لا يزال هناك الكثير ليتم اكتشافه حول فتحات أعماق البحار على طول سلسلة التلال العالمية في وسط المحيط، سواء من حيث موقعها أو من حيث خصائصها الجيولوجية والجيوكيميائية والبيولوجية
حقل هائل من الفتحات الحرارية المائية الغامضة في قاع البحر، وتحديدا في الأعماق المظلمة شرق المحيط الهادي. الحقل اكتشفه فريق من الباحثين من جامعة ليهاي (Lehigh University) في الولايات المتحدة، ويقولون عنه إنه الأكثر سخونة والأكبر المكتشف في المنطقة حتى الآن.
ويقع الحقل على بُعد حوالي 200 ميل من ساحل غرب المكسيك، في مكان لم يتوقع العلماء أن يجدوا فيه فتحات حرارية نشطة، ناهيك عن أن يجدوا منظومة كاملة منها، على بُعد مئات الأمتار من محور سلسلة من التلال البركانية.
وتغطي مساحة الحقل ملعب كرة قدم، وتشبه مداخنه الشمعدانات، الواحدة منها بارتفاع مبنى مكون من 3 طوابق في منطقة سلاسل جبلية في قاع المحيط تعرف باسم أعراف شرق المحيط الهادي (East Pacific Rise). وقد نشر الفريق نتائج دراسة الحقل المكتشف في دورية وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم “بناس” (PNAS) بتاريخ 21 يوليو/تموز الجاري.
حقل الفتحات الحرارية المائية يقع على بُعد حوالي 322 كيلومترا من ساحل غرب المكسيك (معهد وودز هول لعلوم المحيطات)
والفتحات المائية الحرارية هي موطن لبعض من أكثر النظم البيئية روعة على وجه الأرض. وهي فتحات تقع في قاع البحر، وتنفث الحرارة والمواد الكيميائية من قشرة كوكبنا، وعادة ما ترتبط بالنشاط البركاني.
أبراج ضخمة في أعماق البحر
ووفقا لما ورد في تقرير على موقع الجامعة فقد أوضح روس بارنيل تورنر عالِم الجيوفيزياء في معهد سكريبس لعلوم المحيطات في كاليفورنيا (Scripps Institution of Oceanography)، والمؤلف المشارك في البحث أن مسوحات قياس الأعماق القريبة من القاع التي أجراها فريق البحث بين عامي 2018 و2021 مع مركبة سينتري Sentry (AUV) ذاتية القيادة تحت الماء التي قدمتها مؤسسة وودز هول لعلوم المحيطات (WHOI)، قد أنتجت خرائط عالية الدقة تظهر خصائص قاع البحر على مساحات صغيرة جدا (متر واحد).
وتمكن الفريق من خلالها من رصد منطقة من الأبراج الضخمة يصل ارتفاعها إلى 3 طوابق على عمق 2560 مترا تحت السطح في ظلام دائم. وقد عثر الفريق خلال هذا المسح على قمم حقل الفتحات الحرارية الضخم الذي يقع على بعد 750 مترا شرق محور التلال المعروف، و5 إلى 7 كيلومترات شمال أقرب فتحات محورية نشطة معروفة سابقا.
الفريق تمكن من رصد منطقة من الأبراج الضخمة يصل ارتفاعها إلى 3 طوابق (معهد وودز هول لعلوم المحيطات)
وقد كشفت عينات من 9 فتحات عن درجات حرارة تبلغ 368 درجة مئوية، مع وجود عناصر تشير إلى درجات حرارة أعلى بحد أدنى 437 درجة مئوية بالنظر إلى نسبة الحديد والمنغنيز المرصودة.
الفتحات المائية خارج المحور وداخله
وقال عالم الجيولوجيا البحرية دانيال فورناري من مؤسسة وودز هول لعلوم المحيطات “لقد أذهلنا أن الحقل لم يكن نشطا فحسب، بل إنه أكبر مساحة وأكثر سخونة في درجة حرارته من أي حقل تنفيس حراري مائي آخر معروف على طول هذا الجزء من ارتفاع شرق المحيط الهادي الذي تمت دراسته على مدار الـ30 عاما الماضية”.
وأوضح ماكديرموت من جامعة ليهاي أن “رسم الخرائط يوفر صورة مفصلة لقاع البحر حتى نتمكن من مراقبة وقياس التغيرات التي تحدث عندما يحدث الانفجار البركاني التالي على طول هذا الجزء من محور ارتفاع شرق المحيط الهادي”.
ويعتقد العلماء أن الفتحات قد تساعد في إعادة تغذية النظم البيئية الحرارية المائية القريبة بعد الانفجارات البركانية. وقد حدث انفجاران بركانيان في ارتفاع شرق المحيط الهادي في العقود الأخيرة إحداهما من 1991 إلى 1992، وأخرى في 2005 إلى 2006 ومن المتوقع أن تحدث انفجارات أخرى في غضون سنوات قليلة.
وقال ماكديرموت “لا يزال هناك الكثير ليتم اكتشافه حول فتحات أعماق البحار على طول سلسلة التلال العالمية في وسط المحيط، سواء من حيث موقعها أو من حيث خصائصها الجيولوجية والجيوكيميائية والبيولوجية”.
وأضاف “آمل أن تحفز دراستنا الجهود البحثية المستقبلية لاستهداف رسم خرائط المناطق الواقعة خارج المحور على طول قمة سلسلة التلال العالمية في وسط المحيط من أجل التحديد الكمي بشكل أفضل لمدى التنفيس الحراري المائي خارج المحور مقابل التنفيس الحراري المائي على المحور”.
المصدر: مواقع الكترونية – الجزيرة