الرئيسية » أقدم كويكب ضرب الأرض كان ضعف حجم الكويكب الذي قضى على الديناصورات

أقدم كويكب ضرب الأرض كان ضعف حجم الكويكب الذي قضى على الديناصورات

لفترات طويلة، ظن العلماء أن الكويكب العملاق الذي ضرب الأرض في نهاية العصر الطباشيري منذ نحو 66 مليون سنة وتسبب في قتل الديناصورات هو أكبر كويكب ضرب الأرض على مدار تاريخها.

ولكن على العكس مما كان العلماء يعتقدون، فربما كان أكبر كويكب عملاق ضرب الأرض هو الكويكب الذي تسبب في حدوث فوهة فريدفورت الصدمية منذ نحو ملياري عام، حسب بيان صحفي أصدرته جامعة روتشستر، ونشر في 22 سبتمبر/أيلول الماضي.

فوهة فريدفورت تآكلت مما جعل من الصعب تقدير حجم الحفرة مباشرة وقت الاصطدام الأصلي (مواقع إلكترونية)

أكبر فوهة تصادم على الأرض

وحسب البيان الصحفي، فمنذ نحو ملياري عام، انطلق جسم فضائي، ويرجح العلماء أنه كان كويكبا، وحسب دراسات سابقة فقد بلغ قطر هذا الجسم الفضائي 15 كيلومترا، وبلغت سرعته 15 كيلومترا في الثانية على الأقل نحو الأرض. ووقع الاصطدام جنوب غرب ما يعرف الآن بجوهانسبرغ في جنوب أفريقيا، ونتجت عنه أكبر فوهة صدمية معروفة في العالم، وبعد الاصطدام اتسعت الحفرة وضحلت مع بدء ارتداد الصخور الموجودة بالأسفل وانهارت الجدران.

وحسب الدراسة الحديثة التي قامت بها جامعة روتشستر، فربما كان هذا الجسم الفضائي أكبر بكثير مما كان يعتقد، وكانت له آثار كارثية على كوكب الأرض، وتوفر هذه الدراسة -التي نشرت في “ذا جورنال أوف جيوفيزيكال ريسيرش” (The Journal of Geophysical Research)- فهمًا أكثر دقة للتأثير الكبير الذي أحدثه ذلك الجسم الفضائي، وتسمح للباحثين في الدراسات القادمة بمحاكاة أحداث التأثير على الأرض والكواكب الأخرى بشكل أفضل.

تقول ناتالي ألين (طالبة دكتوراه في جامعة جونز هوبكنز) إن “فهم هيكل أكبر تأثير لدينا على الأرض أمر بالغ الأهمية”. وتضيف ألين -وهي المؤلفة الأولى للورقة البحثية) أنه بناء على بحث أجرته عندما كانت طالبة جامعية في روتشستر مع الأستاذ المساعد في علوم الأرض والبيئة ميكي ناكاجيما؛ “فيعد الوصول إلى المعلومات التي يوفرها هيكل مثل فوهة فريدفورت فرصة عظيمة لاختبار نموذجنا وفهمنا للأدلة الجيولوجية حتى نتمكن من فهم التأثيرات على الأرض وما وراءها بشكل أفضل”.

تم اختيار فريدفورت موقعا للتراث العالمي لليونسكو كأكبر حدث يقدم دليلا مهما على التاريخ الجيولوجي للأرض (اليونسكو)

عواقب “مدمرة”

على مدار ملياري عام، تآكلت فوهة فريدفورت، مما يجعل من الصعب على العلماء تقدير حجم الحفرة مباشرة وقت الاصطدام الأصلي، وبالتالي حجم الجسم المصادم وسرعته الذي شكل الحفرة.

وحسب البيان الصحفي، فإن أي جسم يبلغ حجمه 15 كيلومترا ويسير بسرعة 15 كيلومترًا في الثانية ينتج فوهة بقطر 172 كيلومترا. ومع ذلك، فإن هذا أصغر بكثير من التقديرات الحالية لحفرة فريدفورت. وتستند هذه التقديرات الحالية إلى أدلة وقياسات جيولوجية جديدة تقدر أن القطر الأصلي للهيكل كان من الممكن أن يتراوح بين 250 و280 كيلومترا عند وقت حدوث الاصطدام.

