شهدت السنوات الأخيرة الماضية إحراز تقدم ملحوظ في مجال استخدام طاقة الرياح نتيجة تراجُع تكلفة محطات طاقة الرياح بشكل كبير، والتقنيات الواعدة، وسياسات الحوافز.
ويُعد التوسع في استخدام طاقة الرياح -باعتبارها مصدرًا متجددًا للطاقة ولا تصدر عنها أي غازات ضارة- من الضرورات الحتمية للتخفيف من انبعاثات الاحتباس الحراري، والحد من تداعيات التغيرات المناخية.
ومع التوسع في إنشاء محطات طاقة الرياح في أنحاء العالم، فإنه يمكن لمزارع الرياح القائمة -التي عادةً ما تكون في مناطق مفتوحة ذات تيارات هواء قوية، وتضم توربينات متعددة تحول الرياح إلى طاقة كهربائية نظيفة- أن تكون أكثر كفاءة.
ووفق دراسة نشرتها دورية (Journal of Renewable and Sustainable Energy)، قام فريق بحثي أمريكي-صيني مشترك بتقييم الأنماط اليومية والموسمية لسرعات الرياح، وتأثير ذلك على كفاءة إنتاج الطاقة.
يقول شو وي مياو، الباحث في مجال الهندسة الكهربائية والطاقة المتجددة بجامعة “ثري جورجيس” الصينية، والمؤلف المشارك في الدراسة: “إن صناع القرار يحتاجون إلى اختيار مكان ملائم لتركيب مزرعة الرياح عند التخطيط لاستخدام طاقة الرياح”.
يضيف “مياو” في تصريحات لـ”للعلم”: طورنا آليةً لتقييم العوامل الموسمية باستخدام بيانات تاريخية لسرعة الرياح، ووضع توربينات الرياح، والقدرة القصوى لتحميل النظام، إضافةً إلى عوامل مهمة أخرى يمكن أن تساعد في اتخاذ قرارات أكثر صوابًا بشأن تحديد مواقع مزارع الرياح وطرق تشغيلها.
استند فريق الدراسة إلى نموذج محاكاة على مرحلتين، لتقييم سرعات الرياح، سواء على مدار اليوم، أو على مدار موسم كامل، عن طريق مقارنة نتائج ذلك النموذج بالبيانات الفعلية التي تم جمعها من موقع مزرعة الرياح في ولاية “داكوتا الشمالية” في الولايات المتحدة، وتمكن الباحثون من تطوير آلية تقييم كفاءة الرياح على مدار الموسم.
تدرس المرحلة الأولى من نموذج المحاكاة توزيع احتمالية سرعة الرياح على مدار 24 ساعة، بينما تنظر المرحلة الثانية في أنماط الرياح طوال الموسم، وتقدم المرحلتان معًا نظرةً أكثر دقةً حول الفروق والاختلافات في موارد طاقة الرياح، التي تحدث بشكل طبيعي، بحيث يمكن الاستفادة منها بشكل أكثر كفاءة.
يقول “مياو”: ترتبط سرعة الرياح بحالة من عدم اليقين، بفعل عوامل مثل الموسم والتضاريس والمناخ، وهذه العوامل هي التي تحدد إمكانية إنتاج الطاقة من الرياح، وإذا كان نظام الطاقة يحتوي على مزارع رياح بقدرات كبيرة، فإن قدرة نظام توليد الطاقة على تلبية حمل النظام سوف تتأثر بشكل كبير بسرعة الرياح غير المؤكدة، وهذه القدرة تشير إلى كفاءة النظام، ويمكن أن يكون التقييم الكمي لمدى كفاءة النظام مفيدًا لتحقيق الاستفادة المُثلى من التيارات الهوائية عند تخطيط مزرعة الرياح.
وردًّا على سؤال لـ”للعلم” حول كيفية جعل مزارع الرياح أكثر كفاءة، يقول “مياو”: يمكن تحقيق ذلك في حالة إذا كان موقع تركيب مزرعة الرياح يتمتع بموارد رياح وفيرة، وتتمثل إحدى الطرق لاختيار مثل هذا الموقع في وضع نموذج يمكن من خلاله تقييم سرعة الرياح بدقة كبيرة.
ويتابع: النتائج التي توصلنا إليها ذات قيمة في تطوير طاقة الرياح وإنتاجها، وعندما تتوافر البيانات التاريخية لسرعة الرياح، والوضع المناسب لتوربينات الرياح، والبيانات الأخرى بشأن موقع مقترح في مناطق أخرى، يمكن تطبيق نموذج آلية التقييم التي تقدمها هذه الدراسة، بكل سهولة، لمحاكاة موارد الرياح، وتقييم مؤشرات كفاءة هذه الموارد على مدار الموسم بالكامل.
المصدر: “للعلم” scientificamerican