بعد مرور نحو 5 سنوات على إيقاف محاولة بيعهما، استردت مصر، تمثالين أثريين من بلجيكا، يرجعان لعصر الدولة القديمة والعصر المتأخر، وتأتي عملية استرداد التمثالين في إطار التعاون بين السلطات في البلدين، لاسترداد القطع الأثرية المهربة، التي خرجت من البلاد بطريقة غير مشروعة.
وأعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية، في بيان صحافي اليوم (السبت)، أن «خالد البقلي، السفير المصري في بروكسل، تسلم التمثالين، في احتفالية نظمتها وزارة الاقتصاد البلجيكية وفق الإجراءات الاحترازية المطبقة لمواجهة فيروس كورونا، شارك فيها نائب رئيس الوزراء وزير الاقتصاد والعمل البلجيكي، إضافة إلى عدد من المسؤولين في الحكومة البلجيكية»، مشيرة إلى أن «استرداد التمثالين يأتي في إطار جهود مصر الحثيثة لاستعادة الآثار المصرية المهربة بالخارج، بالتعاون مع وزارة الخارجية ومكتب النائب العام».
ويقول شعبان عبد الجواد، المشرف العام على إدارة الآثار المستردة بالمجلس الأعلى للآثار لـ«الشرق الأوسط»: «رغم عدم وجود اتفاقية تعاون ثنائي بين مصر وبلجيكا في مجال مكافحة تهريب الآثار، فإن مصر استطاعت من خلال التواصل مع السلطات البلجيكية استرداد التمثالين»، مشيراً إلى أن «التمثالين تم ضبطهما أثناء عرضهما للبيع في بلجيكا عام 2016، وأثبتت التحقيقات أن مالك صالة العرض لا يحمل وثائق تثبت ملكيته للتمثالين».
ويرجع واحد من التماثيل إلى عصر الدولة القديمة، وهو تمثال من الحجر الجيري الملون لرجل يقف مرتكزاً على قاعدة، أما التمثال الآخر، فهو تمثال أوشابتي صغير مصنوع من الفيانس يرجع للعصر المتأخر.
والأوشابتي، هي تماثيل صغيرة تشبه المومياوات كانت توضع في المقابر المصرية القديمة بملامح تشبه ملامح المتوفى، لتحل محله في تأدية الأعمال الشاقة في العالم الآخر، وفق المعتقدات الفرعونية القديمة.
حكم قضائي سابق
ومنذ ضبط التمثالين تم التنسيق الكامل مع إدارة التعاون الدولي بمكتب النائب العام المصري ووزارة السياحة والآثار وزارة الخارجية المصرية، وإرسال طلب مساعدة قضائية إلى السلطات البلجيكية في هذا الشأن حتى تم استصدار قرار قضائي بتسليم التمثالين إلى الحكومة المصرية، وقال السفير خالد البقلي، خلال كلمته أثناء الاحتفال بتسلم التمثالين، إن «استرداد التمثالين يعبر عن تميز العلاقات بين مصر وبلجيكا، ويفسح المجال نحو مزيد من التنسيق بشأن مختلف مجالات التعاون المشترك، لا سيما موضوعات استرداد الآثار المصرية المهربة»، موجهاً الدعوة للشعب البلجيكي لزيارة المقاصد السياحية في مصر.
وتسعى مصر لاسترداد آثارها التي تم تهريبها للخارج أو التي خرجت من البلاد بطريقة غير مشروعة من خلال توقيع اتفاقيات تعاون ثنائي مع الدول الأجنبية، أو التعاون مع السلطات في هذه الدول. وشهد ملف استرداد الآثار المصرية من الخارج نشاطاً ملحوظاً في السنوات الأخيرة، حيث تم استرداد عدد من القطع الأثرية من أهمها التابوت الذهبي للكاهن نجم عنخ، الذي تم استرداده من الولايات المتحدة الأميركية عام 2019 بعد إثبات خروجه بطريقة غير شرعية، حيث كان القانون المصري يسمح بإهداء وتصدير الآثار حتى عام 1983.
وأبرمت وزارة الآثار المصرية عام 2015 عددا من الاتفاقيات الثنائية مع عدة دول يتم بمقتضاها استرداد أي قطعة أثرية تنجح مصر في إثبات ملكيتها لها باعتبارها تمثل جزءا من حضارتها وتاريخها.
المصدر: الشرق الأوسط + وكالات
اقرأ أيضاً: العراق يستعيد لوحا مسماريا قديمة من الولايات المتحدة
أعلنت اليونيسكو، أن العراق سيستعيد الخميس لوحاً مسمارياً أثرياً عمره 3500 عام، ويحتوي على جزء من «ملحمة غلغامش»، بعدما تبيّن للسلطات الأميركية أنه تمت سرقته من متحف عراقي في العام 1991، وتم تهريبه بعد سنوات عديدة إلى الولايات المتحدة.
واللّوح الأثري مصنوع من الطين، ومكتوب عليه بالمسمارية جزء من «ملحمة غلغامش»، التي يعتبرها علماء الآثار أحد أقدم الأعمال الأدبية للبشرية، وتروي مغامرات أحد الملوك الأقوياء لبلاد ما بين النهرين في سعيه إلى الخلود.
ووفقاً للسلطات الأميركية، فإن هذا الكنز الأثريّ تمت سرقته من متحف عراقي إبّان حرب الخليج الأولى، ثم اشتراه في 2003 تاجر أعمال فنيّة أميركي من أسرة أردنية تقيم في لندن، وشحنه إلى الولايات المتحدة من دون أن يصرّح للجمارك الأميركية عن طبيعة الشحنة.
وبعد وصول اللوح إلى الولايات المتحدة، باعه التاجر في العام 2007 لتجّار آخرين مقابل 50 ألف دولار، وبشهادة منشأ مزوّرة.
وفي العام 2014، اشترت أسرة غرين، التي تمتلك سلسلة متاجر «هوبي لوبي»، والمعروفة بنشاطها المسيحي، وذلك بقصد عرضه في متحف الكتاب المقدس في واشنطن، بسعر 1.67 مليون دولار.
لكن في 2017، أعرب أحد أُمناء المتحف عن قلقه بشأن مصدر اللوح، بعدما تبين له أن المستندات التي تم ابرازها خلال عملية شرائه لم تكن مكتملة، قبل أن يتم مصادرتها من السلطات الأميركية في أيلول 2019، القطعة الأثرية.
حكم قضائي
وأخيراً، حكم قاضٍ فدرالي في نهاية تمّوز الماضي، بإعادتها إلى العراق. وعلى الرّغم من صغر حجمه، فإن لهذا اللوح قيمة الأثري هائلة.
في السياق، قالت أمس، المديرة العامة لليونيسكو، أودري أزولاي، التي ستحضر في واشنطن حفل تسليم السلطات الأميركية نظيرتها العراقية هذه القطعة الأثرية، إن إعادة هذا الكنز الثقافي إلى أصحابه يمثل «انتصاراً كبيراً على أولئك الذين يشوّهون التراث».
وأضافت أن استعادة هذه القطعة الأثرية ستتيح «للشعب العراقي إعادة التواصل مع صفحة من تاريخهم».
يشار إلى أنه في تموز، أعادت الولايات المتحدة إلى العراق 17 ألف قطعة أثرية، يرجع تاريخ غالبيتها إلى أربعة آلاف سنة، ولا سيما إلى الحضارة السومرية، إحدى أقدم الحضارات في بلاد ما بين النهرين.
المصدر: أ.ف.ب