في 20 يوليو 1969، هبط البشر على القمر لأول مرة، كجزء من مهمة أبولو 11. وتبع ذلك ست رحلات أخرى إلى القمر، هبطت خمس منها بنجاح.
ومع ذلك، في عام 1970، تم إلغاء بعثات أبولو المستقبلية وأصبحت مهمة أبولو 17 في عام 1972 آخر مهمة مأهولة إلى القمر.
حطمت المهمة التي استغرقت 12 يوما بين 7 و19 ديسمبر الرقم القياسي لأطول سير في الفضاء، وأطول هبوط على سطح القمر وأكبر عينات قمرية حُملت إلى الأرض.
واليوم، نشهد مضي خمسين عاما على مغادرة آخر رجل للقمر، ما يطرح الكثير من التساؤلات حول سبب عدم عودة البشر إلى سطح القمر منذ نصف قرن.
لماذا لم يعد البشر إلى القمر؟
يمكن إرجاع السببين الرئيسيين إلى المال والأولويات.
بدأ السباق لإرسال البشر إلى القمر في عام 1962 من خلال خطاب الرئيس الأمريكي جون كينيدي: “نختار الذهاب إلى القمر”، حيث وعد بأن أميركيا سيمشي على سطح القمر بحلول نهاية العقد.
وبمجرد الوفاء بهذا الوعد بهبوط أبولو على سطح القمر في عام 1969، واجهت ناسا تخفيضات كبيرة في التمويل أدت إلى اختصار برنامج أبولو.
فقد كان هناك في الأصل 20 مهمة مخططة لأبولو، وتم إلغاء البعثات الثلاث الأخيرة .
وقالت سارة الأميري، رئيسة وكالة الفضاء الإماراتية، لموقع “مترو” البريطاني: “تم التشجيع على البرنامج الأولي بسبب سباق الفضاء للوصول إلى القمر. وعادة ما تتغير الأولويات مع برامج الفضاء الوطنية”.
لم يعد إرسال الرواد إلى سطح القمر أولوية بعد الآن
لم يكن السفر إلى القمر رخيصا. وفي الأصل، كان من المفترض أن يكلف هبوط أبولو على سطح القمر الحكومة الأمريكية 7 مليارات دولار، إلا أن التكلفة الإجمالية، في النهاية، بلغت 20 مليار دولار.
وقالت الأميري: “يختلف قطاع الفضاء الآن عما كان عليه حينها بأنه في الماضي، إذا لم تكن تنفق الحكومة في مجال ما من قطاع الفضاء، فإن هذا المجال يتلاشى. اليوم، بعض الدول لديها قدرات بحيث يمكن للقطاع الخاص أن يتخلص من بعض العبء الذي كان يقع تقليديا على الحكومات”.
وبالفعل هذه المرة، ليست مجرد حكومة واحدة تخطط للذهاب إلى القمر، بل هناك تعاون بين العديد من وكالات الفضاء الحكومية وشركات رحلات الفضاء الخاصة مثل “سبيس إكس” المشاركة في برنامج “أرتميس” التابع لناسا.
متى سيعود البشر إلى القمر؟
رغم أنه مر وقت طويل، ولكن إذا سارت الأمور وفقا للخطط المرسومة، فيمكننا رؤية رجال ونساء على القمر خلال هذا العقد.
ويهدف برنامج “أرتميس”، التابع لناسا، إلى إعادة البشر إلى القمر بحلول عام 2024 وإنشاء وجود بشري مستدام من شأنه أن يسمح لرواد الفضاء بزيارة القمر بانتظام.
وشهدت البعثات القمرية في حقبة أبولو رواد فضاء يعيشون على القمر لبضعة أيام فقط في كل مرة، لكن مهمة “أرتميس” تهدف إلى أن تكون نقطة انطلاق لقواعد على القمر طويلة الأجل.
وقال المدير السابق لناسا، جيم بريدنشتاين، عن بعثات القمر المستقبلية: “هذه المرة عندما نذهب إلى القمر سنبقى. هذا ما نتطلع إلى القيام به”.
ولهذه الغاية، منحت وكالة ناسا مؤخرا عقدا بقيمة 47 مليون جنيه إسترليني لبناء موائل (مجموعة الموارد والعوامل الأحيائية الموجودة في بيئة ما) وطرق على القمر.
وفي النهاية، تأمل ناسا في إنشاء قاعدة على القمر وإرسال رواد فضاء إلى المريخ بحلول أواخر الثلاثينيات أو أوائل الأربعينيات.
ما الذي تغير الآن؟
لم يعد هدف وكالات الفضاء والشركات الفضائية الخاصة، إرسال رواد فضاء فقط إلى سطح القمر، بل أصبح السعي الآن إلى إنشاء قاعدة مأهولة على القمر، ستكون بمثابة محطة أبحاث بشرية دائمة.
ويمكن أن تتطور القاعدة القمرية إلى مستودع طاقة لبعثات الفضاء السحيق، ما سيساعد على إنشاء تلسكوبات فضائية غير مسبوقة، وتسهيل السفر إلى المريخ، وحل الألغاز العلمية القديمة حول الأرض وخلق القمر.
ويعتقد المتنبئ الجيوسياسي الدكتور جورج فريدمان أن القمر الطبيعي للأرض في وضع استراتيجي للاستخدام التجاري.
وأوضح في أول مناظرة فضائية في أبو ظبي عقدت هذا الشهر: “القمر له هيكل مشابه للأرض ويتمتع بموقع استراتيجي. وبالإضافة إلى ذلك، فإن اكتشاف الماء على القمر عزز الآمال في إنشاء قواعد صالحة للسكن على القمر. ويعتقد الخبراء أن سطح القمر يحتوي على ما يكفي من الماء لقاعدة قمرية في المستقبل.
لذلك، من المحتمل أن يشهد جيل جديد من البشر الشعور المذهل بمشاهدة الرجال والنساء وهم يسيرون على القمر مرة أخرى. وهذه المرة لن تمر 50 سنة حتى نعود”.
المصدر: مترو