أعلن فلاديمير ريابوف، عالم المناخ الروسي من جامعة القرم الفدرالية، أن ارتفاع درجة الحرارة خلال 30 عاما المقبلة أكثر من درجة ونصف مئوية، سيؤدي إلى تغيرات طبيعية كارثية.
ويشير ريابوف في حديث لراديو “سبوتنيك في القرم”، إلى أن ارتفاع متوسط درجة الحرارة أكثر من درجة ونصف مئوية سيؤدي إلى غرق 30 بالمئة من اليابسة.
ووفقا له، الاحتباس الحراري ليس نتيجة النشاط البشري فقط. لأن السبب الرئيسي هو العمليات الطبيعية، والبشر يمكنهم فقط تسريع أو إبطاء بعض هذه التغيرات.
ويضيف موضحا، كان ارتفاع درجات الحرارة خلال الأربعين عاما المنصرمة أعلى من أي وقت مضى، حيث ارتفع متوسط درجة الحرارة بمقدار 2 درجة مئوية.
ويقول محذرا، “ونتيجة للتغيرات المناخية السريعة، ستحصل كوارث طبيعية، وكلما كانت هذه التغيرات أوسع، تزداد خطورة الكوارث أكثر”.
ويشير العالم إلى أن اتفاقية باريس للمناخ تتضمن تحذيرا – إذا ارتفعت درجة حرارة الأرض خلال الثلاثين عاما المقبلة، أكثر من درجة ونصف مئوية، فسوف يؤدي هذا إلى حدوث كوارث طبيعية عالمية، تشكل العواصف والأعاصير والأمطار الغزيرة مقدمة لها.
ويقول، “قد يكون ذوبان الجليد في المحيطات بداية لهذه الكوارث، يليه ذوبان الجليد على قمم وسفوح الجبال، ما سيؤدي إلى غرق 30 بالمئة من اليابسة”.
ويؤكد العالم، على أنه نتيجة لذلك ستغمر المياه مناطق مكتظة بالسكان.
وتجدر الإشارة إلى أن 192 دولة في العالم وقعت على اتفاقية باريس للمناخ التي تهدف إلى تخفيض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، ورفع مستوى التكنولوجيا والتكيف مع التغييرات الجارية. ومن المفترض أيضًا زيادة حصة مصادر الطاقة المتجددة.
واستنادا إلى ذلك، تعمل روسيا على تطوير وتنفيذ القرارات الخاصة بتقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون وحماية البيئة، بنسبة 70 بالمئة مقارنة بمستواها عام 1990 ، ووضع استراتيجية لتصبح روسيا دولة ذات انبعاثات منخفضة من غازات الاحتباس الحراري بحلول عام 2050.
المصدر: نوفوستي
اقرأ أيضا: انخفاض مستويات الأكسجين في المحيطات ينذر بكارثة قادمة تسبب تغيّر المناخ
في الصيف الماضي، تحوّل أكثر من 100 ميل من المياه قبالة سواحل ولاية فلوريدا إلى منطقة ميتة تعاني من استنفاد الأكسجين، حيث تناثرت فوق سطحها الأسماك النافقة التي أمكنت ملاحظتها حتى في خليج تامبا، وعلى الجانب الآخر من الولايات المتحدة، كانت الأمواج تحمل سرطانات البحر من نوع Dungeness وتقذف بها على طول ساحل ولاية أوريجون بسبب عجزها عن الهروب من المياه التي استنفدت محتواها من الأكسجين خلال مواسم عصيبة على مدار العقدين الماضيين.
وبينما ينصبّ تركيز معظم النقاش حول أزمة المناخ التي نعاني منها على انبعاثات غازات الدفيئة وتأثيرها على الاحترار والترسّب وارتفاع مستوى سطح البحر وتحمّض المحيطات، لا يُقال إلا القليل عن تأثير تغيُّر المناخ على مستويات الأكسجين، ولا سيما في المحيطات والبحيرات؛ فالمياه التي تفتقر إلى الأكسجين الكافي لن تستطيع أن تحافظ على الحياة، وبالتالي فإنَّ تدهور مستويات الأكسجين في المحيطات أمر كارثي من منظور مَن يعتمدون على المصائد الساحلية لتدبير دخلهم، والذين يبلغ عددهم ثلاثة مليارات شخص.