وأجرى كل من ألين وناكاجيما وزملائهما عمليات محاكاة لمطابقة حجم الجسم المحدث للحفرة، وأظهرت النتائج التي توصلوا إليها أن الجسم المصادم يجب أن يكون أكبر بكثير (نحو 20 إلى 25 كيلومترا) وأن يكون قد اصطدم بسرعة تتراوح بين 15 و20 كيلومترا في الثانية كي يحدث فوهة يبلغ حجمها 250 كيلومترا.

وهذا يعني أن الجسم المصادم الذي شكل فوهة فريدفورت كان أكبر من الكويكب الذي قتل الديناصورات قبل 66 مليون سنة، مشكلا فوهة تشيكسلوب. وإذا كانت فوهة فريدفورت أكبر، وكان التأثير أكثر نشاطا من ذلك الذي شكل فوهة تشيكسلوب، فقد يكون مصادم فريدفورت قد تسبب في عواقب عالمية أكثر كارثية.

ويقول ناكاجيما “على عكس تأثير تشيكسلوب، لم يترك تأثير فريدفورت سجلا للانقراض الجماعي أو حرائق الغابات نظرا لوجود أشكال حياة أحادية الخلية فقط حينئذ، حيث لم تكن هناك أشجار قبل ملياري عام. ومع ذلك، يمكن أن يكون المصادم قد أثر على المناخ العالمي على نطاق أوسع مما أحدثه مصادم تشيكسلوب”.

وتقول ألين إن الغبار والهباء الجوي من تأثير فريدفورت انتشر عبر الكوكب وحجب أشعة الشمس، مما أدى إلى تبريد سطح الأرض، و”يمكن أن يكون لهذا تأثير مدمر على كائنات التمثيل الضوئي. وبعد استقرار الغبار والهباء الجوي -الذي كان من الممكن أن يستغرق وجوده من ساعات إلى عقد من الزمن- وربما كانت غازات الدفيئة مثل ثاني أكسيد الكربون المنبعثة من الاصطدام قد رفعت درجة الحرارة العالمية على الأرجح عدة درجات لفترة طويلة من الزمن”.

على عكس تأثير تشيكسلوب، لم يترك تأثير فريدفورت سجلا للانقراض الجماعي أو حرائق الغابات (غيتي)

نتائج بعيدة المدى لمحاكاة اصطدام فريدفورت

سمحت عمليات المحاكاة أيضا للباحثين بدراسة المادة التي انتثرت نتيجة الاصطدام والمسافة التي قطعتها المادة من الحفرة، ويمكن استخدام هذه المعلومات لتحديد المواقع الجغرافية لكتل اليابسة منذ مليارات السنين.

على سبيل المثال، حددت الأبحاث السابقة أن المواد المقذوفة التي انتثرت نتيجة للاصطدام وصلت إلى كاريليا الحالية في روسيا، وباستخدام نموذجهم، اكتشف الباحثون أنه قبل ملياري سنة كانت الكتلة الأرضية التي تحتوي على كاريليا لا تتجاوز 2000 إلى 2500 كيلومتر في بعدها عن موقع فوهة فريدفورت الصدمية في جنوب أفريقيا، وهي مسافة أقل بكثير من البعد بين المنطقتين اليوم.

تقول ألين “من الصعب للغاية تحديد موقع الكتل الأرضية منذ فترة طويلة”، وأعادت أفضل عمليات المحاكاة الحالية رسم خرائط لتاريخ الكتل الأرضية لما يقرب من مليار سنة فقط، وتزداد أوجه عدم اليقين كلما زاد الزمن عن ذلك في الماضي.

وقد يسمح رسم خرائط لطبقات المادة المقذوفة هذه -الذي بينه الباحثون في الدراسة الحديثة- للباحثين باختبار نماذجهم والمساعدة في استكمال رسم خرائط الكرة الأرضية في ما قبل التاريخ الذي وقفت عنده خرائط الكتل الأرضية السابقة.

 

المصدر: الجزيرة – وكالات