بيع أحد أضخم الأحجار الكريمة، وهو عبارة عن قطعة عقيق من الجودة العالية مقابل 143.750 ألف دولار في ألاسكا مؤخراً.
حجر العقيق المسمى بـ “أميركاس أوستراليس” يزن أكثر من 11،800 قيراط وفقاً لدار مزادات ” Alaska Premier Auctions & Appraisals”.
وتعود القصة لتاريخ طويل، حيث أبقى فريد فون براندت في الآونة الأخيرة حجر العقيق في خزانة بياضات داخل منزل في بيغ لايك شمالي مدينة أنكوراج.
ويعمل براندت، بحسب موقع “إس إف غيت” في التنقيب في عن الذهب في ألاسكا ممن لعائلته جذور راسخة في مجال التعامل بالأحجار الكريمة.
وحجر العقيق أكبر حجماً من القرميد وقد كسر إلى جزئين في ممارسة يقول براندت إنها تعود لعقود مضت للتأكد من نوعية الحجر. ويشير المالك إلى أن العقيق موجود مع العائلة منذ خمسينيات القرن الماضي حين اشتراه جده من تاجر عقيق أسترالي يدعى جون ألتمان.
ويشير إلى أن الحجر ذهب إلى والده وبقي بحوزته وقد قرر الاحتفاظ به “محفوظاً ومخبأً لمدة كافية من الزمن قبل أن يحين الوقت لإظهاره للعالم واكتشاف مدى الاهتمام الذي قد يولده.”
ولفت براندت في حديث ل “أسوشييتد برس”، إلى أن والده قد أعطاه الحرية “لاختيار الطريقة التي سيودع بها الحجر.” وقد وقع الخيار على دار جديدة للمزادات نسبياً ستبدي برأيه اهتماماً أكبر بالحجر.
وأكد نيك كلاين المتخصص والشريك في دار المزادات بألاسكا أن العائلة تمتلك وثائق تثبت منشأ الحجر الكريم. وقال عقب المزاد معلقاً: ” لقد كان لنا شرف إقامة مزاد على هذا النوع من الطرازات الفريدة من نوعها. “
اقرأ أيضاً: الأونصة الواحدة منه بـ14000 دولار.. الروديوم أندر المعادن على وجه الأرض وأغلاها
كانت قطعة من حجر البلاتينيوم الخام النقي هدية العالمين الإنكليزيين وليام هايد ولاستون وسميثسون تينانت عشية عيد الميلاد عام 1800، اشتُرِي هذا الحجر الخام وهُرِّب سرًا من مستعمرة غرناطة الجديدة في أمريكا الجنوبية (كولومبيا حاليًا) بسعر 795 يورو، وتعادل 1,051.99 دولارًا وقتها، ويبلغ سعرها حاليًا 23,206.23 دولارًا.
بنى العالمان آمالًا كبيرة على هذه القطعة من الحجر، واعتقد ولاستون أنه يستطيع إيجاد عملية كيميائية تستطيع بدورها تحويل هذا الخام الصلب إلى بلاتينيوم مطاوع، ولم يدرك العالم ولاستون أن عطايا حجر الميلاد هذا لن تتوقف، فهذه العينة تملك أسرارًا جديدة مخفية.
المعدن النادر الذي لم يسبق للعلماء معرفته من قبل هو اليوم المعدن الأكثر قيمةً وسعرًا على هذا الكوكب، الروديوم العنصر الكيميائي ذو الرمز Rh والرقم الذري 45.
اكتشاف غير متوقع:
مستخدمًا خام البلاتينيوم المهرب، وفي غضون سنوات عدة، قام ولاستون بما لم يستطع العلماء الأوائل القيام به، إذ إنه توصل إلى عملية كيميائية عزل فيها الروديوم وجعله لينًا.
أذاب العالم في مختبره الواقع في حديقة منزله الخلفية المعدن، وأنتج موادًا قابلة للذوبان وموادًا غير قابلة للذوبان. وبعد ترسيب المحلول القابل للذوبان، لاحظ وجود أملاح حمراء اللون، وهذه الأملاح ليست نوعًا من البلاتينيوم، واشتبه بوجود شيء آخر في هذه العينة.
في العامين 1803 و1804، أعلن ولاستون اكتشافه معدنين آخرين من المعادن القيمة في تلك العينة. أطلق على الأول اسم البلاديوم، وسمى الثّاني الروديوم.
