادفة محظوظة، أو يخبرنا أنها أكثر شيوعاً مما كنا نظن”.
كما لفت، ماروكو، إلى أن “هذا الاكتشاف يخبرنا أن هناك تنوعا في تكوينات الأقزام البنية أكثر مما رأيناه حتى الآن. ومن المحتمل أن يكون هناك المزيد من الأشياء الغريبة”، مشدداً: “نحن بحاجة إلى التفكير في كيفية البحث عنها”.
المصدر: العربية نت – موقع ناسا – شهبا برس