الرئيسية » أفغانستان موطن أكثر من 1500 موقع أثري.. تعرف عليها

أفغانستان موطن أكثر من 1500 موقع أثري.. تعرف عليها

غالبا ما تظهر أفغانستان في المخيلة الإنسانية على أنها أرض قاحلة ومقبرة الإمبراطوريات، لكن هذا التصور القاصر لا ينصف تاريخ أفغانستان الطويل باعتبارها مفترق طرق بين جنوب آسيا وآسيا الوسطى، بالإضافة إلى تقاليدها الغنية التي تجمع بين الزرادشتية واليونانية والبوذية والإسلام.

تتمتع أفغانستان التي تقع على مفترق طرق التجارة الرئيسية، بتاريخ طويل ومعقد، كما يحمل تراثها الثقافي الغني بصمة العديد من التقاليد، بدءا من اليونان وإيران ووصولا إلى سهول أوراسيا والصين. وبسبب موقع أفغانستان الجغرافي أصبحت جزءا من طريق الحرير، وهو الطريق القديم لنقل البضائع بين غرب وشرق آسيا، مما ترك آثارا للحضارات والثقافات المختلفة في المدن التي مر بها مثل بلخ وهرات وكابل.

على عكس المتوقع، تعتبر أفغانستان موطنا لأكثر من 1500 موقع أثري، حيث كشفت الحفريات عن التأثيرات الشرقية والغربية في العمارة والسلع. وشهدت المدن الأفغانية تبادل الحرير الصيني والفضة الفارسية والذهب الروماني. وبمرور الوقت انتشرت الديانة البوذية في أفغانستان قبل وصولها إلى الصين.

ومع استمرار التبادل التجاري والثقافي، أثرت الأنماط المعمارية الصينية على عمارة أفغانستان. ومع تطور التكنولوجيا البحرية، انخفضت أهميتها كطريق تجاري دولي، بسبب كونها بلدا مغلقا غير ساحلي.

سجادة من التراث الإسلامي الأفغاني

الثقافات المتداخلة في تاريخ أفغانستان

خضعت أجزاء كبيرة من أفغانستان للحكم الفارسي كمقاطعة من الإمبراطورية الأخمينية (الفارسية القديمة)، ثم بعد ذلك بقرون استقرت تحت حكم السلالات البارثية والساسانية. كما كانت المنطقة المحيطة بمدينة “بلخ” من بين فتوحات الإسكندر الأكبر الذي ترك بصمة لا تمحى على الإقليم وثقافته. ترسخت الثقافة الهيلينية في المنطقة مع استخدام اللغة اليونانية، وصك العملات المعدنية للحكام اليونانيين لمقاطعات أفغانستان، وتوسع هذا الانصهار الثقافي في الجنوب الشرقي إلى مدينة غاندارا التي تمتد حاليا بين أفغانستان وباكستان.

تصارع الغزاة من الغرب والشرق على أفغانستان، حيث اصطدمت السلالة الهندية المعروفة باسم مورياس مع الخلفاء اليونانيين للإسكندر الأكبر في أواخر القرن الرابع. ووجد علماء الآثار في الستينيات أحد المراسيم الملكية المنقوشة على الصخور باللغة اليونانية، في إشارة إلى المجتمعات اليونانية المتبقية في المنطقة بالقرب من قندهار جنوب أفغانستان، بالإضافة إلى نقوش صخرية أخرى باللغتين اليونانية والآرامية.

في القرون اللاحقة أصبحت مدينة غاندارا مركزا لفنون النحت، حيث تحولت شخصيات بوذا إلى تماثيل بشرية، واندمجت تقاليد التماثيل اليونانية والجنوب آسيوية معا في نقش هذه المنحوتات الرشيقة. وانتقلت الفنون البوذية عبر المنطقة على طول طريق الحرير قبل أن تصل في نهاية الأمر إلى الصين وتنتشر هناك. ويعد تمثال بوذا العملاق الذي بقي منذ القرن السادس الميلادي ودمرته حركة طالبان عام 2001، من أشهر آثار أفغانستان القديمة.

الفنون البوذية انتقلت عبر المنطقة على طول طريق الحرير قبل أن تصل في نهاية الأمر إلى الصين (مواقع التواصل)

الإسلام في أفغانستان

وصل الإسلام إلى أفغانستان والمنطقة من حولها في القرن السابع، بعد التقدم العربي السريع عبر بقايا الإمبراطورية الساسانية الفارسية، ليصبح هو الدين السائد في المنطقة، ويتبعه الآن أكثر من 99% من الأفغان.

بدأ استعمال الفضة خلال القرنين التاسع والعاشر في سك العملات في عهد الدولة السامانية الإيرانية التي شهدت تطورا للثقافة الإسلامية واللغة الفارسية التي انتشرت حتى جنوب آسيا والبحر الأبيض المتوسط.

بعد الفتح الإسلامي لأفغانستان، تغير الفن الأفغاني بشكل كبير عن الأعمال اليونانية البوذية السابقة. واستعملت الخامات المحلية الأفغانية مثل اللازورد في الفنون الإسلامية التطبيقية مثل صناعة أبواب المساجد وإضاءتها وصناعة الخزف، لكن بقى الفن الإسلامي وخاصة المخطوطات الإسلامية متأثرة بالتقنيات الفنية الصينية.

كانت مدينة هرات الواقعة في غرب أفغانستان مركزا تجاريا رئيسيا، واشتهرت بمفكريها وشعرائها وفنانيها ورساميها. وصفها جلال الدين الرومي بأنها لؤلؤة خراسان وأجمل المدن. بعد أن دمرها جيش جنكيز خان، تعافت وعادت من جديد لتعيش عصرها الذهبي في ظل حكم الدولة التيمورية حتى القرن السادس عشر.

العنف والتراث

بعد تفجيرات 1993 وما تلاها من نهب، فقد المتحف الوطني الأفغاني ما يقرب من 70% من مجموعته. ومع تزايد الفوضى طال الدمار الأحياء التاريخية لمدن مثل كابول، ودمرت العديد من المواقع الثقافية المهمة في البلاد.

حاول أساتذة الفن في مدرسة سيناي للفنون إخفاء اللوحات التي لا تتطابق مع توجهات طالبان، كما استخدم فنانون آخرون الألوان المائية على اللوحات الزيتية لإخفاء الوجوه والصور التي لم توافق عليها حركة طالبان .

بعد عام 2002، بدأ الكثير من الفنانين الأفغان إقامة معارضهم في وسط آسيا وأوروبا. وبعد ذلك شهد الفن المعاصر انتعاشا في أفغانستان خاصة بعد سقوط حركة طالبان، وتدفق التمويلات الدولية لدعم الفنون الأفغانية.

المصدر: الجزيرة + مواقع إلكترونية