ما هو الروديوم؟
أطلق ولاستون اسم الروديوم على المعدن الجديد، وهو مشتق من كلمة «رودون»، وهي كلمة يونانية الأصل وتعني الوردة، وذلك بسبب الأملاح الحمراء التي ترسبت في محلول الأكوا ريجا، الذي يعرف بالماء الملكي (وهو محلول دخاني لونه أصفر وبرتقالي، وأطلق الكيميائيون عليه هذا الاسم نظرًا إلى قدرته على إذابة المعادن النبيلة كالذهب والبلاتينيوم).
يقول شون بيترسون مشرف تطوير وتصنيع المجوهرات في معهد الأحجار الكريمة الأمريكي: «الروديوم هو جزء من مجموعة معادن البلاتينيوم، التي تصنف ضمن المعادن النبيلة».
مجموعة معادن البلاتينيوم تتضمن الروديوم، البلاتينيوم، والبلاديوم، (الذي اكتشفه ولاتسون قبل سنة من اكتشافه الروديوم)، هذه المعادن لها الخصائص نفسها، وغالبًا ما توجد معًا في الطبيعة، وهي ذات سعر مرتفع، مثل الذهب والفضة، نوّه بيترسون: «المعادن الثمينة تمتاز عن غيرها من المعادن، ومن تلك المزايا ندرة وجودها ومظهرها الجذاب، فضلًا عن متانتها وقابليتها للتشكيل».
الروديوم معدن فائق اللمعان ومقاوم للتآكل، هذه الميزات أدخلته في ميدان الصناعات، ومنها صناعة السيارات والمجوهرات ومختلف الصناعات الكهربائية والكيميائية.
واستنادًا لما قاله بيترسون، فإن غلاء سعر الروديوم سببه ندرة وجوده، وصرّح: «يعود ارتفاع سعر الروديوم إلى حد كبير إلى ندرته، والحاجة إليه عالميًا نظرًا إلى استخدامه في تصنيع السيارات»، وقد نصت قوانين جديده تهدف إلى تقليل الانبعاثات الضارة بالبيئة، التي تنتج من تصنيع السيارات، وخاصةً في الصين وأوروبا، إذ توجه لهما أصابع الاتهام بكثرة لتسببهما في ارتفاع الأسعار.
يبلغ سعر أونصة الروديوم اليوم 14000 دولارًا، أما البلاتينيوم فيبلغ سعره 959 دولارًا للأونصة، وأونصة البلاديوم سعرها 1866 دولار، بينما سعر أونصة الذهب هو 1783 دولار.
لا يوجد الروديوم في الطبيعة بشكله النقي، بل يُستخرج على صورة جزيئات بعد عمليات تكرير للبلاتين والنحاس والنيكل، ويكون منتجًا ثانويًا ضئيل الحجم.
وإن كنت تفكر في البحث عن الروديوم، فأول مكان يجب أن تتجه إليه هو إفريقيا الجنوبية، إذ تعد من أغزر الأماكن التي تنتج الروديوم، ويُنتج في البلاد بعمليات تعدين هائلة للبلاتينيوم، ويمكن العثور عليه في رمال أنهار أميركا الشمالية والجنوبية، ويوجد في مدينة أونتاريو في كندا ضمن خام النحاس والنيكل.
عمومًا، الروديوم ليس مؤذيًا طالما لست بصانع مجوهرات:
منذ ثلاثينيات القرن الماضي، بدأ الناس بتعدين الروديوم منتَجًا للبلاتينيوم، بعد أن اكتشفوا كميات كبيرة من رواسب خام البلاتينيوم في إفريقيا الجنوبية في مدينة ترانسيفال. ومنذ ذلك الوقت، لم تسجل أي حادثة إصابة للبشر، وإن احتمال أن يتعرض البشر مباشرةً لكمية كبيرة من الروديوم هو أمر بعيد الحدوث.
بعد إجراء اختبارات على النباتات تبين أن الروديوم هو العنصر الأقل سمية من مجموعة معادن البلاتينيوم، ولم يُختبر على البشر، وذلك بسبب ندرته، ولكن من المعروف أن استنشاقه ضار. يقول بيترسون :«تستخدم طرق أمان معينة عند الطلاء بالروديوم، وذلك بسبب الأبخرة الناتجة عنه، التي تعد ضارة».
الروديوم يزيد من نظافة البيئة وبريق المجوهرات:
هل تعلم أن الروديوم هو االقاسم المشترك بين كلٍ من السيارات، المجوهرات والعلكة؟
تبين أن 80% من الروديوم المنتج عالميًا يستخدم في السيارات بوصفه محولًا مساعدًا على احتراق الغازات، وذلك للحصول على انبعاثات أقل ضررًا بالبيئة.