ومع تركيز علماء المحيطات والغلاف الجوي على المناخ، فإنا نرى أن مستويات الأكسجين في المحيطات ستصبح الكارثة المحققة التالية في سلسلة الكوارث الناجمة عن الاحترار العالمي، ولكي نوقف تلك الكارثة، فنحن في حاجة إلى أن نستغل الزخم الذي أحدثته قمة «مؤتمر الأمم المتحدة السادس والعشرين لتغيُّر المناخ» COP26 التي انعقدت مؤخرًا، ونولي اهتمامًا أكبر للوضع الخطير لمستويات الأكسجين في المحيطات؛ فالأكسجين هو نظام حفظ الحياة على كوكبنا، نحن أيضًا في حاجة إلى الإسراع بتوفير حلول لمشكلة تغيُّر المناخ المتعلقة بالمحيطات من أجل زيادة مستويات الأكسجين فيها، بما في ذلك الحلول القائمة على الطبيعة، مثل التي نوقشت في «مؤتمر الأطراف السادس والعشرين» COP26.
ومع ازدياد كمية غاز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي، يتسبب ذلك في احترار الهواء نتيجة حبس الإشعاع، بل يتسبب في احترار المياه أيضًا، هذا التفاعل بين المحيطات والغلاف الجوي تفاعل معقد ومتشابك، ولكن ببساطة استأثرت المحيطات بحوالي 90 بالمئة من الحرارة الزائدة التي نجمت عن تغير المناخ في أثناء «حقبة الأنثروبوسين» Anthropocen؛ فالمسطحات المائية لا تستطيع امتصاص غازي ثاني أكسيد الكربون والأكسجين إلا بحدود تعتمد على درجة الحرارة، علمًا بأن ذوبان الغاز يقل بفعل درجات الحرارة المرتفعة، أي أنه كلما زادت درجة حرارة المياه قلت نسبة الأكسجين فيها، وقد اقترن بهذا النقص في محتوى المياه من الأكسجين حالة انقراض تدريجي واسع النطاق أصابت «العوالق النباتية» phytoplankton التي تنتج الأكسجين، وهذه الحالة ليست بسبب تغيُّر المناخ وحسب، بل أيضًا بسبب التلوُّث البلاستيكي وصرف النفايات الصناعية، كل هذا من شأنه أن يعرِّض النظم البيئية للخطر، مما يصيب الحياة البحرية بالاختناق، ويؤدي إلى مزيد من حالات الانقراض التدريجي؛ فقد فقدت مساحات شاسعة من المحيطات من 10 إلى 40 بالمئة من محتواها الأكسجيني، ومن المتوقع أن تتسارع وتيرة هذا الفقد في ظل تغيُّر المناخ.
إن النقص الشديد في مستويات الأكسجين بمسطحاتنا المائية يعقِّد من وضع الآليات التفاعلية المناخية التي شرحها علماء من مختلِف المجالات، وقد وقَّع المئات منهم على إعلان كيل المعني بتناقص الأكسجين في المحيطات لعام 2018، وقد أثمر هذا الإعلان عن مشروع مستحدث بعنوان “العقد العالمي للأكسجين في المحيطات”، وهو مشروع يندرج تحت مظلة العقد العالمي للمحيطات (2021-2030) برعاية الأمم المتحدة، مع ذلك، برغم سنوات من البحوث في مجال تغيُّر المناخ وتأثيره على درجة الحرارة، لا تتوافر لدينا في المقابل المعلومات الكافية عن تأثير تغيُّر المناخ على مستويات الأكسجين، ونتيجة انخفاض مستويات الأكسجين بالتبعية على الغلاف الجوي، وتستلزم منَّا هذه الأزمة التي تطل برأسها إجراء المزيد من البحث والحصول على المزيد من البيانات.
في المئتي سنةٍ الماضية، أبدى الإنسان قدرةً ملحوظةً على إحداث التغيير في كوكب الأرض بتبديل النطاقات الزمنية التي يقوم خلالها الكوكب بتدوير المواد الكيميائية، مثل غاز ثاني أكسيد الكربون؛ فعلينا أن نقيِّم كل الحلول الممكنة لمواجهة تأثيرها ليس على غازات الدفيئة فحسب، بل أيضًا على العناصر الأخرى المهمة للحياة مثل مستويات الأكسجين، وكما يستثمر عالم المال والأعمال في حلول مواجهة تغيير المناخ التي تركز على التقليص التدريجي لمستويات غاز ثاني أكسيد الكربون -والتي يُحتمل أن تشمل في المستقبل جهودًا في مجال الهندسة الجيولوجية مثل تخصيب المحيطات بالحديد- نحن على مشارف خطر التسبُّب في ضرر ثانوي، وهو مفاقمة مشكلة نقص الأكسجين؛ فعلينا إذًا أن نقيِّم العواقب غير المقصودة الممكنة لحلول تغيُّر المناخ على نظام حفظ الحياة بأكمله.