إن من مميزات الروديوم قدرته الفريدة على تحطيم روابط جزيئات أكسيد النتروز، وتعرف أيضًا بانبعاثات أكاسيد النتروجين؛ هذه الغازات السامة ذات اللون الداكن، التي تنبعث نتيجة احتراق الوقود الأحفوري في السيارات، والشاحنات، ومحركات التوربين، والزوارق، ومحطات توليد الكهرباء، وغيرها العديد من مسببات هذا الضرر الكبير.
ولقد أسهم الروديوم بهذه الميزة في التخفيف إلى حد كبير من ضرر هذه الانبعاثات على أجسادنا وعلى ثقب الأوزون، ويعد أيضًا منشطًا لصنع حمض النتريك وحمض الخليك أو للتفاعلات الهيدروجينية، ويعد عنصرًا أساسيًا في صناعة المنثول لنكهة النعناع في العلكة، ويستخدم طلاءً للعديد من المواد، مثل الألياف والمرايا البصرية والمواد الكهربائية وعاكسات المصابيح، وذلك لمقاومته العالية للتآكل وناقليته الكهربائية.
يفضل البشر استخدام الروديوم، خاصةً في صناعة المجوهرات المتألقة، ويقول بيترسون: «يتوق صانعو المجوهرات إلى إدخال الروديوم في عملية تصنيع المجوهرات، نظرًا إلى بريقه ولونه المشابه للون الفضة فضلًا عن قساوته العالية، وهذه الميزة تزيد من مقاومة المجوهرات للتآكل والخدش»، وأضاف: «يعد مادةً ضعيفة التحسيس، أي أنه آمن للأشخاص الذين يعانون من الحساسية، تجاه المجوهرات المصنوعة من السبائك المعدنية». ولأنه لا يحتوي على أية آثارٍ للنيكل، يستطيع هؤلاء الذين يعانون من الحساسية أن يبقوا مطمئنين على معاصمهم عند ارتداء الأساور المطلاة بالروديوم.
ليس من السهل التعامل مع هذا المعدن النفيس:
إن معدن الروديوم عالي القساوة ودرجة انصهاره عالية جدًا، إذ تبلغ 3565 درجة فهرنهايت، أي 1963 درجة مئوية، وهذا ما جعل من عملية تصنيعه ومعالجته من قبل صانعي المجوهرات صعبة جدًا، صرّح بيترسون: «من الصعب التعامل مع الروديوم بحد ذاته في جميع مجالات صناعة المجوهرات»، وأضاف: «إن استخدامه الأكثر شيوعًا في مجال صناعة المجوهرات، بوصفه طلاءً فوق السبائك المعدنية، إما لحمايتها من التآكل، أو لتحسين لون القطعة».
إن لمعان الروديوم وبريقه ومتانته إيجابيات محدودة لهذا المعدن النادر، ولكن بسبب صعوبة التعامل معه، فإن سماكة الطلاء بالروديوم تكون قليلة وسريعة الزوال.
يضيف بيترسون: «إنه خادع، وبهذا يكون طلاء الروديوم طبقةً سماكتها قليلة، تغلّف المجوهرات، وسيفقد الروديوم مع مرور الوقت قيمته بسبب تكرار الاستعمال».
يميل صانعو المجوهرات إلى استخدام الروديوم على القطع التي لا تتعرض للكثير من الاحتكاك، ولا تُرتدى بكثرة مثل الأقراط والأطواق، ويفضلون إعادة طلاء تلك القطع بالروديوم كل عام أو عامين، ولكن كمية الروديوم المستخدمة في طلاء قطعة المجوهرات قليلة جدًا، وتكلفة هذه العملية معقولة نسبيًا، فطلاء المجوهرات بالروديوم متوفر على الإنترنت، ويتراوح من 300 دولار إلى 5000 دولار، وهذا الفرق في السعر يعود إلى تصميم القطعة، والمعدن الأساسي الذي صنعت منه، ووجود أحجار كريمة فيها، وليس بسبب سعر مادة الروديوم.
بفضل اكتشاف ولاستون للروديوم قبل 200 عام، تمكنا الآن من ارتداء مجوهرات مطلية بأغلى معدن، وقيادة سيارات يدخل أغلى معدن على الأرض في صناعتها.
المصدر: howstuffworks ترجمة: .ibelieveinsci