بالإضافة إلى تحسين مراقبة مستويات الأكسجين وتأسيس نظام محاسبة الأكسجين، يضم جدول أعمال مواجهة الأزمة التقييم المتكامل للفوائد المشتركة التي تعود على النظام البيئي من احتجاز الكربون باستخدام ما ينمو في بيئة المحيط من الطحالب البحرية والأعشاب البحرية وأشجار المانجروف، وغير ذلك من المناطق الرطبة، علاوةً على ذلك، تتميز هذه الحلول القائمة على الطبيعة -والتي توصف بحلول “الكربون الأزرق”- بقدرتها الملحوظة على أكسجة كوكبنا من خلال عملية التمثيل الضوئي، وبوصفها البلد المضيف لـ«مؤتمر الأطراف السادس والعشرين» COP26، فقد اختارت المملكة المتحدة شعار المؤتمر “الحلول القائمة على الطبيعة”، كما شهدنا الكثير من المبادرات والالتزامات المتمركزة في الأساس حول الأحياء البرية (كالحراجة) في خطوة ممتازة إلى الأمام، ونأمل أن يساعد كلٌّ من «مؤتمر الأطراف السادس والعشرين» COP26 للعام الحالي و«مؤتمر الأطراف السابع والعشرين» COP27 للعام المقبل على تحقيق إمكانيات الحلول القائمة على الطبيعة بشأن المحيطات، وبتشجيع من مشروع العقد العالمي للمحيطات تحت رعاية الأمم المتحدة.
إن ضم مسألة مستويات الأكسجين إلى قضية تغيُّر المناخ يحفزنا للعمل على فهم التغيرات النظامية الجذرية التي تطرأ على النظم المعقدة للغلاف الجوي والمحيطات على كوكبنا، وحتى عندما احتفلنا بعودة «الحيتان الحدباء» humpback whales إلى ميناء نيويورك ونهر هدسون في عام 2020 بعد تحسُّن مستويات النظافة فيهما، تناثرت الأسماك الميتة على سطح نهر هدسون في فصل الصيف؛ نظرًا لانخفاض نسبة الأكسجين فيه تبعًا لارتفاع درجة حرارة المياه، وقد ترشدنا التغيرات في النظام البيئي بالاقتران مع البيانات الفيزيائية والكيميائية على مستوى الأنظمة إلى منهجيات مستحدثة للتوصُّل إلى حلول لتغيُّر المناخ، من شأنها أن تكتنف فهمًا أعمق لنظام حفظ الحياة على كوكب الأرض وتعزِّز استيعابنا لتقنيات التقليص التدريجي من أجل خفض انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون؛ فنحو 40% من سكان العالم يعتمدون على المحيطات لتوفير سبل الرزق، وختامًا، إذا لم نضع حدًّا للنقص الحاد في الأكسجين اللازم للحياة البحرية، فإنما نعرِّض أنفسنا لكارثة أكبر.
جولي بولين: تترأس جولي بولين مبادرات معنية بالمخاطر المناخية وبالحلول المطروحة لمواجهة مشكلة تغير المناخ في تخصص «تكنولوجيا المناخ» الناشئ، تشغل بولين منصب عالم بحثي مساعد بمعهد الأرض بجامعة كولومبيا، وتحمل بولين درجة الدكتوراة في علم فيزياء المحيطات من جامعة ولاية أوريجون.
ناتالي جودكين: عالِمة في مجال علم كيمياء المحيطات تستخدم الشعاب المرجانية الحديثة في فهم التغيرات التي تطرأ على المحيطات، وتشغل جودكين منصب أمين مساعد بالمتحف الأمريكي للتاريخ الطبيعي، كما تحمل درجة الدكتوراة في برنامج مشترك بين معهد ماساتشوستس للتقنية ومعهد وودز هول لعلوم المحيطات.
المصدر: للعلم